نحن مشرفات في إحدى المنتديات الإسلامية المختلطة ، وفي ردنا للأخوات ، سواء كان الرد عاديّاً ، أو كان في مجال الإقناع ، والمناقشة : نستخدم في الرد هذه العبارات ” يا غالية ” ، ” غاليتي ” ، بالإضافة إلى التعقيب ، والدعاء ، والسبب في هذا من وجهة نظرنا : احتواء الأخوات ، والأخذ بأيديهن لطريق الخير ، والاستقامة ، فلئن نحتويهن نحن الأخوات الموثوق فينا ولله الحمد : أفضل من أن يؤثر عليهن الرجال بألفاظهم المزخرفة , وقد نجحنا ولله الحمد في هذا كثيراً ، وأما في ردودنا للرجال : فتكون خالية من هذه الألفاظ تماماً ، بل يكون الرد بصيغة الجمع بُعداً عن الفتن ، وانتُقدتُ من بعض الأخوات الفاضلات بأن الرجال يرون هذه الألفاظ ، فينبغي تجنبها حتى لا يفتتن الرجال بها ، فانقسمنا ما بين مؤيد ، ومعارض .. فقلنا : الحل في هذا أن نستفتي ، فإن كان فيه محذور شرعي : فسمعنا ، وأطعنا ، وإن كان غير ذلك : فالأمر في هذا واسع ، فما رأيكم في هذا ؟ وما نصيحتكم لنا تجاه الأخوات ؟ .
مخاطبة الأخوات لبعضهن في المنتديات بقول \” غالية \” و \” غاليتي \” وما يشبهها
السؤال: 133517
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
الدعوة إلى الله تعالى من أعظم الأعمال التي يحبها الله من عباده ، كما قال تعالى : (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) فصلت/ 33 .
وطرق الدعوة متنوعة ، ومنها الدعوة من خلال الإنترنت , وقد نفع الله تعالى بها كثيراً ، ومن التزم بالضوابط الشرعية ، ونظَّم وقته : استفاد ، وأفاد ، ومن تهاون في الضوابط ، وأوغل في الدخول على هذه الشبكة العالمية : لم يسلم من فتنها الكثيرة ، والمتنوعة ، فلذا ونحن نشجعكنَّ على دعوة النساء : نوصيكنَّ بأنفسكنَّ خيراً ، وأن تعملن وفق منظومة واحدة ، ومجموعة متحدة ؛ لتحافظن على أنفسكن من فتن تلك الشبكة ، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية .
ثانياً:
استعمال الكلمة الطيبة في مخاطبة الآخرين : من أخلاق الإسلام العظيمة ، وخاصة إن كان ذلك الاستعمال في الدعوة إلى الله ، كما قال تعالى : ( وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) الإسراء/ 53 .
قال ابن كثير – رحمه الله – :
“يأمر تعالى رسولَه صلى الله عليه وسلم أن يأمر عبادَ الله المؤمنين : أن يقولوا في مخاطباتهم ، ومحاوراتهم ، الكلام الأحسن ، والكلمة الطيبة” .
” تفسير ابن كثير ” ( 5 / 87 ) .
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ ) .
رواه البخاري ( 2734 ) ومسلم ( 1009 ) .
ومن شأن الإغلاظ في القول أن ينفِّر الداعية عنه ، وعن دعوته ، كما قال تعالى : ( وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) آل عمران/ 159 .
قال ابن كثير – رحمه الله :
“أي : لو كنت سيِّئَ الكلام ، قاسي القلب عليهم : لانفضوا عنك ، وتركوك ، ولكنَّ الله جمعهم عليك ، وألاَنَ جانبك لهم ؛ تأليفاً لقلوبهم ، كما قال عبد الله بن عمرو : إنه رأى صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتب المتقدمة : أنه ليس بفَظٍّ ، ولا غليظ ، ولا سَخّاب في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويصفح “.
” تفسير ابن كثير ” ( 2 / 148 ) .
ثالثاً:
من الأحكام الشرعية المقررة في الشرع المطهر : عدم خضوع المرأة بالكلام ، ووجوب اجتناب كل ما يجر إلى الفتنة ، كما قال تعالى : ( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا ) الأحزاب/ 3 2 .
قال القرطبي – رحمه الله – :
“أمرهن الله أن يكون قولهن جزلاً ، وكلامهن فصلاً ، ولا يكون على وجه يظهر في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللين ، كما كانت الحال عليه في نساء العرب من مكالمة الرجال بترخيم الصوت ولينه ، مثل كلام المريبات ، والمومسات ، فنهاهن عن مثل هذا “.
” تفسير القرطبي ” ( 14 / 177 , 178 ) .
وحيث إن ما تكتبه الأخوات في هذا المنتدى يطلع عليه الرجال، فينبغي تجنب الكلمات التي فيها خضوع والتي تدعو للفتنة، ويمكن تقسيم الكلام المخاطب به أولئك الأخوات إلى ثلاث درجات :::::: ::::: :::::: ::::: ::::: ::::: :::::::: ::::: ::::::: :::::::: :
الأولى : كلمات ممنوع كتابتها ؛ لما فيها من الخضوع ، واللين ، في محضر الرجال ، كقول ” حبيبتي ” ، و ” قلبي ” ، وما يشبه ذلك .
والثانية : كلمات جائز كتابتها ، كقول ” جزاك الله خيراً ” ، و ” وفقك ربي ” ، وما يشبه ذلك من الأدعية ، وقول ” أختي ” ، و ” صديقتي ” ، وما يشبه ذلك من الكلمات .
والثالثة : كلمات بين المرتبتين ، كقول ” عزيزة ” ، و ” عزيزتي ” ، و ” غالية ” ، و ” غاليتي ” ، والذي يظهر جوازها.
والتأكيد على الاحتياط في الألفاظ : إنما هو بسبب وجود مرضى في عالم الأشباح – عالم الإنترنت – ، حتى إنهم ليتعلقون بأحبال الأوهام ، ويركضون خلف السراب ، ولو كان المنتدى خاصا بالنساء لما احتجتنا لهذا كله .
والنصيحة للأخوات أن يتقين الله تعالى ، وأن يحرصن على اجتناب كل ما يجر إلى الفتنة من قول ، أو فعل , وأن يتعاونَّ على الخير , والطاعة ، ونشر العلم , والله هو الموفق للصواب .
وينظر أجوبة الأسئلة : ( 34841 ) و (82196 ) و (102418 ) و (32693 ) .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة