اشترط عليها أن ترعى والده ثم تزوج عليها فطالبته بسكن منفرد وتقسيم العمل مع ضرتها
السؤال: 138864
تزوَّج السائل من امرأة بعد أن حكى لها وضع والده الذي يعاني من المرض ، ويحتاج إلى من يعتني به ، فوافقت ، ويريد الآن أن يتزوج بالثانية ، ولكن الأولى قالت : إذا تزوجتَ بالثانية : فسيكون من حقي أن أطالب ببيت منفرد ، ونتقاسم رعاية والدك بيننا ، فما رأيكم بذلك ؟ يقول السائل : كيف تطالب بهذا الأمر مع أنه اشترط عليها من البداية العناية بوالده ، بل إنه ما تزوجها إلا لهذا الغرض ، لا غير ؟ .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أوجب الله تعالى الوفاء بالعقود ، والعهود ، فقال : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة/1 .
وأولى العقود أن يُوفى بها : عقود الزواج ، وسواء كان ذلك الوفاء من قبَل الزوج ،
أو الزوجة .
فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا
اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ) رواه البخاري ( 2572 ) ومسلم ( 1418 ) .
وعليه : فالواجب على الزوجة الوفاء بالشرط الذي اشترطه زوجُها عليها ، وهو خدمة
ورعاية والده ، وليس للزوجة – فيما يظهر لنا – أن تطالبه بتقسيم هذا العمل بينها
وبين ضرتها ؛ لعدم اشتراطها ذلك في العقد ، مع علمها بإباحة الله تعالى له التزوج
بغيرها ، كما أنها لم تشترط عليه أن لا يتزوج عليها .
وأما المطالبة بسكنٍ منفردٍ : فإنَّ لها الحق فيه إلا أن يكون الاشتراط عليها قبل
العقد أن ترعى والده في بيته ، وأنه لا سكن لها مستقل عن والده ، فيجب عليها –
حينئذٍ – الوفاء بالشرطين – السكن ، والرعاية – وليس لها المطالبة بسكنٍ منفرد ،
ولا بتقسيم العمل بينها وبين ضرتها ، إلا أن يفعل ذلك الزوج من تلقاء نفسه .
وإذا لم تحتمل الزوجة وضعها الجديد : فلها طلب ” الخلع ” ، فتتنازل عن مهرها لزوجها
، ويطلقها .
وينظر تفصيل الخلع في جواب السؤال رقم : (
26247 ) .
وإننا ننصح الزوج أن يكون حكيماً في تصرفه ، وأن يتقي الله في زوجته الأولى ، فقد
قبلت به زوجاً ، وقبلت بخدمة والده المريض ، فليس من مكافأتها أن يأتي لها بضرة لا
تشاركها عملها ، وتتميز عنها بميزات تسبب له قلقاً في حياته ، وتنكد عليه معيشته .
ولسنا بالذي نمنع ما أباح الله تعالى من التعدد ، لكننا نعلم أنَّ مِن حسن أخلاق
المرء : مكافأة من أحسن إليه ، بالكلمة ، والفعل ، ولا نرى أن إصرار الزوج على عدم
مشاركة زوجته الثانية لرعاية والده : من حسن مكافأة زوجته الأولى ، وكان الأجدر به
أن يشترط على الثانية ما اشترطه على الأولى ، وبذلك يكون منصفاً ، وحكيماً .
وبكل حال :
نرى
أن على الزوجة الالتزام بشرط النكاح الذي اشتُرط عليها ، ولها حق طلب الخلع إن كانت
تخشى عدم الوفاء بالشرط ، أو عدم الوفاء بحقوق الزوج ، ونرى أن على الزوج أن يحسن
التصرف ليَخرج من هذا الأمر ، وذلك باشتراطه على الثانية مثل ما اشترطه على الأولى
– من رعاية والده – ، وإذا كان العقد قد تمَّ دون ذلك : فعليه أن يتلطف معها في
الطلب أن تخدم والده ، وترعى أموره بالمشاركة مع زوجته الأولى .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة