شركة التأمين تطالبه أن يشهد على الحادث الذي رآه لتعوض المتضرر
السؤال: 131731
وأنا مار في الطريق شاهدت حادث سيّارة ، والآن شركة التأمين تطالبني أن أدلي بما رأيت لكي يصرفوا للمتضرر مبلغاً من الأقساط الناتجة من الدفعة الشهرية له ، هل شهادتي حرام لما في التأمين من ربا ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
التأمين التجاري محرم بجميع صوره لقيامه على الربا والميسر ، وقد سبق بيان هذا في
جواب السؤال رقم (8889)
.
ثانياً :
لا
حرج عليك في الإدلاء بشهادتك التي يترتب عليها معرفة الحادث والوقوف على الجاني
والمجني عليه وما يتصل بذلك ؛ لأنها شهادة يتوصل بها إلى تحقيق العدل ورفع الضرر ،
بل يلزمك ذلك إذا لم يكن ثمة شاهدان غيرك ، لقوله تعالى : (وَلَا تَكْتُمُوا
الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا
تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) البقرة/283 .
قال
ابن قدامة رحمه الله : ” وتحمّل الشهادة وأداؤها فرض على الكفاية ; لقول الله تعالى
: (وَلَا
يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا)
، وقال تعالى : (وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ
وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ)
. وإنما خص القلب بالإثم ; لأنه موضع العلم بها , ولأن الشهادة أمانة , فلزم أداؤها
, كسائر الأمانات . إذا ثبت هذا , فإن دعي إلى تحمل شهادة في نكاح أو دين أو غيره ,
لزمته الإجابة . وإن كانت عنده شهادة فدعي إلى أدائها لزمه ذلك , فإن قام بالفرض في
التحمل أو الأداء اثنان , سقط عن الجميع , وإن امتنع الكل أثموا , وإنما يأثم
الممتنع إذا لم يكن عليه ضرر , وكانت شهادته تنفع , فإن كان عليه ضرر في التحمل أو
الأداء , أو كان ممن لا تقبل شهادته , أو يحتاج إلى التبذل في التزكية ونحوها , لم
يلزمه ; لقول الله تعالى : (وَلَا
يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ)
. وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ضرر ولا ضرار ) . ولأنه لا يلزمه أن يضر
بنفسه لنفع غيره . وإذا كان ممن لا تقبل شهادته , لم يجب عليه ; لأن مقصود الشهادة
لا يحصل منه .
وهل
يأثم بالامتناع إذا وجد غيرُه ممن يقوم مقامه ؟ فيه وجهان : أحدهما , يأثم ; لأنه
قد تعيّن بدعائه , ولأنه منهي عن الامتناع بقوله : (وَلَا
يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا)
.
والثاني , لا يأثم ; لأن غيره يقوم مقامه , فلم يتعين في حقه , كما لو لم يدع إليها
” انتهى من “المغني” (10/154).
ولا
يضرك دخول شركة التأمين في القضية والتزامها بتعويض المتضرر ، فإن المخطئ يلزمه
التعويض ، والمجني عليه يستحق ذلك ، ولا حرج عليه أن يأخذ التعويض من الجاني أو ممن
التزم بالدفع عنه كشركة التأمين ، فشهادتك هي لإثبات أصل الحق ، ومعرفة الجاني من
المجني عليه ، وصفة الجناية إن أمكن .
والواجب أداء هذه الشهادة بالعدل ، دون ميل لأحد المتخاصمين ، كما قال تعالى : (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ
وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ
أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
) المائدة/8 .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة