هل تلبس الحجاب أمام أخي زوجها المريض عقلياً؟
السؤال: 133194
إنني أعيش مع عائلة مشتركة تتكون من زوجي ووالديه وأخويه والذي يعاني أحدهما من تأخر في النمو العقلي ، وهو لا يعمل ولا يشارك في أية أنشطة معقدة بل يقضي معظم الوقت في البيت ، وأنا أدرك أن زوجي وأخاه يتوجب عليهما مراعاته لبقية حياته .
وسؤالي : هو هل يجب علي أن ارتدى كامل ملابسي أمام هذا الأخ المريض أم لا ؟ وهل يمكنكم إخباري بالأحكام العامة والحدود الإسلامية التي يجب مراعاتها عند العيش مع عائلة مشتركة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
يجب
على المرأة ستر جميع بدنها عن الرجال الأجانب ، ويدخل في ذلك الوجه والكفان على
الراجح من قولي العلماء ، وينظر : سؤال رقم (11774)
.
وإخوان الزوج وأقاربه – غير آبائه وأبنائه – هم أجانب عنها ، يلزمها الستر أمامهم ،
بل يتأكد ذلك ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إِيَّاكُمْ وَالدُّخولَ عَلَى
النِّسَاءِ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ الله ، أَفَرَأَيْتَ
الْحَمْوَ ؟ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ) رواه البخاري (5232) ومسلم (2172) .
قال
الليث بن سعد : الحمو : أخ الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج ، ابن العم ونحوه .
قال
النووي رحمه الله في “شرح مسلم” : ” وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ (الْحَمو الْمَوْت) فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْخَوْف مِنْهُ أَكْثَر مِنْ
غَيْره , وَالشَّرّ يُتَوَقَّع مِنْهُ , وَالْفِتْنَة أَكْثَر لِتَمَكُّنِهِ مِنْ
الْوُصُول إِلَى الْمَرْأَة وَالْخَلْوَة مِنْ غَيْر أَنْ يُنْكِر عَلَيْهِ ,
بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيّ . وَالْمُرَاد بِالْحَمْوِ هُنَا أَقَارِب الزَّوْج غَيْر
آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ . فَأَمَّا الْآبَاء وَالْأَبْنَاء فَمَحَارِم لِزَوْجَتِهِ
تَجُوز لَهُمْ الْخَلْوَة بِهَا , وَلَا يُوصَفُونَ بِالْمَوْتِ , وَإِنَّمَا
الْمُرَاد الْأَخ , وَابْن الْأَخ , وَالْعَمّ , وَابْنه , وَنَحْوهمْ مِمَّنْ
لَيْسَ بِمَحْرَمٍ . وَعَادَة النَّاس الْمُسَاهَلَة فِيهِ , وَيَخْلُو بِامْرَأَةِ
أَخِيهِ , فَهَذَا هُوَ الْمَوْت , وَهُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ الْأَجْنَبِيّ
لِمَا ذَكَرْنَاهُ ” انتهى .
وعليه ؛ فإذا كنت تعيشين مع عائلة زوجك فإن عليك ارتداء الحجاب أمام إخوانه
وأبنائهم ، مع تجنب الخلوة بواحد منهم ، وتجنب استعمال الطيب في وجودهم .
وليس لك أن تصافحي من هو أجنبي عنك ، ولك أن تتحدثي إليهم عند الحاجة دون خضوع
بالقول ، كما قال تعالى : (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي
قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) الأحزاب/32 .
ثانياً :
إذا
كان أخو الزوج مصاباً بتأخر عقلي بحيث لا يدرك أمور النساء ولا يميل إليهن وليست له
شهوة ، فإنه يكون من (غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ) فتكشف المرأة
أمامه ما تكشفه لمحارمها ، وهو ما يظهر منها غالباً كالرأس والوجه والذراعين
والقدمين .
وإن
كان يفطن لأمور النساء ويميل إليهن ، فهو كغيره من الرجال ، يلزم التحجب أمامه .
قال
ابن قدامة رحمه الله : ” ومن ذهبت شهوته من الرجال لكِبَر ، أو عُنّةٍ ، أو مرض لا
يُرجى برؤه ، والخصيّ .. ، والمخنث الذي لا شهوة له ، فحكمه حكم ذوي المحرم في
النظر ، لقوله تعالى : (أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ) ، أي : غير
أولي الحاجة إلى النساء ، وقال ابن عباس : هو الذي لا تستحي منه النساء ، وعنه :
هو المخنث الذي لا يكون عنده انتشار [ أي مقدرة على الانتصاب ] .
وعن
مجاهد وقتادة : الذي لا أرب له في النساء .
فإن
كان المخنث ذا شهوة ويعرف أمر النساء فحكمه حكم غيره ، لأن عائشة قالت : دخل على
أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مخنث فكانوا يعدونه من غير أولي الإربة من الرجال
فدخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينعت امرأة ، أنها إذا أقبلت أقبلت بأربع
، وإذا أدبرت أدبرت بثمان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (ألا أرى هذا يعلم ما
ههنا ، لا يدخلنّ عليكم هذا) فحجبوه” انتهى من “المغني” (7/463) .
وسئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله : الشخص المتخلف عقلياً البالغ هل يجب على النساء
أن يتحجبن عنه؟
فأجاب :
“إذا كان التخلف شديداً ، بحيث لا يعقل ولا يفهم ، ولا يدرك المعاني وليس له الشهوة
التي تبعثه إلى النظر واللمس ونحو ذلك ، ولا همة له نحو النساء ، بل هو كالطفل أو
أقل حالة ، فلا حاجة إلى التحجب عنه ، ويدخل في قوله تعالى : (أَوْ التَّابِعِينَ
غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ) النور/31 . أما إذا كان يعقل بعض هذه
الأشياء ، وله ميل إلى النساء ، ويظهر من كلامه أنه يحس بشهوة ، فلا يمكن من دخوله
على النساء ، ويلزمهن التحجب عنه ، لقصة ذلك المخنث الذي قال لأخي أم سلمة : إذا
فتحتم الطائف فإني سأدلك على ابنة غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان ، فقال النبي
صلى الله عليه وسلم : (أرى هذا يعرف ما ها هنا لا يدخل عليكن) رواه البخاري وغيره ،
والله أعلم” انتهى من “فتاوى الشيخ ابن جبرين” .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة