هل يجوز الاستماع إلى خطبة الجمعة في المنزل ، ثم الذهاب إلى المسجد للصلاة ؟
السؤال: 137936
ما الحكم في سماعي لخطبة الجمعة من منزلي في غرفتي الخاصة ، مع العلم أن المنزل مقابل المسجد ، ثم أتوجه إلى المسجد للصلاة ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
يقول الله عز وجل :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ
الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ
لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) الجمعة/9
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
” يأمر تعالى عباده المؤمنين بالحضور لصلاة الجمعة والمبادرة إليها ، من حين
ينادى لها ” انتهى .
“تفسير السعدي” (ص 863)
وروى أبو داود (345) والترمذي (496) وحسنه ، عن أوس بْنُ أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ رضي
الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ : ( مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ ثُمَّ بَكَّرَ
وَابْتَكَرَ وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ وَدَنَا مِنْ الْإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ
يَلْغُ ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا
وَقِيَامِهَا ) وصححه الألباني في “صحيح أبي داود” وغيره .
فأوجب الله السعي إليها ، حين ينادى بها ، وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم
التبكير إليها .
فيجب على كل من سمع النداء للجمعة – وهو النداء الثاني – ممن تجب عليه – أن يسعى
إلى الصلاة ، ولا يجوز له التخلف عن حضور الخطبة إلا لعذر ، ومن كان منزله بعيداً
وجب عليه أن يسعى لها قبل النداء ليدرك الخطبة والصلاة ؛ لأن إدراكهما واجب ، وما
لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
قال ابن قدامة رحمه الله :
” الْخُطْبَة شَرْطٌ فِي الْجُمُعَةِ , لَا تَصِحُّ بِدُونِهَا , وَلَا نَعْلَمُ
فِيهِ مُخَالِفًا , إلَّا الْحَسَنَ ” انتهى .
“المغني” (2/74)
وقال الكاساني رحمه الله :
” قال تَعَالَى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ
يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ ) قِيلَ ذِكْرُ اللَّهِ هُوَ
صَلَاةُ الْجُمُعَةِ , وَقِيلَ هُوَ الْخُطْبَةُ ، وَكُلُّ ذَلِكَ حُجَّةٌ ;
لِأَنَّ السَّعْيَ إلَى الْخُطْبَةِ إنَّمَا يَجِبُ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ
أَنَّ مَنْ سَقَطَتْ عَنْهُ الصَّلَاةُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ إلَى
الْخُطْبَةِ ، فَكَانَ فَرْضُ السَّعْيِ إلَى الْخُطْبَةِ فَرْضًا لِلصَّلَاةِ ,
وَلِأَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ يَتَنَاوَلُ الصَّلَاةَ وَيَتَنَاوَلُ الْخُطْبَةَ مِنْ
حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى ” انتهى.
“بدائع الصنائع” (1/257) ، وانظر : (1/262) .
وقال الشوكاني رحمه الله :
” قد أمر الله سبحانه في كتابه العزيز بالسعي إلي ذكر الله ، والخطبة من ذكر الله
إذا لم تكن هي المرادة بالذكر ، فالخطبة فريضة ” انتهى .
“السيل الجرار” (ص182)
وقال علماء اللجنة الدائمة :
” جمهور العلماء على أن الخطبة شرط في صحة صلاة الجمعة ؛ لقوله تعالى ( فَاسْعَوْا
إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ) قالوا : والمراد بالذكر هنا الخطبة ، فكانت واجبة للأمر
بالسعي لها ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم داوم عليها مقترنة بصلاة الجمعة ، وقد
قال صلى الله عليه وسلم : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) فوجب قرنها بالجمعة ، كما
قرنها بها صلى الله عليه وسلم “
انتهى .
“فتاوى اللجنة الدائمة” (3 / 324) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” يجب على الإنسان إذا سمع أذان الجمعة ، وهو الأذان الذي يكون عند حضور الإمام ،
أن يسعى إليها ليدرك الاستماع للخطبة والصلاة كاملة ، أما قبل أن يؤذن الأذان
الثاني فإنه لا يجب الحضور . قال أهل العلم : إلا من كان منزله بعيدا بحيث لا يصل
إلى المسجد إلا بعد الأذان الثاني : فيجب أن يسعى إلى الجمعة بحيث يصل إلى المسجد
عند الأذان الثاني ” انتهى.
“فتاوى نور على الدرب” (188 / 15) ، وينظر : فتاوى الشيخ رحمه الله (13 / 847) .
والخلاصة : أنه لا يجوز لك أن تستمع للخطبة في منزلك ، وتذهب إلى الصلاة بعد
انتهائها ، لأن الخطبة شرط في صلاة الجمعة ، ثم إن هذا يفوت عليك أجر التبكير إلى
صلاة الجمعة ، ويضيع عليك ساعات الأجر التي جعلها الله لمن يبكر لصلاة الجمعة .
راجع إجابة السؤال رقم : (60318)
.
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة