يحب أن يتحدث بنعمة الله عليه ، ويخاف من الحسد ؟
السؤال: 137984
من فضل الله علي أنه أكرمني بالكثير من الأمور الممتازة في حياتي من التوفيق في عملي وديني وحياتي بشكل عام , وكثير من الأحيان أشعر برغبة بالتحدث عن ما يحدث معي من أمور جيدة ، وميسرة بفضل الله للأصدقاء ، ولكني أخاف الحسد ، خصوصا أن الكثير منهم في ظل الظروف الحالية أوضاعهم ليست بالجيدة , لذلك أنا أخاف أن يحسدني أحدهم ، وآسف لقول ذلك ، ولكنها حقيقة ثابتة في شرعنا الحنيف ، هل هذا يعتبر ضعف إيمان؟ و ماذا إن نسيت في صباح ما ، أو مساء ما ، أن أقرأ الأذكار ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
ليعلم أن التحدث بنعمة الله هو من حقوق هذه النعمة عليك ، ومن الإقرار بالجميل
للمنعم سبحانه .
قال الله تعالى : ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) الضحى / 11
عن أبى نضرة قال : ” كان المسلمون يرون أن من شُكْرِ النعم أن يحدّثَ بها ” انتهى .
“تفسير الطبري” (24 / 489) .
قال ابن القيم رحمه الله :
” والفرق بين التحدث بنعم الله والفخر بها : أن المتحدث بالنعمة مخبر عن صفات
مُولِيها ، ومحض جوده وإحسانه ؛ فهو مُثْنٍ عليه بإظهارها والتحدث بها ، شاكرا له ،
ناشرا لجميع ما أولاه ، مقصوده بذلك إظهار صفات الله ، ومدحه والثناء [ عليه ] ،
وبعث النفس على الطلب منه دون غيره ، وعلى محبته ورجائه ، فيكون راغبا إلى الله
بإظهار نعمه ونشرها والتحدث بها .
وأما الفخر بالنعم : فهو أن يستطيل بها على الناس ، ويريهم أنه أعز منهم وأكبر ،
فيركب أعناقهم ، ويستعبد قلوبهم ، ويستميلها إليه بالتعظيم والخدمة .
قال النعمان بن بشير : إن للشيطان مصالي وفخوخا ، وإن من مصاليه وفخوخه : البطش
بنعم الله ، والكبر على عباد الله ، والفخر بعطية الله في غير ذات الله ” .
“الروح” (312) .
قال ابن الأثير: ” المَصالي : شَبيهةٌ بالشَّرَك ، واحِدتُها مُصْلاة ، أراد ما
يُسْتَفزُّ به الناس من زِينَة الدُّنيا وشهواتِها ” .
“النهاية في غريب الحديث” (3/95) .
ثانيا :
الثناء بنعمة الله الخاصة على عبد من عباده ، وإن كان أمرا محمودا ، إلا أنه إذا
خشيت من ورائه مفسدة ، من حسد أو غل أو نحو ذلك ، فإنه يعدل عن ذكر النعمة الخاصة ،
إلى الثناء على الله بما هو أهله من النعم العامة عليه وعلى غيره من الناس .
قال السعدي رحمه الله :
” وهذا يشمل النعم الدينية والدنيوية ( فَحَدِّثْ ) أي : أثن على الله بها ،
وخصصها بالذكر إن كان هناك مصلحة ، وإلا فحدث بنعم الله على الإطلاق ، فإن
التحدث بنعمة الله ، داع لشكرها ، وموجب لتحبيب القلوب إلى من أنعم بها ، فإن
القلوب مجبولة على محبة المحسن ” انتهى .
“تفسير السعدي” (ص928) .
وقال المناوي رحمه الله ، في شرحه لحديث ( .. والتحدث بنعمة الله شكر ، وتركها كفر
) :
” هذا الخبر موضعه ما لم يترتب على التحدث بها ضرر كحسد ، وإلا فالكتمان أولى ”
انتهى. “فيض القدير” (3/369) .
لكن ذلك حيث تدل القرينة عليه ، وتقوى الأمارات على تلك الخشية ، وإلا فالأصل حسن
الظن بالمسلم ، وتفويض الأمور إلى الله ، والتوكل عليه في جلب الخيرات ، ودفع
المضرات.
والنصيحة لك أن تحصن نفسك بذكر الله ، وقراءة الأوراد الشرعية ، في الصباح والمساء
، وأن تتحصن بالرقية الشرعية ، لا سيما المعوذتين
.
عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ : قَالَ كُنْتُ مَعَ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ ،
فَأَصَبْتُ خُلْوَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقَالَ : ( قُلْ ) . فَقُلْتُ : مَا أَقُولُ ؟ قَالَ : ( قُلْ )
. قُلْتُ : مَا أَقُولُ ؟ قَالَ : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ، حَتَّى
خَتَمَهَا ، ثُمَّ قَالَ : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ حَتَّى خَتَمَهَا ، ثُمَّ
قَالَ : مَا تَعَوَّذَ النَّاسُ بِأَفْضَلَ مِنْهُمَا ) .
رواه النسائي (5429) وصححه الألباني .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” التوقي من شرور الحاسد والعائن فإنه :
أولاً: بالتوكل على الله عز وجل وأن لا يلتفت الإنسان لهذه الأمور ولا يقدرها
وليعرض عنها.
ثانياً : باستعمال الأوراد النافعة التي جاء بها الكتاب والسنة ؛ فإنها خير حامٍ
للإنسان ، مثل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في آية الكرسي أن (من
قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولم يقربه شيطانٌ حتى يصبح) ” انتهى .
“فتاوى نور على الدرب” (13/274-275) .
ثالثا :
إذا نسيت قراءة أذكار الصباح أو المساء ، في يوم ما ، فبإمكانك أن تستدركها متى
ذكرتها ، فإن كان فات وقتها ، وخرج أول النهار ، أو أول الليل ، فلا شيء عليك إن
شاء الله ، ويرجى أن تحصل بركتها بداومك عليها في عامة أحوالك ، على أننا ننبهك إلى
أن الرقية الشرعية ليست خاصة بأذكار الصباح والمساء ، بل هي في أي وقت ، وننبهك
أيضا إلى أنه بإمكانك أن تعوض ما فاتك بكثير من الأذكار والتسابيح ، وتلاوة القرآن
، وهو كله غير مقيد بوقت صباح ولا مساء .
وننصحك بمراجعة كتاب : الوابل الصيب من الكلم الطيب ، لابن القيم ، وفقه الأدعية
والأذكار ، للشيخ عبد الرزاق العباد .
وينظر : إجابة السؤال رقم : (105471)
.
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة