يعملون في جمعية خيرية ويشاركونها في أموالها بنسبة من الأرباح
السؤال: 132774
أرجو منكم إفادتي بما يأتي :
فريق من الإخوة قاموا بجمع التبرعات من الناس لجمعية معينة ، وخيراتها ، وتكون إدارة الجلسات ، وإعدادها ، وإخراج الإعلانات ، والمالية ، كلها من قبَل ذلك الفريق – كبيع مقاعد للمحاضرات الدينية مثلا – ، وسيكون توزيع الربح من الأموال المجموعة كالتالي : 50 % من الربح لإدارة الجلسات ، و 30 % منه للفريق ، و 20 % للجمعية ، وإذا تمكن الفريق من بيع المقاعد ، أو الكراسي المبينة أعلاه : فستكون 50 % من التبرعات تعطى للجمعية ، أو الفريق ، على حسب عدد المقاعد ، أو الكراسي المباعة ! هل هذا التعامل جائز شرعاً لأن التبرعات التي تجمع من الحضور أو المشترين من أجل خيرات الجمعية ؟ .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
من
أجلّ الطاعات وأنفعها للعبد : الاشتغال بالدعوة ، والتعليم ، ونشر للخير بين الناس
، كما قال الله تعالى : (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ
وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فصلت/ 33 .
قال
ابن كثير رحمه الله :
وهذه عامة في كل من دعا إلى خير ، وهو في نفسه مهتدٍ .
”
تفسير ابن كثير ” ( 7 / 179 ) .
فإقامة هذه الجمعيات وسيلة من الوسائل التي تحقق مقاصد الشريعة الإسلامية ، من
رعاية الفقراء ، والمحتاجين ، ودعوة ، وتعليم ، وتحفيظ لكتاب الله ، وما شابه ذلك .
وحتى يتم الأجر والثواب على أكمل وجه – بإذن الله – لا بد أن يكون العمل خالصاً لله
، كما قال الله تعالى : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ
أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ
ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيماً) النساء/
114 .
قال
الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تفسير الآية :
ينبغي للعبد أن يقصد وجه الله تعالى ، ويخلص العمل لله في كل وقت , وفي كل جزء من
أجزاء الخير ؛ ليحصل له بذلك الأجر العظيم ، وليتعود الإخلاص ، فيكون من المخلِصين
، وليتم له الأجر .
“تفسير السعدي” (ص 202) .
ومما يعين على الإخلاص ، ويصحح النية : أن تكون الأعمال الخيرية ليست مقصداً لربح
مادي ، أو معنوي ، للقائمين عليه ، بل تكون الغاية – أولاً ، وأخيراً – الأجر ،
والثواب من الله .
ولعل نجاح كثير من الأعمال الخيرية القائمة الآن ، سببه : البعد عن المقصد المادي ،
والربح الدنيوي ، ولعل – كذلك – من أسباب فشل كثير من المشاريع الخيرية : دخول حظ
النفس الدنيوي , والذي يترتب عليه فشل المشروع , بل والشحناء ، والبغضاء بين
القائمين عليه .
ثانياً:
القائمون على هذه الجمعيات هم أمناء على ما يجمعونه من تبرعات وأموال لهذه الجمعيات
، فلا يجوز لهم التصرف في هذه الأموال إلا فيما حدده المتبرع بهذا المال ، فإذا
جعله في الصدقة على الفقراء أو تعليم العلم وجب إنفاقه فيما حدده .
وقد
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
رجل
فقير يأخذ الزكاة من صاحبه الغني بحجة أنه سيوزعها ، ثم يأخذها هو ، فما الحكم في
هذا العمل؟
فأجاب :
“هذا محرَّم عليه ، وهو خلاف الأمانة ؛ لأن صاحبه يعطيه على أنه وكيل ، يدفعه لغيره
، وهو يأخذه لنفسه ، وقد ذكر أهل العلم : أن الوكيل لا يجوز أن يتصرف فيما وُكِّل
فيه لنفسه ، وعلى هذا : فإن الواجب على هذا الشخص أن يبيِّن لصاحبه : أن ما كان
يأخذه من قبْل كان يصرفه لنفسه ، فإن أجازه : فذاك ، وإن لم يُجزْه : فإن عليه
الضمان – أي : يضمن ما أخذ لنفسه – ليؤدي به الزكاة عن صاحبه” انتهى .
“مجموع فتاوى الشيخ العثيمين” (18/202) .
وانظر جواب السؤال رقم : (49899)
.
وعلى هذا ؛ فلا يجوز للقائمين على هذه الجمعية أن يستفيدوا مما يدفعه الناس من
صدقات ، وزكوات وتبرعات للجمعية لتحقيق نفع وربح مادي خاصٍّ بهم ، ثم إنهم قد
بالغوا في نسبة المشاركة حتى جعلوا حصتهم 80 % فكيف يكون هذا مباحاً ؟ والأموال
التي بين أيديهم هي من تبرعات الناس للجمعية الخيرية ، لا لهم .
فالواجب على القائمين على هذه الجمعية أن ينفقوا أموال المتبرعين فيما حدده
المتبرعون .
والنصيحة لهم : أن يتعففوا عن هذا المال , وأن يقتصر أخذهم على الحد الأدنى من
الحاجات الضرورية من مصاريف لإنجاح هذا العمل الخيري , وأن يُجعل الربح الحاصل في
أعمال ومشاريع الجمعية الخيرية .
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة