0 / 0
39,63004/11/2009

حديث أبي موسى وحذيفة أن تكبيرات صلاة العيد أربع كالجنازة

السؤال: 138423

ورد حديث في سنن أبي داود ، وهو في باب التكبيرات : حدثنا محمد بن العلاء وابن أبي زياد المعنى قريب ، قالا ثنا زيد يعني بن حباب ، عن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن أبيه ، عن مكحول ، قال أخبرني أبو عائشة جليس لأبي هريرة ، أن سعيد بن العاص سأل أبا موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في الأضحى والفطر ؟ فقال أبو موسى : كان يكبر أربعا ، تكبيره على الجنائز ، فقال حذيفة : صدق ، فقال أبو موسى : كذلك كنت أكبر في البصرة حيث كنت عليهم . وقال أبو عائشة وأنا حاضر سعيد بن العاص . قال الشيخ الألباني : حسن صحيح . هل صحح هذا الحديث غير الشيخ الألباني ، وما رأيكم فيه ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

الذي دلت عليه الأحاديث الكثيرة المرفوعة ، أن عدد تكبيرات صلاة العيد : سبعُ تكبيرات في الركعة الأولى سوى تكبيرة الإحرام ، وخمسُ تكبيرات في الركعة الثانية سوى تكبيرة القيام .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما : قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (التَّكْبِيرُ فِي الْفِطْرِ : سَبْعٌ فِي الْأُولَى ، وَخَمْسٌ فِي الْآخِرَةِ ، وَالْقِرَاءَةُ بَعْدَهُمَا كِلْتَيْهِمَا) رواه أبو داود (1151) ، ونقل الترمذي عن البخاري أنه صحح هذا الحديث ، انظر : “ترتيب العلل الكبير” (154) ، وحسنه النووي في “الخلاصة” (2/831) ، وصححه الألباني في “صحيح أبي داود” .

وعَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (كَبَّرَ فِي الْعِيدَيْنِ فِي الْأُولَى سَبْعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ ، وَفِي الْآخِرَةِ خَمْسًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ) رواه الترمذي (536) ، وقال : “وفي الباب عن عائشة ، وابن عمر ، وعبد الله بن عمرو . حديث جد كثير حديث حسن ، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم ، واسمه عمرو بن عوف المزني” انتهى .

ونقل الترمذي عن البخاري رحمه الله قوله :

“فقال : ليس في الباب شيء أصح من هذا , وبه أقول” انتهى .

“ترتيب العلل الكبير” (153) .

وقد أخذ بهذه الأحاديث جماهير أهل العلم ، وجاء العمل بها عن كثير من الصحابة والتابعين .

قال النووي رحمه الله :

“مذهبنا أن في الأولى سبعا , وفي الثانية خمسا ، وحكاه الخطابي في ” معالم السنن ” عن أكثر العلماء , وحكاه صاحب الحاوي عن أكثر الصحابة والتابعين , وحكاه عن ابن عمر ، وابن عباس ، وأبي هريرة ، وأبي سعيد الخدري ، ويحيى الأنصاري ، والزهري ، ومالك ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحق , وحكاه المحاملي عن أبي بكر الصديق ، وعمر ، وعلي ، وزيد بن ثابت ، وعائشة رضي الله عنهم , وحكاه العبدري أيضا عن الليث ، وأبي يوسف ، وداود” انتهى .

“المجموع” (5/24-25) .

ثانياً :

أما الأحاديث المرفوعة المخالفة لما سبق ، فمنها : الحديث الذي ذكره السائل ، وقد ضعفه كثير من العلماء لما يلي :

1-فيه : عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان : قال الإمام أحمد : أحاديثه مناكير ، وقال مرة : لم يكن بالقوي في الحديث ، وقال ابن معين في رواية : ضعيف ، وقال النسائي : ضعيف . وقد وثقه أبو حاتم ، وقال عنه ابن معين : ليس به بأس .

انظر “تهذيب التهذيب” (6/151) .

2-وفيه : أبو عائشة – جليس أبي هريرة – : مجهول لا تعرف حاله ، قاله ابن حزم ، وابن القطان ، والذهبي ، كما في ” بيان الوهم ” (5/44)، و ” ميزان الاعتدال ” (4/543)

3-مخالفة هذه الرواية لما هو أشهر وأوثق ، أن أبا موسى وحذيفة إنما ذكرا التكبير للعيد أربعا عن ابن مسعود ، ولم ينقلاه عن النبي صلى الله عليه وسلم .

قال البيهقي رحمه الله :

“قد خولف راوي هذا الحديث في موضعين :

أحدهما : في رفعه .

والآخر : في جواب أبي موسى .

والمشهور في هذه القصة أنهم أسندوا أمرهم إلى ابن مسعود ، فأفتاه ابن مسعود بذلك ، ولم يسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

كذلك رواه أبو إسحاق السبيعي ، عن عبد الله بن موسى ، أو بن أبي موسى ، أن سعيد بن العاص أرسل إلى ابن مسعود وحذيفة وأبي موسى فسألهم عن التكبير في العيد ، فأسندوا أمرهم إلى ابن مسعود ، فقال : تكبر أربعا قبل القراءة ثم تقرأ ، فإذا فرغت كبرت فركعت ، ثم تقوم في الثانية فتقرأ ، فإذا فرغت كبرت أربعا .

وعبد الرحمن : هو ابن ثابت بن ثوبان : ضعفه يحيى بن معين ، قال : وكان رجلا صالحا . ورواه النعمان بن المنذر عن مكحول عن رسول أبي موسى وحذيفة عنهما عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولم يسم الرسول ، وقال : سوى تكبيرة الافتتاح والركوع ” انتهى.

“السنن الكبرى” (3/289) .

وقال الخطابي :

“روى أبو داود في هذا الباب حديثا ضعيفا – فذكره -” انتهى .

“معالم السنن” (1/251) .

وقال ابن حزم رحمه الله :

“لا يصح” انتهى .

“المحلى” (5/84) .

وقال ابن قدامة رحمه الله :

“ضعيف” انتهى .

“المغني” (3/270) .

وقال النووي رحمه الله :

“حديث ضعيف” انتهى .

“المجموع” (5/25) .

وضعفه ابن عبد الهادي في “تنقيح التحقيق” (2/93) .

حديث آخر : عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : (صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عِيدٍ , فَكَبَّرَ أَرْبَعًا , وَأَرْبَعًا , ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ حِينَ انْصَرَفَ , قَالَ: لَا تَنْسَوْا , كَتَكْبِيرِ الْجَنَائِزِ , وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ , وَقَبَضَ إِبْهَامَهُ) رواه الطحاوي في “شرح معاني الآثار” (4/345) قال : علي بن عبد الرحمن ويحيى بن عثمان قد حدثانا , قالا : ثنا عبد الله بن يوسف ، عن يحيى بن حمزة قال : حدثني الوضين بن عطاء ، أن القاسم أبا عبد الرحمن حدثه , قال : حدثني بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .

ثم قال الطحاوي رحمه الله :

“فهذا حديث حسن الإسناد ، وعبد الله بن يوسف , ويحيى بن حمزة , والوضين والقاسم : كلهم أهل رواية , معروفون بصحة الرواية ليس كمن روينا عنه الآثار الأول فإن كان هذا الباب من طريق صحة الإسناد , يؤخذ , فإن هذا أولى أن يؤخذ به , مما خالفه” انتهى .

ووافقه الألباني رحمه الله في “السلسلة الصحيحة” (2997) .

إلا أن الوضين بن عطاء ، فهو وإن قال عنه ابن معين وأحمد : لا بأس به ، فقد تكلم فيه بعض أهل العلم ، فعن الوليد بن مسلم أنه قال فيه : كان صاحب خطب ، ولم يكن في الحديث بذاك . وقال محمد بن سعد : كان ضعيفا في الحديث . وقال الجوزجانى : واهي الحديث . وقال أبو حاتم: تعرف وتنكر . وقال إبراهيم بن إسحاق الحربى : غيره أوثق منه . وقال عبد الباقى بن قانع : ضعيف .

انظر : “تهذيب التهذيب” (11/121) .

وعلى هذا ، فالأحاديث التي فيها التكبير سبع في الأولى ، وخمس في الثانية أكثر وأصح ، فهي أولى بالتقديم ، لا سيما وجمهور الصحابة والفقهاء على العمل بها .

قال البيهقي رحمه الله :

“والحديث المسند ، مع ما عليه من عمل المسلمين أولى أن يتبع” انتهى .

“السنن الكبرى” (3/291) .

وقال النووي رحمه الله :

“رواة ما ذهبنا إليه أكثر ، وأحفظ ، وأوثق ، مع أن معهم زيادة ، والله أعلم” انتهى .

“المجموع” (5/25) .

وقد سبق قول الإمام البخاري رحمه الله عن حديث التكبير سبعا في الأولى وخمسا في الثانية : إنه أصح شيء في هذا الباب .

ثالثاً :

ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يكبر في الأولى أربعاً وفي الثانية أربعاً ، وورد عن غيره من الصحابة غير ذلك .

انظر : “مصنف ابن أبي شيبة” (2/78 – 81) .

وعليه ؛ فهذه المسألة من المسائل الاجتهادية ، التي يعمل فيها كل مسلم بما يراه راجحاً ، ولا ينكر على من يخالفه .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

“لو أنه خالف فجعلها خمساً في الأولى والثانية ، أو سبعاً في الأولى والثانية ، حسب ما ورد عن الصحابة ، فقد قال الإمام أحمد رحمه الله : اختلف أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم في التكبير ، وكله جائز ، أي : أن الإمام أحمد يرى أن الأمر في هذا واسع ، وأن الإنسان لو كبّر على غير هذا الوجه مما جاء عن الصحابة ، فإنه لا بأس به ، وهذه جادة مذهب الإمام أحمد نفسه رحمه الله ، أنه يرى أن السلف إذا اختلفوا في شيء ، وليس هناك نص فاصل قاطع ، فإنه كله يكون جائزاً ؛ لأنه رحمه الله يعظم كلام الصحابة ويحترمه ، فيقول : إذا لم يكن هناك نص فاصل يمنع من أحد الأقوال فإن الأمر في هذا واسع . ولا شك أن هذا الذي نحا إليه الإمام أحمد من أفضل ما يكون لجمع الأمة واتفاق كلمتها ؛ لأن من الناس من يجعل الاختلاف في الرأي الذي يسوغ فيه الاجتهاد سبباً للفرقة والشتات ، حتى إنه ليضلل أخاه بأمر قد يكون فيه هو الضال ، وهذا من المحنة التي انتشرت في هذا العصر على ما في هذا العصر من التفاؤل الطيب في هذه اليقظة من الشباب خاصة ، فإنه ربما تفسد هذه اليقظة ، وتعود إلى سبات عميق بسبب هذا التفرق ، وأن كل واحد منهم إذا خالفه أخوه في مسألة اجتهادية ليس فيها نص قاطع ذهب ينفر عنه ويسبّه ويتكلم فيه ، وهذه محنة أفرح من يفرح بها أعداء هذه اليقظة ؛ لأنهم يقولون : سقينا بدعوة غيرنا ، جعل الله بأسهم بينهم ، حتى أصبح بعض الناس يبغض أخاه في الدين ، أكثر مما يبغض الفاسق والعياذ بالله ، وهذا لا شك أنه ضرر ، وينبغي لطلبة العلم أن يدركوا ضرر هذا علينا جميعاً ، وهل جاءك وحي من الله أن قولك هو الصواب ؟ وإذا لم يأته وحي أن قوله هو الصواب، فما الذي يدريه ؟ لعل قول صاحبه هو الصواب ، وهو على ضلال ، هذا هو الواقع ، والآن ليس أحد من الناس يأتيه الوحي ، فالكتاب والسنّة بين أيدينا ، وإذا كان الأمر قابلاً للاجتهاد ، فليعذر أحدنا أخاه فيما اجتهد فيه . ولا بأس من النقاش المفيد الهادئ بين الإخوة ، وأُفضِّل أن يكون النقاش بين المختلفين في غير حضور الآخرين ؛ لأن الآخرين قد يحملون في نفوسهم من هذا النقاش ما لا يحمله المتناقشان ، فربما يؤول الأمر بينهما إلى الاتفاق ، لكن الآخرين الذين حضروا مثلاً قد يكون في قلوبهم شيء يحمل حتى بعد اتفاق هؤلاء ، فيجري الشيطان بينهم بالعداوة ، وحينئذٍ نبقى في بلائنا .

فأقول : جزى الله الإمام أحمد خيراً على هذه الطريقة الحسنة : (أن السلف إذا اختلفوا في شيء ، وليس هناك نص فاصل ، فإن الأمر يكون واسعاً كله جائز)” انتهى .

“الشرح الممتع” (5/136-138) .

وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : ( 36491 ) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android