شاب من أهل الاستقامة مقبل على الزواج ويرغب بنصائح
السؤال: 134953
أنا طالب ، وموظف في نفس الوقت ، وأبلغ من العمر 21 عاماً , ولله الحمد ، محافظ على صلاتي ، وملتزم بأخلاقي ، وديني , ومقبل على الزواج ، فماذا تنصحونني ، بارك الله فيكم ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أخي
السائل
جزاك الله خيراً ، وبارك فيك , وزادك توفيقاً ، وعلماً ، وأدباً , ونبشرك بهذا
الفضل العظيم الوارد في هذا الحديث ، فعَنْ
أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :
(سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ – وذكر
منهم : – وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ …) رواه البخاري (629) ومسلم
(1031) .
وأما ما نود قوله لك ، ونصحك به : فأمور متعددة :
1.
الزواج – أخي السائل – راحة ، وطمأنينة ، وسكينة ، وهو خير متاع الدنيا ، وفيه من
ذلك ما جعله الله آية للناس ، قال الله تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ
لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم
مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
الروم/21 .
وهو
من أسباب سعادة المرء ، كما جاء في الحديث عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ
ثَلاَثَةٌ ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ ثَلاَثَةٌ ، مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ :
الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ، وَالْمَسْكَنُ الصَّالِحُ ، وَالْمَرْكَبُ الصَّالِحُ ،
وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ : الْمَرْأَةُ السُّوءُ ، وَالْمَسْكَنُ السُّوءُ ،
وَالْمَرْكَبُ السُّوءُ) رواه أحمد (1/168) ، وصححه الألباني رحمه الله في “صحيح
الترغيب” (2/192) .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ
: (الدُّنْيَا مَتَاعٌ ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ)
رواه مسلم (1467) .
2.
الزواج مكمل لدين المرء ، كما جاء في الحديث
عن
أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (مَن رزقه الله
امرأة صالحة فقد أعانه الله على شطر دينه ، فليتق الله في الشطر الثاني) رواه
الطبراني في “الأوسط” (1/294) والحاكم في “مستدركه” (2/175) .
وفي
رواية : (إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدِّين فليتق الله فيما بقي) .
وانظر “السلسلة الصحيحة” (625) .
ومعنى الحديث : أن الزواج يعف المرء عن الزنا ، وبذا يكون أغلق على نفسه باباً من
بابي الذنوب ، وهو باب الفرج ، وقد بقي الباب الآخر ، وهو اللسان ، فالحديث
يُذَكِّره بنعمة ربه تعالى عليه باستكمال الشطر الأول ، ويأمره بتقوى الله في الشطر
الآخر .
وقد
جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الفرج واللسان ، في أحاديث كثيرة ، ومنها فهم
العلماء هذا الحديث ، ومنها : حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ تَوَكَّلَ لِي مَا
بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَمَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ تَوَكَّلْتُ لَهُ بِالْجَنَّةِ) رواه
البخاري (6109) .
(ما
بين لَحييه) لسانه ، ولَحييه مثنى “لَحي” ، وهو العظم في جانب الفم .
(ما
بين رجليه) فرجه .
لذا
؛ فاعلم عظيم نعمة الله تعالى عليك أن وفقك للزواج والعفة ، واتق الله تعالى في
لسانك ، فاحفظه عن الغيبة ، والنميمة ، والشتم ، واللعن ، واستعمله فيما يقربك من
الله تعالى ، بقراءة كتابه ، وبالتسبيح ، والأدعية ، والأذكار .
3.
حتى تتم سعادتك بالزواج على أتم وجه : فلا بد من الاقتداء بهدي النبي صلى الله عليه
وسلم قبل الزواج , وعند ه وبعده .
أ.
أما قبل الزواج : فأن تحرص على اختيار ذات الدِّين , كما جاء في الحديث
عن
أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (تُنكَحُ المرأةُ
لأربَعٍ : لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظفَر بِذَاتِ
الدِّينِ تَرِبَت يَدَاكَ) رواه البخاري (4802) ومسلم (1466) .
ولمعرفة صفات المرأة ذات الدِّين : انظر جواب السؤال رقم : (96584)
.
ولا
بأس أن تكون على قدر من الجمال ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قِيلَ : يَا
رَسُولَ اللَّهِ ! أَيُّ النِّسَاءِ خَيرٌ ؟ قال : (التِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ
إِليهَا ، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَر ، وَلا تُخَالِفُهُ فِي نَفسِهَا وَلا فِي
مَالِهِ بِمَا يَكرَهُ) رواه أحمد (2/251) ، وحسَّنه الألباني في “السلسلة الصحيحة”
(1838) .
وجاء في “شرح منتهى الإرادات” – من كتب الحنابلة – (2/621) : “ويسنُّ أيضاً :
تَخَيُّرُ الجميلة ؛ لأنه أسكن لنفسه ، وأغض لبصره ، وأكمل لمودته ؛ ولذلك شرع
النظر قبل النكاح” .
وانظر جواب السؤال رقم : (83777)
.
وأن
تكون ودوداً ولوداً كما جاء في الحديث
عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ
:
قال
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
:
(تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ) رواه أبو
داود (2050) والنسائي (3227) وصححه الألباني في “سنن أبو داود” .
وانظر شرح هذا الحديث في جواب السؤال رقم : (
32668 ) .
ب.
وأما عند الزواج – ليلة العرس – : فعليك أن تحرص على أن تبتدئ حياتك الزوجية بغير
معصية ربك تعالى ، فتحذر من منكرات الأعراس التي انتشرت عند كثير من المتزوجين ,
كاستخدام المعازف ، وآلات اللهو , واختلاط الرجال بالنساء , والمبالغة والإسراف في
تكاليف العرس .
وأن
تتحرى هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة ، من ملاطفة الزوجة قبل الدخول ,
ووضع اليد على رأس الزوجة والدعاء لها ، وغيرها من الآداب الجليلة .
وللوقوف على جملة من الآداب المتعلقة بالزواج : انظر كتاب الشيخ الألباني رحمه الله
” آداب الزفاف ” .
ج.
وأما بعد الزواج : فأن تحرص على الإحسان إلى زوجتك والرفق بها , وأداء حقها , وعدم
أذيتها , وتعليمها ما تحتاجه من أمر دينها .
فعن
عمرو بن الأحوص رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة
الوداع : (أَلاَ وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ
عِنْدَكُمْ) رواه الترمذي (1163) وصححه ، وابن ماجه (1851) وحسنه الألباني في “سنن
أبو داود” .
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
: (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي) رواه الترمذي (
3895 ) وصححه الألباني في “سنن الترمذي” .
وانظر حقوق زوجتك عليك في جواب السؤال
رقم
: (10680)
.
ونسأل الله سبحانه أن
يرزقك الزوجة الصالحة التي تعينك على أمر دينك ودنياك .
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة