يبلغ أبي من العمر 81 عاما ، ووضعه المادي جيد ، وقد قام ببيع عقارين لأخي بسعر زهيد جدا ، بذريعة أنه بحاجة لهذا المال ، وأنا أرى أن هذا ليس بعدل ، فهل يعطيني الإسلام حق الاعتراض ، وقد قال أخي إنه لو لم يقبل هذا العرض الرائع فإن أبانا كان سيبيع العقار لواحد آخر من خارج الأسرة ؟
هل يجوز للوالد أن يبيع عقاره لأحد أبنائه دون الآخرين ؟
السؤال: 137116
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
إذا كان الوالد قد قصد من بيعه هذا العقار لأحد أبنائه دون الآخرين بسعر زهيد جدا تفضيل هذا الابن على إخوانه ، وتخصيصه بشيء من ملكه بصورة عقد بيع وشراء : فهذه حيلة محرمة على الإثم والعدوان ، لا يجوز للمسلم المقبل على الله – وقد بلغ الثمانين سنة – أن يقدم عليها ، ولا أن يتعامل بها ، فيوقع بين أبنائه الشحناء والبغضاء ، ويخالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم حين قال : ( .. َاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلادِكُمْ ) رواه البخاري (2398) ومسلم (3055)
أما إذا كان والدك لم يقصد هذه الحيلة ، وإنما أراد فعلا بيع هذا العقار لأي مشتر كما يزعم أخوك ، لحاجته العاجلة إلى المال ، فينبغي عليه أن يبيعه بثمن مثله ، ولا بأس أن يتسامح مع ابنه في الشيء اليسير ، الذي جرت عادة الناس في التسامح بمثله .
فإذا كان الراغب في شرائه أكثر من واحد ، وكلهم يرغب في شراء بثمن مثله : أقرع بينهم ، ومن خرجت القرعة عليه ، كان الحق له في شراء البيت ، ليبعد عن شبهة المحاباة لأحد أبنائه في العطية ، وتسلم صدور أبنائه عليه وعلى بعضهم البعض من الشحناء والتباغض والتدابر والتحاسد .
ثانيا :
إذا كان الوالد قد خالف فحابى بعض أبنائه ، ولم يرض الباقون : كان من حقهم أن يعترضوا على ذلك البيع ، ويطلبوا منه رد هذا البيع ، وبإمكانهم أن يعرضوا عليه مساعدته بالمال الذي يحتاجه على سبيل القرض ، إن كان حقا في حاجة إلى مال ، أو يطلبوا منه العدل بينهم في العطية ، إما بأن يمنحهم من العقار مثل ما أعطاه ، وإما بأن يقسم عليهم من ماله مقدار الفرق بين الثمن الذي اشترى به هذا الولد ، وثمن المثل لهذا العقار الذي اشتراه .
ثالثا :
نذكركم جميعا ، معشر الإخوان ، بأن ما بينكم من الرحم أجل وأعظم من المشاحة والتشاجر على هذا الحطام من حطام الدنيا ، وما حصل بنيكم من خلاف : فاجتهدوا في أن تزيلوا أسبابه بالتي هي أحسن ، واجعلوا صلة ما بينكم من الرحم مقدمة على كل شيء .
سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله السؤال الآتي :
” أنا رجل قدر الله عليّ بمرض في رجلي اليمنى ، إلى أن قرر الأطباء بترها ، مما جعلني عاجزًا عن العمل ، وأنا أعول أسرة كبيرة ، ولي إخوة ثلاثة ، ولكن أبي قد باع مزارعه على إخوتي الثلاثة ، ولعجزي عن شراء شيء منها ؛ فلم أحصل على شيء ؛ فهل فعل والدي هذا صحيح ؛ أم أنه يحق لي المطالبة بحقي بدون شراء ولا بيع ؟
فأجاب :
إذا كان قد باع هذه المزارع على إخوتك بيعًا صحيحًا ، ليس فيه احتيال ولا تَلْجِئَة ، وإنما باعها عليهم كما يبيعها على غيرهم بثمن كامل ، ولم يترك لهم شيئًا منه ، بل استوفى الثمن منهم ؛ فلا حرج عليه في ذلك ، وليس لك حق الاعتراض ؛ لأن هذا ليس فيه محاباة ، وليس فيه تخصيص لهم بشيء من المال دونك .
أما إذا كان خلاف ذلك ؛ بأن كان بيع حيلة ، قد تسامح معهم فيه ، وحاباهم به ؛ فهذا لا يجوز ؛ لأنه جور ، ويجب على الوالد أن يسوي بين أولاده في الهبة والعطية ، ولا يجوز له أن يخص بعضهم دون الآخر ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم )، فواجب على الوالد أن يسوي بين أولاده فيما يمنحه لهم ، ولا يجوز له أن يفضل بعضهم على بعض .” انتهى.
” مجموع فتاوى الشيخ صالح الفوزان ” ( 2 / 594 ، 595 ) .
وانظر جواب السؤال رقم :(114659) ،(119655)
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة