هل تعد قصص التندر المروية في كتب الأدب من الغيبة المحرمة ؟
السؤال: 134524
القصص في الكتب الأدبية القديمة التي فيها تندّر ، مثل : أخبار أبو دلامة ، وأشعب , وأحيانا تذكر أسماء لأناس تصفهم بالحمق والبخل , حكاية هذه القصص هل يعد من الغيبة ، مع أننا لا ندري عن صحة تلك الأخبار ؟
ملخص الجواب
والخلاصة : أنه لا حرج ، إن شاء الله ، في قراءة القصص الأدبية التي تحكي بعض حكايات التندر وأخبار الطرف ونحوها ؛ أو نقل هذه القصص والحكايات ، على سبيل التندر ، أو ذكرها لفائدة تربوية أو نحو ذلك ، وما زال أهل العلم يوردون ذلك في كتبهم ، وأحاديثهم ، من غير نكير نعلمه في ذلك . وينظر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إذا نُسب السوء والمكروه إلى
أحد فلا يخلو من حالتين :
الحالة الأولى :
أن يكون هذا الشخص المذكور
بالشر معلوما لدى الحاضرين أو السامعين أو القارئين : فَذِكرُه بما يكره حينئذ –
مِن غير سبب شرعي – يعد مِن الغيبة المحرمة المتفق عليها ، سواء كان حيا أو ميتا ،
معاصرا أو من الشخصيات التاريخية القديمة المعروفة ، فحرمة المسلم محفوظة حتى بعد
موته ووفاته ، وأسباب تحريم الغيبة قائمة حتى في غيبة الأموات.
يقول ابن حجر الهيتمي رحمه
الله :
” الغيبة أن تذكر مسلما أو
ذميا معيَّنًا للسامع ، حيا أو ميتا ، بما يكره أن يذكر به مما هو فيه ، بحضرته أو
غيبته ” انتهى.
” الزواجر عن اقتراف الكبائر
” (2/25) .
الحالة الثانية :
ألا يكون الشخص المذكور
بالسوء معينا لدى السامعين ، ولا معروفا عندهم ، ولم يسبق لهم به علم ولا تمييز ،
أو كان شخصية وهمية تذكرها كتب التاريخ والأدب على سبيل التخييل لأغراض أدبية أو
قصصية : ففي هذه الحالة لا يحرم ذكر هذا الشخص بسوء ، ولا يعد ذلك من الغيبة
المحرمة .
واستدل العلماء لذلك بحديث
عائشة رضي الله عنها قالت :
( جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ
امْرَأَةً فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لَا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ
أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا قَالَتْ الْأُولَى….- فساقت عائشة حديث كل امرأة عن زوجها
بما يكره ، حتى كان آخرهن أم زرع التي أثنت على زوجها خيرا ، ثم قالت رضي الله عنها
– فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ
زَرْعٍ )
رواه البخاري (5189)، ومسلم
(2448) .
يقول الإمام النووي رحمه
الله :
” قال المازري : قال بعضهم :
وفيه أن هؤلاء النسوة ذكر بعضهن أزواجهن بما يكره ولم يكن ذلك غيبة ، لكونهم لا
يُعْرفون بأعيانهم أو أسمائهم ، وإنما الغيبة المحرمة أن يذكر إنسانا بعينه أو
جماعة بأعيانهم .
قال المازري : وإنما يُحتاج
إلى هذا الاعتذار لو كان النبي صلى الله عليه وسلم سمع امرأة تغتاب زوجها وهو مجهول
فأقر على ذلك ، وأما هذه القضية فإنما حكتها عائشة عن نسوة مجهولات غائبات ، لكن لو
وصفت اليوم امرأة زوجها بما يكرهه وهو معروف عند السامعين كان غيبة محرمة ، فإن كان
مجهولا لا يعرف بعد البحث ، فهذا لا حرج فيه عند بعضهم كما قدمنا ، ويجعله كمن قال
: في العالَم مَن يشرب أو يسرق .
قال المازري : وفيما قاله
هذا القائل احتمال .
قال القاضي عياض : صدق
القائل المذكور ، فإنه إذا كان مجهولا عند السامع ومن يبلغه الحديث عنه لم يكن غيبة
؛ لأنه لا يتأذى إلا بتعيينه .
قال : وقد قال إبراهيم : لا
يكون غيبة ما لم يسم صاحبها باسمه ، أو ينبه عليه بما يفهم به عنه ، وهؤلاء النسوة
مجهولات الأعيان والأزواج ، لم يثبت لهن إسلام فيحكم فيهنَّ بالغيبة لو تعيَّنَّ ،
فكيف مع الجهالة . والله أعلم ” .
انتهى من ” شرح مسلم ” (15/222) .
وجاء في ” الآداب الشرعية ”
لابن مفلح (1/254-255) .
” قال صاحب ” المختار ” من
الحنفية : ولا غيبة إلا لمعلوم ، ولا غيبة لأهل قرية .
وكذا ذكر القاضي عياض وغيره
في غير المعين , وخالف فيه بعضهم ، ذكره النووي في حديث أم زرع , والأول مأثور عن
إبراهيم , ولم يذكر أصحابنا هذا , والظاهر أنهم لا يريدون هذا ، فظاهر كلام بعضهم
إن عرف بعد البحث لم يجز , وإلا جاز ، فليس هذا ببعيد ” انتهى.
يقول الخادمي الحنفي :
” دل هذا – يعني كلام
الفقهاء – على شرطية معرفة المخاطب – حتى يكون غيبة – ” .
انتهى من ” بريقة محمودية ” (3/186-187) .
وجاء في ” مجمع الأنهر ”
(2/553) من كتب الحنفية :
” ( ولا غيبة إلا لمعلوم ،
فاغتياب أهل قرية ليس بغيبة ) ” انتهى.
وجاء في ” فتاوى اللجنة
الدائمة ” (26/15):
” إذا لم توجد قرائن أحوال
تعيِّن أو ترجح أصحاب الواقعة فليست بغيبة ” انتهى.
عبد العزيز بن باز – عبد
الرزاق عفيفي – عبد الله بن غديان .
ويقول
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” قولهم لا غيبة لمجهول :
صحيح بشرط أن يكون هذا المجهول لو بحث عنه لم يعلم به ” انتهى.
” شرح الأربعين النووية ” (
الشريط الأخير ) ، ونحوه في “ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين” ” (مسألة رقم/551)
ويقول
الشيخ ابن جبرين حفظه الله :
” لا غيبة لمجهول كلام صحيح
، ومعناه : أن يتكلم أحدهم في إنسان لا يعرفونه ، ويذكر بخله وشحه ، وعيوبه وحقده ،
ونقص خلقه ، وشراسته ، ونحوز ذلك ، وكل الحاضرين لا يعرفون من يعنيه ، فقد يكون
مثالًا غير واقعي قصد منه التحذير من هذه الأفعال ، وذمها ، وعيب فاعلها ، فلذلك لا
تسمى هذه غيبة . والله أعلم. ” انتهى.
http://www.ibn-jebreen.com/fatwa/vmasal-9638-.html
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟