حكم قراءة آيات الحرس
السؤال: 134918
ثبت في ترجمة الإمام ابن قدامة المقدسي – عليه رحمة الله – أنه كان يقرأ بعد كلّ صلاة صبح آيات الحرس وسوراً أخرى ، نرجو أن تتكرموا علينا بأن تبينوا لنا الحديث الذي يشير إلى تلك الآيات الكريمات مع ذكر ما تيسر من طرق وألفاظ الحديث إن وُجدَتْ ، وإن كان الحديث ضعيفاً هل يدخل في استحباب العمل بالحديث الضعيف حيث إن العلماء اتفقوا على استحباب العمل بالحديث الضعيف ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
تعتمد كثير من الأوراد المصنفة على جمع آيات من
القرآن ، أو سور مخصوصة ، بحسب اجتهاد المصنف .
وقد ذكر السيوطي في “الإتقان” (2 / 434) : أن أغلب
ما يذكره المصنفون في خواص القرآن ، إنما مستنده تجارب الصالحين .
والتجربة وحدها لا تكفي في إثبات حكم شرعي ، وجوبا
أو استحبابا ، بل لا بد لذلك من مستند شرعي ، من الكتاب والسنة ؛ لقوله صلى الله
عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) .
رواه مسلم (1718) .
قال الشيخ أبو شامة رحمه الله في “الباعث على إنكار
البدع والحوادث” (ص 86-87) :
” ابتدع بعضهم جمع آيات السجدات يقرأ بها في ليلة
ختم القرآن وصلاة التراويح ، ويسبح بالمأمومين في جميعها ، وابتدع آخرون سرد جميع
ما في القرآن من آيات الدعاء في آخر ركعة من التراويح بعد قراءة سورة الناس ، فيطول
الركعة الثانية على الأولى ، نحوا من تطويله بقراءة الأنعام ، مع اختراعه لهذه
البدعة ، وكذلك الذين يجمعون آيات يخصونها بالقراءة ويسمونها آيات الحرس ، ولا
أصل لشيء من ذلك فليعلم أن جميع ذلك بدعة ، وليس شيء منها من الشريعة ، بل هو مما
يوهم أنه من الشرع وليس منه ” انتهى .
وينظر : “فتاوى اللجنة الدائمة” (2/486) .
ثانيا :
أما ما ورد في ترجمة ابن قدامة من أنه كان إذا صلى
الفجر تلا آيات الحرس ويس والواقعة وتبارك ، ويقرأ بعد العشاء آيات الحرس .
فليعلم ـ أولا ـ أن ابن قدامة المذكور – في السؤال
– ليس هو الفقيه أبا محمد ، صاحب المغني ، بل هو أخوه أبو عمر محمد بن أحمد بن محمد
بن قدامة المقدسي .
ينظر : سير أعلام النبلاء (22/7) ، ذيل طبقات
الحنابلة ( ص 204) .
وهذا الذي كان يفعله أبو عمر رحمه الله ، اجتهاد
منه ، لا تثبت به سنة ، ولا يدل على مشروعية شيء ، بل هو فعل يحتاج أن يحتج له ،
ولا يحتج به ، كما يقول أهل العلم ، وكل أحد يؤخذ منه ويرد عليه إلا رسول الله صلى
الله عليه وسلم .
ومع ما هو معروف عن أبي عمر من فضله وعلمه وتقواه
وصلاحه ، فليس هو بمعصوم ، ولعله ظن ذلك سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ،
أو أحد من أصحابه ، أو أن له اجتهادا في ذلك لا نعلمه .
ورحم الله أبا سليمان الداراني حيث قال : ” ربما
يقع في قلبي النكتة من نكت القوم أياما فلا أقبل منه إلا بشاهدين عدلين : الكتاب
والسنة ” انتهى .
“سير أعلام النبلاء” (10 / 183) .
والخلاصة : أن الحجة في ذلك هو ما ثبت عن النبي صلى
الله عليه وسلم ، من غير أن يكون ذلك سببا في الوقيعة فيمن فعل ذلك من أهل العلم
والدين ، أو انتقاص أقدارهم .
ولمعرفة حكم تخصيص قراءة آيات معينة لغرض معين :
ينظر إجابة السؤال رقم : (115841)
.
ثالثا :
لم يتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف ،
كما ذكر السائل ، بل ذهبت طائفة منهم إلى عدم العمل به مطلقا ، حيث إنه لم يصح عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما بقي شيء
يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بين لكم ) رواه الطبراني في “الكبير” (1647)
، وصححه الألباني في “الصحيحة” (1803) .
وليس من بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث
الضعيف الذي لم يثبت عنه ولا يصح ، وهو من قسم المردود غير المقبول في اصطلاح أهل
الشأن ، وفيما صح من الحديث الغنية عما لم يصح .
ثم إن الذين قالوا بالعمل بالضعيف في فضائل الأعمال
اشترطوا أن لا يكون شديد الضعف ، وأن يندرج تحت أصل معمول به ، وألا يعتقد ثبوته عن
النبي صلى الله عليه وسلم .
ولمعرفة حكم العمل بالضعيف في فضائل الأعمال : ينظر
إجابة السؤال رقم : (44877)
.
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة