تنزيل
0 / 0
1046119/03/2012

يريد الخروج من المنزل ؛ لما يحصل بينه وبين والدته من الجدال والنقاش

السؤال: 136462

كما أعلم فإن مكانة الأم بين أبناءها فى الإسلام هى مكانة مرتفعة للغاية ، وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم حديثاً يقول : بأنه رَغِم أنف من أدرك والديه ولم يدخل الجنة ، وأنا غير واثق من صحة الحديث ، ولهذا فأدعو الله أن يغفر لى إذا كنت مخطئاً ، وأنا أحب أمي وأشعر بألمها وأبكى لبكائها وأدعو لها طوال الوقت ، لكننا ندخل فى مجادلات كلامية من حين لآخر والتى تنتهى بأن يقول كلانا أشياء قاسية ، ولا ينبغى أن تكون هى لغة خطاب المسلم ، فلكي أتجنب هذه الفتنة ، وحتى لا يكون قربي من أمى يسبب لي التوتر فهل يجوز أن أنتقل من المنزل؟
فقد وجدت منزلا مجاورا لمنزلنا الحالي ، ولهذا فسأكون قريبا من أمى عند انتقالي ، وأنا والحمد لله أصلي الصلوات الخمس اليومية ، وأحاول قدر استطاعتي أن أتقى الله ، لكنى أخشى من أن يتأثر إيمانى ببقائي مع أمى
وسؤالي هو :
هل أنا بحاجة للحصول على إذن من أمي للانتقال من المنزل؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
جاءت الوصية بالوالدين في كتاب الله تعالى ، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
، ببرهما والإحسان إليهما ، والنهي الشديد عن عقوقهما ؛ وذلك لعظيم حقهما .
قال الله عز وجل : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا
أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا
قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ
رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) الإسراء/23 ، 24 .
” فنَهَى عَنْ أَنْ يُقَالَ لَهُمَا أُفٍّ ، إذْ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ الْإِيذَاءِ
بِأَيِّ نَوْعٍ كَانَ حَتَّى بِأَقَلِّ أَنْوَاعِهِ .
ثُمَّ أَمَرَ بِأَنْ يُقَالَ لَهُمَا الْقَوْلُ الْكَرِيمُ : أَيْ اللَّيِّنُ
اللَّطِيفُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْعَطْفِ وَالِاسْتِمَالَةِ وَمُوَافَقَةِ
مُرَادِهِمَا وَمَيْلِهِمَا وَمَطْلُوبِهِمَا مَا أَمْكَنَ سِيَّمَا عِنْدَ
الْكِبَرِ ، فَإِنَّ الْكَبِيرَ يَصِيرُ كَحَالِ الطِّفْلِ وَأَرْذَلَ ؛ لِمَا
يَغْلِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْخَرَفِ وَفَسَادِ التَّصَوُّرِ ، فَيَرَى الْقَبِيحَ
حَسَنًا وَالْحَسَنَ قَبِيحًا ، فَإِذَا طَلَبْت رِعَايَتَهُ وَغَايَةَ
التَّلَطُّفِ بِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَأَنْ يَتَقَرَّبَ إلَيْهِ بِمَا
يُنَاسِبُ عَقْلَهُ إلَى أَنْ يَرْضَى فَفِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ أَوْلَى .
ثُمَّ أَمَرَ تَعَالَى بَعْدَ الْقَوْلِ الْكَرِيمِ بِأَنْ يَخْفِضَ لَهُمَا
جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الْقَوْلِ بِأَنْ لَا يُكَلِّمَهُمَا إلَّا مَعَ
الِاسْتِكَانَةِ وَالذُّلِّ وَالْخُضُوعِ وَإِظْهَارِ ذَلِكَ لَهُمَا ،
وَاحْتِمَالِ مَا يَصْدُرُ مِنْهُمَا ، وَيُرِيهِمَا أَنَّهُ فِي غَايَةِ
التَّقْصِيرِ فِي حَقِّهِمَا وَبِرِّهِمَا ، وَأَنَّهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ ذَلِيلٌ
حَقِيرٌ ، وَلَا يَزَالُ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ إلَى أَنْ يُثَلِّجَ خَاطِرَهُمَا ،
وَيُبَرِّدَ قَلْبَهُمَا عَلَيْهِ ، فَيَنْعَطِفَا عَلَيْهِ بِالرِّضَا
وَالدُّعَاءِ ؛ وَمِنْ ثَمَّ طَلَبَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَدْعُوَ لَهُمَا ؛
لِأَنَّ مَا سَبَقَ يَقْتَضِي دُعَاءَهُمَا لَهُ كَمَا تَقَرَّرَ
فَلْيُكَافِئْهُمَا إنْ فُرِضَتْ مُسَاوَاةٌ ، وَإِلَّا فَشَتَّانَ مَا بَيْنَ
الْمَرْتَبَتَيْنِ ، وَكَيْفَ تُتَوَهَّمُ الْمُسَاوَاةُ ، وَقَدْ كَانَا
يَحْمِلَانِ أَذَاك وَكَلَّك وَعَظِيمَ الْمَشَقَّةِ فِي تَرْبِيَتِك ، وَغَايَةَ
الْإِحْسَانِ إلَيْك ، رَاجِينَ حَيَاتَك ، مُؤَمّلِينَ سَعَادَتَك ، وَأَنْتَ إنْ
حَمَلْت شَيْئًا مِنْ أَذَاهُمَا رَجَوْت مَوْتَهُمَا ، وَسَئِمْت مِنْ
مُصَاحَبَتِهِمَا ؛ وَلِكَوْنِ الْأُمِّ أَحْمَلَ لِذَلِكَ وَأَصْبَرَ عَلَيْهِ
مَعَ أَنَّ عَنَاءَهَا أَكْثَرُ وَشَفَقَتَهَا أَعْظَمُ بِمَا قَاسَتْهُ مِنْ
حَمْلٍ وَطَلْقٍ وَوِلَادَةٍ وَرَضَاعٍ وَسَهَرِ لَيْلٍ ، وَتَلَطُّخٍ بِالْقَذَرِ
وَالنَّجَسِ ، وَتَجَنُّبٍ لِلنَّظَافَةِ وَالتَّرَفُّهِ حَضَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بِرِّهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، وَعَلَى بِرِّ الْأَبِ
مَرَّةً وَاحِدَةً ” انتهى .
“الزواجر عن اقتراف الكبائر” (2/388-389) .
وقال تعالى : (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) النساء/36 .
وقال سبحانه : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ
وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ
إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ
بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا) لقمان/14 ، 15 .
وعن عبد اللَّهِ بْن عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْجِهَادِ ،
فَقَالَ : (أَحَيٌّ وَالِدَاكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ)
رواه البخاري (3004) ومسلم (2549) .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ : (سَأَلْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ
الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ
قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) رواه البخاري
(2782) ومسلم (85) .
وروى مسلم (2549) عن عبد الله بن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ :
أَقْبَلَ رَجُلٌ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ
: أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ أَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنْ اللَّهِ .
قَالَ : فَهَلْ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، بَلْ كِلَاهُمَا
. قَالَ : فَتَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنْ اللَّهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ :
(فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا) .
وروى الطبراني في “الكبير” (8162) عن طلحة بن معاوية السلمي رضي الله عنه قال :
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، إني أريد الجهاد في سبيل الله
، قال : أمك حية؟ فقلت : نعم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (الزم رجلها فَثَّم
الجنة) حسنه الألباني في “صحيح الترغيب” (2484) .
وروى مسلم (2551) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (رَغِمَ أَنْفُهُ ثُمَّ رَغِمَ
أَنْفُهُ ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ) قِيلَ : مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ :
(مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا ثُمَّ
لَمْ يَدْخُلْ الْجَنَّةَ) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ
أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ : أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ؟
قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ ، قَالَ : ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ :
ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ : ثُمَّ أَبُوك) رواه البخاري (5971) ومسلم (2548) .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : (ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ : الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ ،
وَالدَّيُّوثُ . وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ : الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ
، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى) رواه النسائي
(2562) وصححه الألباني في “صحيح النسائي” .
وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ بَعْضِهِمْ إغْرَاءً عَلَى الْبِرِّ وَتَحْذِيرًا عَنْ
الْعُقُوقِ وَوَبَالِهِ :
“أَيُّهَا الْمُضَيِّعُ لِأَوْكَدِ الْحُقُوقِ الْمُعْتَاضُ عَنْ الْبِرِّ
بِالْعُقُوقِ النَّاسِي لِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغَافِلُ عَمَّا بَيْنَ
يَدَيْهِ ، بِرُّ الْوَالِدَيْنِ عَلَيْك دَيْنٌ وَأَنْتَ تَتَعَاطَاهُ بِاتِّبَاعِ
الشَّيْنِ ، تَطْلُبُ الْجَنَّةَ بِزَعْمِك وَهِيَ تَحْتَ أَقْدَامِ أُمِّك ،
حَمَلَتْك فِي بَطْنِهَا تِسْعَةَ أَشْهُرٍ كَأَنَّهَا تِسْعُ حِجَجٍ وَكَابَدَتْ
عِنْدَ وَضْعِك مَا يُذِيبُ الْمُهَجَ ، وَأَرْضَعَتْك مِنْ ثَدْيِهَا لَبَنًا
وَأَطَارَتْ لِأَجْلِك وَسَنًا ، وَغَسَلَتْ بِيَمِينِهَا عَنْك الْأَذَى
وَآثَرَتْك عَلَى نَفْسِهَا بِالْغِذَاءِ ، وَصَيَّرَتْ حِجْرَهَا لَك مَهْدًا
وَأَنَالَتْك إحْسَانًا وَرفْدًا ، فَإِنْ أَصَابَك مَرَضٌ أَوْ شِكَايَةٌ
أَظْهَرَتْ مِنْ الْأَسَفِ فَوْقَ النِّهَايَةِ ، وَأَطَالَتْ الْحُزْنَ
وَالنَّحِيبَ وَبَذَلَتْ مَالَهَا لِلطَّبِيبِ ، وَلَوْ خُيِّرَتْ بَيْنَ حَيَاتِك
وَمَوْتِهَا لَآثَرَتْ حَيَاتَك بِأَعْلَى صَوْتِهَا ، هَذَا وَكَمْ عَامَلْتهَا
بِسُوءِ الْخُلُقِ مِرَارًا فَدَعَتْ لَك بِالتَّوْفِيقِ سِرًّا وَجِهَارًا ،
فَلَمَّا احْتَاجَتْ عِنْدَ الْكِبَرِ إلَيْك جَعَلْتهَا مِنْ أَهْوَنِ
الْأَشْيَاءِ عَلَيْك “
“الزواجر” (2/400-401) .
ثانياً :
ما يحصل بينك وبين والدتك من المجادلات الكلامية التي تنتهي بكلام قاسٍ منك على
والدتك هو من العقوق ، ومن كبائر الذنوب ، وإذا كان الله تعالى قد حَرّم على الولد
أن يقول لوالديه : (أف) وهي أقل أذية يمكن أن تحصل باللسان ، فما كان أشد منها
إيذاءً فهو أعظم تحريماً ، وأشد إثماً ، فلا يجوز للولد أن يرفع صوته على والديه ،
ولا أن ينهرهما ، ولا أن يعنفهما .
وكونك تقرر الخروج من البيت ، وتزعم أنك تتجنب بذلك الفتنة ، وتبتعد عن جو التوتر ،
ومحادثات الجدل والخصام : فلعلك تريد ذلك بحثاً عن راحة البال وقلة المشاكل ،
ولزومك رجليها خير لك لو كنت تعلم ، فإن الجنة عندها .
فالنصيحة لك أن تلزمها ، وتجتهد في برها والإحسان إليها ، وجاهد نفسك حتى تكف عن
مجادلتها وإغضابها ، وذلك ليس بالأمر العسير ، بل هو يسير ، على من يسره الله عليه
، وأكثر من دعاء الله تعالى أن يرزقك برها .
ونسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير .
ولمزيد الفائدة يراجع جواب السؤال رقم (3044)
.
والله أعلم

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android