ذهبت لشراء سيارة من أحد معارض السيارات ، بنظام : “التأجير المنتهي بالتمليك” وكان من بنود العقد : أن نفقات الصيانة خلال مدة التأجير تكون على المستأجر ، وليس على المعرض ، فهل هذا جائز؟
حكم التأجير المنتهي بالتمليك مع اشتراط الصيانة على المستأجر
السؤال: 139013
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
عقد الإجارة المنتهي بالتمليك ، له صور ، منها الجائز ، ومنها الممنوع . ومن الصور الجائزة : أن يقترن بعقد الإجارة وعدٌ بالبيع ، ثم إذا انتهت الإجارة أجرى الطرفان عقد البيع بما يتفقان عليه من الثمن ، فهذا جائز .
ومنها : أن يقترن عقد الإجارة بعقد هبةٍ للعين معلقا على سداد كامل الأجرة ، أو بوعدٍ بالهبة بعد سداد كامل الأجرة ، فهذا جائز .
ويشترط في جميع الصور الجائزة أن تكون الإجارة حقيقية ، غير ساترة للبيع , فيكون ضمان السلعة المؤجرة أي السيارة أو العقار على المؤجِّر (الشركة) ، لا على المستأجر ، وكذلك نفقات الصيانة تكون على المؤجِّر لا على المستأجر طوال مدة الإجارة ، وهذا بخلاف البيع ، فإن الضمان فيه والصيانة كلها على المشتري ، لأنه يملك السلعة بمجرد العقد ، ويكون ضمانها عليه إذا استلمها .
وفي حال اشتمال العقد على تأمين العين المؤجرة فيجب أن يكون التأمين تعاونيا إسلاميا لا تجاريا ، ويتحمله المالك المؤجر وليس المستأجر ، سواء كان التأمين شاملا أو جزئيا ؛ لأن ضمان العين المؤجرة عليه لا على المستأجر ، ولا يضمنها المستأجر إلا إذا حصل منه تعدٍّ أو تقصير .
فتحصل من ذلك أنه يشترط لصحة العقد أمور :
1- أن يكون ضمان العين على المالك لا على المستأجر .
2- أن تكون الصيانة – غير التشغيلية – على المالك خلال مدة الإجارة كلها .
3- أنه لا يجوز إلزام المستأجر بالتأمين ، بل التأمين على المالك .
وهذه الأمور جاء منصوصا عليها في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي ، وسبق نقله في جواب السؤال رقم (97625) .
ومما ورد فيه بشأن الصيانة : ” تكون نفقات الصيانة غير التشغيلية على المؤجِّر لا على المستأجر طوال مدة الإجارة “.
وأما الصيانة التشغيلية ، ويراد بها ما تحتاجه الآلة للاستمرار في العمل كالزيت ونحوه ، فهذه تكون على المستأجر.
وقد ذهب بعض العلماء ـ وهو رواية عن الإمام أحمد، كما في “المغني” (5/311) – إلى أنه يجوز أن يشترط المؤجِّر على المستأجر أن يكون ضمان العين المؤجرة عليه ، فلعل المعرض قد استفتى من أفتاه بهذا القول .
وهذا القول مخالف لما اعتمده مجمع الفقه الإسلامي كما سبق ، ومخالف أيضا لما عليه جمهور الفقهاء .
قال في “درر الحكام شرح مجلة الأحكام” (1/514) : ” إذا شرط الضمان على المستأجر في حال تعيب أو هلاك المأجور بلا تعد ولا تقصير ، أو شرط رد المأجور إلى المؤجر بلا عيب تكون الإجارة فاسدة ” انتهى .
وصرح المالكية أيضا بفساد الإجارة عند اشتراط الضمان على المستأجر . ينظر : “المدونة” (3/450) ، “بلغة السالك” (4/42) .
وقال في “المغني” (5/311) : ” فإن شرط المؤجِّر على المستأجر ضمان العين , فالشرط فاسد ; لأنه ينافي مقتضى العقد . وهل تفسد الإجارة به ؟ فيه وجهان , بناء على الشروط الفاسدة في البيع . قال أحمد فيما إذا شرط ضمان العين : الكراء والضمان مكروه . وروى الأثرم , بإسناده , عن ابن عمر , قال : لا يصلح الكراء بالضمان . وعن فقهاء المدينة أنهم كانوا يقولون : لا نكتري بضمان , إلا أنه من شرط على كري أنه لا ينزل متاعه بطن واد , أو لا يسير به ليلا , مع أشباه هذه الشروط , فتعدى ذلك , فتلف شيء مما حمل في ذلك التعدي , فهو ضامن , فأما غير ذلك , فلا يصح شرط الضمان فيه , وإن شرطه لم يصح الشرط ” انتهى .
والعلة التي من أجلها حكم العلماء بفساد الإجارة إذا تم الاتفاق مع المستأجر على أن ضمان العين المستأجرة عليه : أن تكاليف هذا الضمان مجهولة ، فقد يتكلف الكثير أو القليل من المال ، أو لا يتكلف شيئاً ، حسب الأعطال التي تحصل للسيارة ، وهذه الجهالة تفسد العقد ، لأن من شروط صحة عقد البيع ـ وكذلك الإجارة ـ : علم المؤجِّر والمستأجر بالأجرة المدفوعة .
جاء في “الموسوعة الفقهية” (1/286) : “ولا يجوز اشتراط صيانة العين على المستأجر , لأنه يؤدي إلى جهالة الأجرة , فتفسد الإجارة بهذا الاشتراط باتفاق المذاهب” انتهى .
ولهذا ، فالذي يظهر لنا رجحانه ـ والله أعلم ـ هو ما ذهب إليه جماهير العلماء ، وهو المعتمد عند أئمة المذاهب الأربعة ، وبه صدر قرار المجمع الفقهي : أن صيانة العين المستأجرة يجب أن تكون على المؤجِّر ، ولا يجوز أن يلزم بها المستأجر ، وهذا من الأمور التي تميز عقد الإجارة من البيع .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب