حكم الاستعاذة من عذاب جهنم وعذاب القبر قبل التسليم من الصلاة
السؤال: 133016
هل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والاستعاذة من عذاب القبر ، وعذاب جهنم ، وفتنة المحيا والممات ، وفتنة المسيح الدجال واجبة في هذا التشهد أم سنَّة ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
روى مسلم ( 588 ) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم : ( إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ
، يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ ، وَمِنْ
عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ ، وَمِنْ شَرِّ
فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ) .
وفي رواية عند مسلم ( 590 )
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعَلِّمُهُمْ
هَذَا الدُّعَاءَ كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ : (
قُولُوا : اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَأَعُوذُ بِكَ
مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ
وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ ) .
قَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ : بَلَغَنِي أَنَّ طَاوُسًا قَالَ لاِبْنِهِ :
أَدَعَوْتَ بِهَا فِي صَلاَتِكَ ؟ فَقَالَ : لاَ ، قَالَ : ” أَعِدْ صَلاَتَكَ ” ؛
لأَنَّ طَاوُسًا رَوَاهُ عَنْ ثَلاَثَةٍ ، أَوْ أَرْبَعَةٍ ، أَوْ كَمَا قَالَ .
انتهى
وقد اختلف العلماء في حكم هذه الاستعاذة ، فذهب جمهورهم إلى استحبابها ، وذهبت
طائفة منهم إلى وجوبها .
قال النووي – رحمه الله – :
وإن طاوسا رحمه الله تعالى أمر ابنه حين لم يدع بهذا الدعاء فيها بإعادة الصلاة ،
هذا كله يدل على تأكيد هذا الدعاء ، والتعوذ ، والحث الشديد عليه , وظاهر كلام طاوس
رحمه الله تعالى أنه حمل الأمر به على الوجوب ، فأوجب إعادة الصلاة لفواته ,
وجمهور العلماء على أنه مستحب ، ليس بواجب .
” شرح النووي ” ( 5 / 89 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :
بل قد ذهب طائفة من السلف ، والخلف ، إلى أن الدعاء في آخرها واجب ، وأوجبوا الدعاء
الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم آخر الصلاة بقوله : ( إذا تشهد أحدكم فليستعذ
بالله من أربع : من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة
المسيح الدجال ) رواه مسلم ، وغيره ، وكان طاووس يأمر من لم يدع به أن يعيد الصلاة
، وهو قول بعض أصحاب أحمد .
” مجموع الفتاوى ” ( 22 / 518 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – :
وفي التعوّذ من هذه الأربع قولان :
القول الأول : أنه واجب ، وهو رواية عن الإمام أحمد ؛ لما يلي :
1. لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بها .
2. ولشدَّة خطرها ، وعِظَمها .
والقول الثاني : أنه سُنَّة ، وبه قال جمهور العلماء .
ولا شَكَّ أنه لا ينبغي الإخلالُ بها ، فإن أخلَّ بها : فهو على خَطَرٍ من أمرين :
1. الإثم .
2. ألا تصح صلاته ، ولهذا كان بعضُ السَّلف يأمر مَنْ لم يتعوَّذ منها بإعادة
الصَّلاة .
” الشرح الممتع ” ( 3 / 199 ، 200 ) .
والأرجح هو قول الجمهور
، ويُحمل فعل طاوس رحمه الله – إن صح عنه – على توكيد هذا الاستحباب ؛ حيث إن أمره
بالإعادة كان لابنه في سياق تعليمه ، لا لعامة المصلين ، وهو احتمال ذكره أبو
العباس القرطبي ، وارتضاه جمع من الأئمة ، حيث قال :
” ويحتمل : أن يكون ذلك إنما أمره بالإعادة تغليظًا عليه ؛ لئلا يتهاون بتلك
الدعوات ، فيتركها ، فيُحْرَم فائدتها ، وثوابها .
انتهى من ” المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ” ( 2 / 209 ) .
ثم إن الأصل في الأدعية في الصلاة وغيرها : أنها للاستحباب ، والإرشاد ، إلا أن تدل
قرينة قوية على الوجوب .
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟