من وجد كنزاً مدفوناً في أرض فماذا يلزمه ؟.
السؤال: 131070
سمعت أن من وجد مالاً أو كنزاً مدفوناً في أرض لبيت قد اشتراه ، أنه عليه التصدق بخمسه ؛ فما صحة هذا الكلام ؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
إذا كان هذا المال أو الكنز عليه علامات تدل على أنه من دفين الجاهلية ، مما قبل
الإسلام ، سواء كان من أموال الروم أو الفرس أو غيرهما ، ففي هذه الحال يلزم
التصدق بخمسه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( فِي الرِّكَازِ : الْخُمْسُ ) رواه
البخاري (1499) .
قال شيخ الإسلام : ” اتفقوا على أنَّ في الركاز الخمس ، كما ثبت ذلك في الحديث
الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والركاز الذي لا ريب فيه : هو دفن الجاهلية ،
وهي الكنوز المدفونة في الأرض “. انتهى ” مجموع الفتاوى” (29/376) .
وقد سبق تفصيل الكلام عن الركاز في جواب السؤال (83746)
.
وأما إذا كان هذا الكنز من دفين المسلمين ، فهو لقطة ، يجب تعريفها والبحث عن
أصحابها عاماً كاملاً ، فإن لم يجد صاحبها ملكها من وجدها ، على أن يردها لصاحبها
إن وجده بعد ذلك.
جاء في “الموسوعة الفقهية” (23/102) : ” لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ
دَفِينَ أَهْل الإْسْلاَمِ لُقَطَةٌ .
وَيُعْرَفُ بِأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ عَلاَمَةُ الإْسْلاَمِ ، أَوِ اسْمُ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَوْ أَحَدُ خُلَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ ، أَوْ
وَالٍ لَهُمْ ، أَوْ آيَةٌ مِنْ قُرْآنٍ ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ .
قَال فِي الْمُغْنِي : وَإِنْ كَانَ عَلَى بَعْضِهِ عَلاَمَةُ الإْسْلاَمِ ،
وَعَلَى بَعْضِهِ عَلاَمَةُ الْكُفْرِ فَكَذَلِكَ ( أَيْ : لُقَطَةٌ ) … ؛ لأِنَّ
الظَّاهِرَ أَنَّهُ صَارَ إِلَى مُسْلِمٍ ، وَلَمْ يُعْلَمْ زَوَالُهُ عَنْ مِلْكِ
الْمُسْلِمِينَ ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ عَلَى جَمِيعِهِ عَلاَمَةُ
الْمُسْلِمِينَ .
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ قَوْل الْحَنَابِلَةِ وَحْدَهُمْ ، بَل
هُوَ قَوْل بَقِيَّةِ الْفُقَهَاءِ أَيْضًا كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلاَمِهِمْ فِي
مَعْرِفَةِ دَفِينِ الْجَاهِلِيَّةِ “.
قال ابن القيم : ” وَمَا لَا عَلَامَةَ عَلَيْهِ فَهُوَ لُقَطَةٌ ، تَغْلِيبًا
لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ “. انتهى “الطرق الحكمية” (1/291)
وللوقوف على أحكام اللقطة ينظر جواب السؤال (5049)
.
ثانياً :
إذا عَثر على الكنز في بيت ، أو أرض قد اشتراها ، أو وُهبت له ، فاختلف العلماء
فيمن يملك الكنز
:
” فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لِلْمَالِكِ الأْوَّل ، أَوْ
لِوَارِثِهِ لَوْ كَانَ حَيًّا ؛ لأِنَّ الْكَنْزَ مُودَعٌ فِي الأْرْضِ ، فَلَمَّا
مَلَكَهَا مَلَكَ مَا فِيهَا ، وَلاَ يَخْرُجُ مَا فِيهَا عَنْ مِلْكِهِ
بِبَيْعِهَا …
وَذَهَبَ الإمام أَحْمَدُ – فِي رِوَايَةٍ – وَأَبُو يُوسُفَ وَبَعْضُ
الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ الرِّكَازَ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْخُمُسِ لِلْمَالِكِ
الأْخِيرِ …؛ لأِنَّ الرِّكَازَ لاَ يُمْلَكُ بِمِلْكِ الأَْرْضِ لأَِنَّهُ
مُودَعٌ فِيهَا ، وَإِنَّمَا يُمْلَكُ بِالظُّهُورِ عَلَيْهِ “. انتهى من “الموسوعة
الفقهية” بتصرف (23/106)
وَقَدْ صَحَّحَ ابن قدامة المقدسي القول الثاني ، ثُمَّ قَال : ” لأِنَّ الرِّكَازَ
لاَ يُمْلَكُ بِمِلْكِ الدَّارِ ؛ لأِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَجْزَائِهَا ، وَإِنَّمَا
هُوَ مُودَعٌ فِيهَا ، فَيُنَزَّل مَنْزِلَةَ الْمُبَاحَاتِ مِنَ الْحَشِيشِ
وَالْحَطَبِ وَالصَّيْدِ يَجِدُهُ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَيَأْخُذُهُ ، فَيَكُونُ
أَحَقَّ بِهِ “. انتهى ” المغني” (2/327) .
وهذا هو ـ أيضا ـ ما يميل إليه الشيخ ابن عثيمين ، حيث قال رحمه الله : ” الظاهر في
هذه المسألة أن يكون لمن وجده …؛ وذلك لأنه منفصل عن الأرض فلا يدخل في ملكها ،
فيكون ملكاً لواجده ، كما لو وجد فيها كمأة أو شيئاً يخرج من الأرض فهو لواجده ” .
انتهى من تعليقه على كتاب “الكافي” (3/108) .
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة