هل ننصحها بالتزوج ممن ابتلاه الله بالعرج والوسواس القهري ؟
السؤال: 136269
أنا فتاة ، أبلغ من العمر 25 سنة ، مخطوبة منذ سنة لشاب تقدم إليَّ يكبرني بسنة ، يعمل مهندس برمجة ، مشكلتي منقسمة إلي جزئين : الأول : أن هذا الشاب لديه عيب خلقي وراثيّاً في قدمه – يعرج – إلا أن العرجة قوية ، في بداية أن تقدم لي لم أبالِ اهتماما لهذا العيب ، وبدأت أشعر الآن أن هذا العيب يؤثر على علاقتي به ، وإقبالي عليه ، إلا أن إقباله عليَّ يزيد يوماً بعد يوم ، وارتباطه بي يزيد ، وهو شاب متدين ، ويتقي الله في عمله ، ويخاف الله ، ويحاول أن يعدل في كثير من الأمور ، ولا يظلم أحداً ، مع أن خبرته في الحياة قليلة ؛ نتيجة لإحاطة والديه به ؛ لما يعانيه من إعاقة ، إلا أنه يحاول أن يغير من نفسه ، ويراجع تصرفاته باستمرار ، حتى إنه أحيانا يسألني : ” هل رديت صح ” أو ” الكلام كان مضبوطا هكذا ؟ ” .
أما الجزء الثاني من قصتي : أن هذا الشاب بعد الخطوبة قال لي : إنه يعاني من ” الوسواس القهري ” ، خصوصاً في الوضوء ، والطهارة ، حتي إنه يصل أن يتوضأ في 20 دقيقة ، ويعاني من نوبات اكتئاب ، وأحياناً عندما تنتابه هذه النوبات يكون كارهاً لحياته ، ويرى أنه لا فائدة منه ، وما أن تزول هذه النوبات : يعود كما كان ، وأحيانا يلجأ لدواء الاكتئاب ، ولكنه لم يأخذها من حوالي سنة .
ولكن لديه جوانب إيجابية ، منها : أنه طيب ، وكريم ، وعادل ، ولا يحب الظلم ، ومتدين ، وأظن أنه يتقي الله فيَّ ، ولديه قدره على الاستماع لآراء الآخرين ، ومن الممكن أن يقتنع ما دام تقدم إليه الدلائل ، ولكن شخصيته ليست ضعيفة ، وصريح جدّاً ، ومن عائلة محترمة جدّاً ، إلا أنه يريد بعد الزواج أن يرد كل الأموال التي يعطيها له والده في الزواج ؛ لأنه يشك فيها ؛ لأنها أموال موضوعة في البنوك ، ونحن الآن نبدأ الإعداد للزواج .
أنا الآن لا أعرف هل اختياري هذا صحيح أم لا ؟ وهل أستطيع أن أكمل هذه الحياة معه ، وأن أتواصل مع من حولي دون أن تؤثر عليَّ نفسيّاً ؟ .
أنا أنظر للموضوع من جانبين : جانب ديني ، وآخر دنيوي ، الجانب الديني : هو أني أريد أحداً يتقي الله فيَّ ، وأريد أن أساعده في حياته ، خصوصا أنه يقول لي : إنه تغيَّر كثيراً من وقت أن عرفني ، أما الجانب الدنيوي : هو أني أعيش حياة مع أحد لا أخجل منه ، مع العلم أنه يحبني جدّاً ، وأنا أول فتاة يرتبط بها ، ودائماً يقول لي : إنه مرَّ بأشياء نفسية كثيرة ، سواء من زملائه في الفصل – وكانوا لا يرضون أن يلعبوا معه – أو غيرهم ، وبالتالي كان ليس له أصدقاء ، وحتي الآن ليس له إلا صديق واحد ، وهو ابن عمه ، ولديه استعداد على أن يتعرف على أزواج صديقاتي ، ويكوِّن معهم صداقات ، ويتعامل مع من حوله في العمل بشكل جيِّد ، وبدأ أن ينضبط ، وحياته معتمدة ، ومتعلقة بي جدّاً ، وعلى فكرة : هو أول شاب في حياتي ، ولم أكلم شباباً قبل هذا ، ولم تكن لي علاقة بأحد من قبل .
بالله عليكم أفيدوني .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أما
بخصوص النصح بالتزوج من ذلك الشاب ، أو عدمه: فالأمر يرجع إليك لتقرري أنت ذلك ،
فأنت على علم كامل بحاله ، وواقعه ، والأمر يعود إليك في قدرتك على تحمل تبعات مرضه
، وتصرفاته ، أم لا ، ووصفك الدقيق لحاله ، وواقع أمره : يجعل الأمر واضحاً جليّاً
بالنسبة لك ، فالقرار في ذلك لك .
ولكننا هنا ننبه على أمرين اثنين :
أولاً :
أما
” العرج ” الذي ابتلاه الله به : فأمره هيِّن ، وليس أمراً يستحق الالتفات إليه ،
خاصة مع توفر صفات طيبة في ذلك الرجل ، وقد ابتلي كثير من السلف بالعرج ، وكانوا
أئمة ، وفقهاء ، وزهَّاداً ، بل ومجاهدين ! ولم ينقصهم ذلك العيب عند الله ، ولا
عند الناس .
ومن
هؤلاء :
1.
الصحابي عمرو بن الجموح الأنصاري .
وكان أعرج ، شديد العرج ، وقُتل ” يوم أحُد ” .
2.
يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي ، من أهل المدينة ، يروي عن الزهري ،
وروى عنه : مالك ، والليث بن سعد ، وابن عيينة ، مات سنة تسع وثلاثين ومائة ، كنيته
أبو عبد الله .
”
الثقات ” لابن حبان ( 7 / 617 ) .
3.
علقمة بن قيس بن عبد الله .
قال
الذهبي رحمه الله :
فقيه العراق ، الإمام ، أبو شبل ، النخعي ، الكوفي .
كان
فقيهاً ، إماماً ، بارعاً ، طيب الصوت بالقرآن ، ثبتاً فيما ينقل ، صاحب خير ، وورع
، كان يشبه ابنَ مسعود في هديه ، ودلِّه ، وسمته ، وفضله ، وكان أعرج .
”
تذكرة الحفاظ للذهبي ” ( 1 / 39 ) .
4.
القائد موسى
بن نصير أبو عبد الرحمن .
قال
ابن عساكر رحمه الله :
وهو
صاحب فتوح الأندلس ، وكان أعرج
.
”
تاريخ دمشق ” ( 61 / 212 ) .
وقال الذهبي رحمه الله :
وكان أعرج مهيباً ، ذا رأي وحزم
.
”
سير أعلام النبلاء ” ( 4 / 497 ) .
وغيرهم كثير ، كثير ، من أهل العلم ، والطاعة ، والزهد ، والقيادة ، والجهاد .
ومع
ذلك .. فإذا رأيت أن هذا العرج قد يؤثر على العلاقة بينكما ، فالأمر في ذلك إليك ،
ولا حرج عليك من فسخ الخطبة .
ثانياً :
أما
ما يتعلق بمرض (الوسواس القهري) فهذا المرض قد يتطور ، ويزداد فينتقل من الطهارة
إلى الصلاة ، فالزواج ، فالعقيدة ، وهو أخطرها عليه ، وهو مما قد يسبب لكما نكداً
في حياتكما ، فلا تهنآ بزواج ، ولا استقرار .
وقد
ذكرنا في جواب السؤال رقم : (
96273 ) أن الوسواس القهري قد يؤثر على الحياة الزوجية ، فلا تقام على أصولها ،
وبذلك يكون من العيوب المنفرة .
والوسواس القهري علاجه بالذِّكر ، والطاعة ، وإغفال الوسوسة ، وإهمالها ، وتحتاج
بعض الحالات إلى مراجعة الطبيب النفسي .
وينظر جواب السؤال رقم (
39684 ) و (
41027 ) لمزيد فائدة .
وبناء على هذا ، فنقترح عليك الطلب منه أن يبدأ فوراً بعلاج نفسه ، وأن تقفي معه
بالتشجيع ، والمتابعة لحاله ، وأن يتم تأخير الدخول حتى ينتهي من آثاره السيئة ،
بفضل الله ، ورحمته .
وننبه أخيراً إلى أن الخاطب أجنبي عن مخطوبته فلا يجوز له الخلوة بها ولا مصافحتها
، ولا يجوز لها أن تضع حجابها أمامه .
وإذا احتاجت أن تجلس معه فيجب أن يكون معهما أحد محارمها .
ونسأل الله تعالى لك التوفيق إلى ما فيه خيرك وسعادتك في الدنيا والآخرة .
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة