أيهما أفضل قراءة سورة من القرآن بتدبر وفهم أم قراءة القرآن كله من غير تدبر
السؤال: 137288
هل هناك حديث يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن من يقرأ سورة العصر بانتباه وفهم أفضل ممن يقرأ القرآن كاملا دون فهم ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
لم
يصح في فضائل سورة ” العصر ” شيء سوى أنها من المفصل .
جاء
في ” موسوعة فضائل سور وآيات القرآن ” (القسم الصحيح 2/319)
”
لم يصح فيها شيء سوى أنها من المفصل ” انتهى.
وتقول الباحثة آمال سعدي :
”
لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل سورة العصر شيء ، بل وردت في فضلها
روايات ضعيفة وموضوعة ، منها : ( من قرأ سورة العصر غفر الله له ، وكان ممن تواصى
بالحق وتواصى بالصبر ) ” انتهى.
”
الصحيح والسقيم في فضائل القرآن الكريم ” (ص/96)
ثانيا :
ننقل ههنا كلاما نفيسا للعلامة ابن القيم رحمه الله ، يبين فيه أقوال العلماء في
المفاضلة بين قراءة القدر اليسير من القرآن بتدبر وفهم ، وبين قراءة القدر الكثير
من القرآن من غير تدبر ولا تفكر .
يقول ابن القيم رحمه الله :
”
اختلف الناس في الأفضل من الترتيل وقلة القراءة ، أو السرعة مع كثرة القراءة :
أيهما أفضل ؟ على قولين :
فذهب ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما وغيرهما إلى أن الترتيل والتدبر مع قلة
القراءة أفضل من سرعة القراءة مع كثرتها .
واحتج أرباب هذا القول بأن المقصود من القراءة فهمه ، وتدبره ، والفقه فيه ، والعمل
به ، وتلاوته وحفظه وسيلة إلى معانيه ، كما قال بعض السلف : نزل القرآن ليعمل به ،
فاتخذوا تلاوته عملا ، ولهذا كان أهل القرآن هم العالمون به ، والعاملون بما فيه ،
وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب ، وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه فليس من أهله
، وإن أقام حروفه إقامة السهم .
قالوا : ولأن الإيمان أفضل الأعمال ، وفهم القرآن وتدبره هو الذي يثمر الإيمان ،
وأما مجرد التلاوة من غير فهم ولا تدبر فيفعلها البر والفاجر والمؤمن والمنافق ،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ومثل المنافق الذي يقرأ القران كمثل الريحانة
: ريحها طيب ، وطعمها مر ).
والناس في هذا أربع طبقات : أهل القرآن والإيمان ، وهم أفضل الناس . والثانية : من
عدم القرآن والإيمان . الثالثة : من أوتي قرآنا ولم يؤت إيمانا . الرابعة : من أوتي
إيمانا ولم يؤت قرآنا .
قالوا : فكما أن من أوتي إيمانا بلا قرآن أفضل ممن أوتي قرآنا بلا إيمان ، فكذلك من
أوتي تدبرا وفهما في التلاوة أفضل ممن أوتي كثرة قراءة وسرعتها بلا تدبر .
قالوا : وهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان يرتل السورة حتى تكون أطول
من أطول منها ، وقام بآية حتى الصباح .
وقال أصحاب الشافعي رحمه الله : كثرة القراءة أفضل ، واحتجوا بحديث ابن مسعود رضي
الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ حرفا من كتاب الله فله
به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول الم حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ،
وميم حرف ) رواه الترمذي وصححه .
قالوا : ولأن عثمان بن عفان قرأ القرآن في ركعة ، وذكروا آثارا عن كثير من السلف في
كثرة القراءة .
والصواب في المسألة أن يقال
:
إن
ثواب قراءة الترتيل والتدبر أجل وأرفع قدرا ، وثواب كثرة القراءة أكثر عددا :
فالأول : كمن تصدق بجوهرة عظيمة ، أو أعتق عبدا قيمته نفيسة جدا .
والثاني : كمن تصدق بعدد كثير من الدراهم ، أو أعتق عددا من العبيد قيمتهم رخيصة .
وفي
” صحيح البخاري ” عن قتادة قال : سألت أنسا عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال
: ( كان يمد مدا ) .
وقال شعبة : حدثنا أبو جمرة ، قال : قلت لابن عباس : إني رجل سريع القراءة ، وربما
قرأت القرآن في ليلة مرة أو مرتين ، فقال ابن عباس : لأن أقرأ سورة واحدة أعجب إلي
من أن أفعل ذلك الذي تفعل ، فإن كنت فاعلا ولا بد فاقرأ قراءة تسمع أذنيك ، ويعيها
قلبك .
وقال إبراهيم : قرأ علقمة على ابن مسعود – وكان حسن الصوت – فقال : رتل فداك أبي
وأمي ، فإنه زين القرآن .
وقال ابن مسعود : لا تهذُّوا القرآن هذَّ الشعر ، ولا تنثروه نثر الدقل ، وقفوا عند
عجائبه ، وحركوا به القلوب ، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة .
–
والهذّ : سرعة القراءة ، والدَّقَل : رديء التمر -.
وقال عبد الله أيضا : إذا سمعت الله يقول : ( يأيها الذين آمنوا ) فأصغ لها سمعك ،
فإنه خير تؤمر به ، أو شر تصرف عنه . ” انتهى.
”
زاد المعاد ” (1/337-340)
وانظر جواب السؤال رقم :
(4040)،
(131788)
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة