حكم زيارة المعابد والمقابر الفرعونية وحكم الصلاة فيهما
السؤال: 133992
هل يجوز زيارة المعابد ، والمقابر الفرعونية ، وما شابه ذلك ؟ وهل لو خفت أن ينقضي وقت الصلاة : أؤديها في هذه الأماكن ؟ .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
زيارة المقابر قسمان : شرعية ، وبدعية ، فالشرعية : هي التي يراد منها نفع الميت
بالدعاء ، والاستغفار له ، وهذه خاصة للمسلم .
ويدخل في الزيارة الشرعية : الزيارة بقصد تذكر الموت ، والآخرة , وهذه تكون عامة
لقبر المسلم ، والكافر .
قال
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
فالزيارة الشرعية : أن يكون مقصود الزائر : الدعاء للميت ، كما يقصد بالصلاة على
جنازته الدعاء له ؛ فالقيام على قبره : من جنس الصلاة عليه , قال الله تعالى في
المنافقين : (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُم مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى
قَبْرِهِ) التوبة/84 ، فنهى نبيَّه عن الصلاة عليهم ، والقيام على قبورهم ؛ لأنهم
كفروا بالله ، ورسوله ، وماتوا وهم كافرون ، فلما نهى عن هذا , وهذا ؛ لأجل هذه
العلة – وهي الكفر – : دلَّ ذلك على انتفاء هذا النهى عند انتفاء هذه العلة ، ودلَّ
تخصيصهم بالنهي على أن غيرهم يصلَّى عليه ، ويقام على قبره ، إذ لو كان هذا غير
مشروع في حق أحد : لم يُخَصوا بالنهى , ولم يعلَّل ذلك بكفرهم , ولهذا كانت الصلاة
على الموتى من المؤمنين ، والقيام على قبورهم : من السنَّة المتواترة ، فكان النبي
صلى الله عليه وسلم يصلي على موتى المسلمين ، وشرع ذلك لأمته ، وكان إذا دُفن الرجل
من أمته : يقوم على قبره ، ويقول : (سَلُوا لَهُ التَّثْبيتَ فإنَّهُ الآنَ
يُسْأَلُ) رواه أبو داود وغيره ، وكان يزور قبور أهل البقيع ، والشهداء بـ “أُحُد”
، ويعلّم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقول أحدهم : (السلام عليكم أهل الديار من
المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله تعالى بكم لاحقون ، ويرحم الله المستقدمين منا
ومنكم والمستأخرين ، نسأل الله لنا ولكم العافية ، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا
تفتنَّا بعدهم) .
وفى
صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم خَرَجَ إِلَى الْمَقْبُرَةِ فَقَالَ : (السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ
مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاَحِقُونَ) ، والأحاديث في ذلك
صحيحة ، معروفة .
فهذه الزيارة لقبور المؤمنين : مقصودها الدعاء لهم .
وهذه غير الزيارة المشتركة التي تجوز في قبور الكفار ، كما ثبت في صحيح مسلم ، وأبي
داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : زَارَ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ
فَقَالَ : (اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لي ،
وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي ، فَزُورُوا الْقُبُورَ
، فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُم الْآَخرَةَ) ، فهذه الزيارة التي تنفع في تذكير الموت :
تُشرع ولو كان المقبور كافراً ، بخلاف الزيارة التي يقصد بها الدعاء للميت ، فتلك
لا تشرع إلا في حق المؤمنين .
وأما الزيارة البدعية : فهي التي يُقصد بها أن يُطلب من الميت الحوائج ، أو يطلب
منه الدعاء ، والشفاعة ، أو يقصد الدعاء عند قبره ؛ لظن القاصد أن ذلك أجوب للدعاء
، فالزيارة على هذه الوجوه كلها مبتدعة لم يشرعها النبي صلى الله عليه وسلم , ولا
فعلها الصحابة” انتهى .
“مجموع الفتاوى” (1/165 ، 166) .
ويجب أن يعلم أن زيارة القبور المشروعة يشترط لها أن لا يصحبها السفر إلى هذه
القبور .
فإن
السفر من أجل زيارة القبور محرم ، سواء قبور المسلمين أم قبور المشركين .
قال
علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
“لا
يجوز شد الرحال لزيارة قبور الأنبياء ، والصالحين ، وغيرهم ، بل هو بدعة ، والأصل
في ذلك : قوله صلى الله عليه وسلم : (لاَ تُشَدُّ الرّحَالُ إلاَّ إلى ثَلاَثة
مَسَاجد : المَسْجد الحَرَام وَمسْجدي هذا ، والمسجد الأقصى) – رواه البخاري ومسلم
– .
وقال صلى الله عليه وسلم : (مَنْ عَملَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيه أَمْرُنا فَهُوَ
رَدٌّ) – رواه البخاري تعليقاً ، ومسلم – .
وأما زيارتهم دون شد رحال : فسنَّة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (زُورُوا القبُورَ
فَإنَّهَا تُذَّكرُكُم الآخرَةَ) رواه مسلم في صحيحه” انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ،
الشيخ عبد الله بن قعود .
“فتاوى اللجنة الدائمة” (1/431) .
ثانياً :
المقابر ليست محلاًّ للصلاة ، سواءً أكانت مقابر للمسلمين – إلا ما استثناه الشرع
وهو صلاة الجنازة – أو مقابر للمشركين من باب أولى .
ومن
أدى صلاة فرض ، أو نافلة في مقبرة : فصلاته باطلة .
قال
علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
“لا
تصح الصلاة في المقابر ، فمَن أدى صلاة فيها : فهي باطلة ، يجب عليه إعادتها ؛ وذلك
للأحاديث المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن اتخاذ القبور مساجد ،
إلا صلاة الجنازة ، فلا بأس بها في المقبرة” انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ
عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ بكر أبو زيد .
”
فتاوى اللجنة الدائمة ” المجموعة الثانية ( 5 / 252 ، 253 ) .
وينظر في ذلك جواب السؤال رقم : (13490)
.
ثالثاً :
أما
معابد المشركين : فلا يجوز قصدها للزيارة .
قال
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
“وأما
زيارة معابد الكفار مثل : الموضع المسمّى بالقمامة ! أو بيت لحم ، أو صهيون ، أو
غير ذلك ، مثل كنائس النصارى : فمنهيٌّ عنها ، فمَن زار مكاناً من هذه الأمكنة
معتقداً أن زيارته مستحبة ، والعبادة فيه أفضل من العبادة في بيته : فهو ضالٌّ ،
خارج عن شريعة الإسلام ، يُستتاب ، فإن تاب : وإلا قتل , وأما إذا دخلها الإنسان
لحاجة ، وعرضت له الصلاة فيها : فللعلماء فيها ثلاثة أقوال …” انتهى .
“مجموع الفتاوى” (27/14) .
وقد
صحَّ عن عمر رضي الله عنه قولُه : (لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم ، ومعابدهم ؛
فإن السخطة تنزل عليهم) .
رواه عبد الرزاق (1/411) وابن أبي شيبة (6/208) .
وأما حكم الصلاة فيها : فجائز ، بشرطين :
أ.
عدم قصد الصلاة فيها ، وإنما دخلها لحاجة فعرضت لها الصلاة ، كما مرَّ في كلام شيخ
الإسلام رحمه الله آنفاً .
ب.
وبشرط عدم وجود الصور ، والتماثيل .
وقد
بوَّب الإمام البخاري رحمه الله قي صحيحه :
”
باب
الصَّلاَةِ فِي الْبِيعَةِ ” ، وقال :
وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه : (إِنَّا لاَ نَدْخُلُ كَنَائِسَكُمْ مِنْ أَجْلِ
التَّمَاثِيلِ الَّتِي فِيهَا الصُّوَرَ) ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُصَلِّي فِي
الْبِيعَةِ إِلاَّ بِيعَةً فِيهَا تَمَاثِيلُ . انتهى .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : هل الصلاة في البيَع والكنائس جائزة مع
وجود الصور أم لا ؟ وهل يقال : إنها بيوت الله أم لا ؟ .
فأجاب :
“ليست بيوت الله , وإنما بيوت الله : المساجد , بل هي بيوت يُكفر فيها بالله ، وإن
كان قد يُذكر فيها , فالبيوت بمنزلة أهلها , وأهلها كفار , فهي بيوت عبادة الكفار .
وأما الصلاة فيها : ففيها ثلاثة أقوال للعلماء في مذهب أحمد ، وغيره : المنع مطلقاً
; وهو قول مالك ، والإذن مطلقا ، وهو قول بعض أصحاب أحمد ، والثالث : وهو الصحيح
المأثور عن عمر بن الخطاب وغيره , وهو منصوص عن أحمد ، وغيره , أنه إن كان فيها صور
: لم يصلّ فيها ; لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة – متفق عليه – , ولأن النبي
صلى الله عليه وسلم لم يدخل الكعبة حتى مُحي ما فيها من الصور – رواه أبو داود
بإسناد صحيح – , وكذلك قال عمر : إنا كنا لا ندخل كنائسهم والصور فيها” انتهى .
“مجموع الفتاوى” (2/156) .
رابعاً:
مما
هو معلوم أن هذه الأماكن الأثرية قد تكون أماكن عذاب ، ولعنة , وقد حذر النبي صلى
الله عليه وسلم من قصد أماكن المعذَّبين للزيارة ، أو النزهة .
فعن
ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا
مَرَّ بِالْحِجْرِ قَالَ : (لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا
أَنْفُسَهُمْ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ
ثُمَّ تَقَنَّعَ بِرِدَائِهِ وَهُوَ عَلَى الرَّحْلِ) رواه البخاري (423) ومسلم
(2980) .
قال
النووي رحمه الله :
“فِيهِ : الْحَثّ عَلَى الْمُرَاقَبَة عِنْد الْمُرُور بِدِيَارِ الظَّالِمِينَ ,
وَمَوَاضِع الْعَذَاب ……… , فَيَنْبَغِي لِلْمَارِّ فِي مِثْل هَذِهِ
الْمَوَاضِع الْمُرَاقَبَة ، وَالْخَوْف ، وَالْبُكَاء , وَالِاعْتِبَار بِهِمْ ،
وَبِمَصَارِعِهِمْ , وَأَنْ يَسْتَعِيذ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ” انتهى .
“شرح مسلم” (18/111) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
وهذا يتناول مساكن “ثمود” ، وغيرهم ، ممن هو كصفتهم ، وإن كان السبب ورد فيهم .
“فتح الباري” (6/380) .
وقد
أفتى العلماء المعاصرون بحرمة زيارة أماكن المعذّبين ، والذين ظلموا :
1.
سئل
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن حكم قصد مدائن ” صالح ” بالزيارة .
فأجاب :
“أمَّا المرور عليها : فقد مرَّ بها النبي صلى الله عليه وسلم ، لكنَّه أسرع عليه
الصلاة والسلام ، وقنَّع رأسه ، وقال عليه الصلاة والسلام : (لا تدخلوا على هؤلاء
المعذبين إلا أن تكونوا باكين خشية أن يصيبكم ما أصابهم ، فإن لم تكونوا باكيين فلا
تدخلوا عليها) فلا يجوز للإنسان أن يذهب إلى هذه المدائن للتفرج ، والنزهة ، بل
للاعتبار الذي يصحبه البكاء ، وإلا فالسلامة في تركها ، وقول الرسول عليه الصلاة
والسلام : (أن يصيبكم ما أصابهم) ليس مراده العذاب العام ؛ لأن هذه الأمَّة –
والحمد لله – لا تعذب بصفة عامة ، لكن أن يصيبكم ما أصابهم من قسوة القلب ،
والإعراض ، والتولي عن الدِّين .
وحكمة ذلك : أن الناس الذين يذهبون إلى هذه البلاد على غير الوجه الذي أراد الرسول
عليه الصلاة والسلام : سوف يقع في نفوسهم تعظيم هؤلاء ؛ لمَا يرون من إحكام البناء
، وشدته ، وقوته ، وإذا وقع تعظيم الكافر في قلب المؤمن : فإنه على خطر عظيم” انتهى
.
“لقاء الباب المفتوح” (82/السؤال رقم 2) .
2.
وفي جواب السؤال رقم (87846)
ذكرنا فتوى علماء اللجنة الدائمة في تحريم زيارة منازل “مديَن” ، و “ثمود” لقصد
الفُرجة ، والاطلاع .
وننبه إلى أن هناك أسباباً أخرى تمنع الذهاب إلى تلك الأماكن ، حيث صارت مرتعاً
خصباً للسيَّاح ، وما يصاحب ذلك من تعرِّ ، وتبرجٍ ، وفجور ، وشرب للخمور ، وغير
ذلك .
خامساً :
أما
حكم الصلاة في أماكن اللعنة ، والخسف ، وأقوام المعذبين : فالظاهر هو المنع منها :
فقد
بوَّب البخاري رحمه الله – (1/166) – على حديث ابن عمر المتقدم : “بَاب الصَّلَاة
فِي مَوَاضِع الْخَسْف وَالْعَذَاب ، وَيُذْكَرُ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ كَرِهَ الصَّلَاةَ بِخَسْفِ بَابِلَ”
,
وهذا من دقيق استنباطه .
قال
الحافظ ابن حجر رحمه الله :
وَالْحَدِيث مُطَابِق لَهُ مِنْ جِهَة أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِيهِ تَرْك
النُّزُول كَمَا وَقَعَ عِنْد الْمُصَنِّف فِي ” الْمَغَازِي ” فِي آخِر الْحَدِيث
” ثُمَّ قَنَّعَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسه وَأَسْرَعَ السَّيْر
حَتَّى أَجَازَ الْوَادِي ” ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْزِل ، وَلَمْ يُصَلِّ
هُنَاكَ ، كَمَا صَنَعَ ” عَلِيّ ” فِي خَسْف ” بَابِل ” .
“فتح الباري” (1/530) .
وقد
صحَّ موقوفاً عن علي رضي الله عنه النهي عن الصلاة في أرض ” بابل ” من أرض العراق .
قال
ابن رجب رحمه الله :
وروى يعقوب بن شيبة ، عن أبي النعيم : ثنا المغيرة بن أبي الحر الكندي : حدثني حجر
بن عنبس ، قال : خرجنا مع ” علي ” إلى “الحرورية” [الخوارج] ، فلما وقع في أرض
“بابل” قلنا : “أمسيتَ يا أمير المؤمنين ، الصلاة ، الصلاة” ، قال : “لم أكن أصلي
في أرض قد خسف الله بها” .
وخرجه وكيع ، عن مغيرة بن أبي الحر ، به بنحوه .
وهذا إسناد جيد … .
ثم
قال :
والموقوف أصح .
“فتح الباري” لابن رجب (3/212) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
ولا
يصلَّى في مواضع الخسف ، نص عليه [الإمام أحمد] في رواية عبد الله … فإذا كان
المكث في مواقع العذاب ، والدخول إليها لغير حاجة منهيٌّ عنه : فالصلاة بها أولى ,
ولا يقال فقد استثنى ما إذا كان الرجل باكياً ؛ لأن هذا الاستثناء من نفس الدخول
فقط ؛ فأما المكث بها ، والمقام ، والصلاة : فلم يأذن فيه ، بدليل حديث ” علي ” ,
ولأن مواضع السخط ، والعذاب ، قد اكتسبت السخط بما نزل ساكنيها ، وصارت الأرض
ملعونة ، كما صارت مساجد الأنبياء – مثل مسجد إبراهيم ، ومحمد ، وسليمان صلى الله
عليهم – مكرَّمة لأجل مَن عبد الله فيها ، وأسسها على التقوى .
فعلى هذا : كل بقعة نزل عليها عذاب : لا يصلَّى فيها ، مثل أرض الحِجر ، وأرض بابل
المذكورة ، ومثل مسجد الضرار ؛ لقوله تعالى : (لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدً) التوبة/108
.
“شرح العمدة” (3/420) .
بل
ذهب شيخ الإسلام رحمه الله إلى أبعد من تحريم الصلاة ، وهو القول ببطلانها ، ووجوب
إعادتها .
قال
رحمه الله :
فإن
صلَّى : فهل تصح صلاته ؟ فعلى ما ذكره طائفة من أصحابنا : تصح ؛ لأنهم جعلوا هذا من
القسم الذي تكره الصلاة فيه ، ولا تحرم ؛ لأن أحمد كره ذلك , ولأنهم لم يستثنوه من
الأمكنة التي لا يجوز الصلاة فيها , ولأصحابنا في الكراهة المطلقة من أبي عبد الله
وجهان : أحدهما : أنه محمول على التحريم , وهذا أشبه بكلامه , وأقيس بمذهبه ؛ لأنه
قد قال في الصلاة في مواضع نهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها : ” يعيد الصلاة ” ,
وكذلك عند القاضي ، والشريف أبي جعفر , وغيرهما ، طرد الباب في ذلك ، بأن كل بقعة
نهي عن الصلاة فيها مطلقاً : لم تصح الصلاة فيها ، كالأرض النجسة , وهذا ظاهر ، فإن
الواجب : إلحاق هذا بمواضع النهي ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه ، كما نهى
عن الصلاة في المقبرة ، ونهى الله نبيَّه أن يقوم في مسجد الضرار , ونهى النبي صلى
الله عليه وسلم عن الدخول إلى مساكن المعذبين عموماً ، فإذا
كان
الله نهى عن الصلاة في الأماكن الملعونة خصوصاً , ونهى عن الدخول إليها خصوصاً ،
وعمل بذلك خلفاؤه الراشدون ، وأصحابه ، مع أن الأصل في النهي : التحريم ، والفساد :
لم يبق للعدول عن ذلك بغير موجب وجه” انتهى .
“شرح العمدة” (3/421) .
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة