تنزيل
0 / 0

يتعاطى المخدرات التي لا يسكر منها ثم يقوم إلى الصلاة

السؤال: 140075

هل يجوز لفرد أن يتعاطى المخدرات ويصلى بعدها مع العلم أنه يكون واعياً ومستوعباً للأمور ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

كانت الخمر مباحة في أول الإسلام ، ثم حرمها الله على المؤمنين إذا قاموا إلى الصلاة ، ثم حرمها على كل حال ، وفي جميع الأوقات ، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : “اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً” . فَنَزَلَتْ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ (يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ) الْآيَةَ ، قَالَ : فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ . قَالَ : اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً . فَنَزَلَتْ الْآيَةُ الَّتِي فِي النِّسَاءِ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى) ، فَكَانَ مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ يُنَادِي : أَلَا لَا يَقْرَبَنَّ الصَّلَاةَ سَكْرَانُ . فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ : اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً . فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) قَالَ عُمَرُ: انْتَهَيْنَا ” رواه أبو داود (3670) وصححه الألباني في صحيح أبو داود .

فقول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى) منسوخ بقوله سبحانه :

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) المائدة/90 ، 91 .

انظر : “تفسير الطبري” (4/332) .

قال السعدي رحمه الله :

” وهذه الآية الكريمة منسوخة بتحريم الخمر مطلقا ، فإن الخمر – في أول الأمر- كان غير محرم ، ثم إن الله تعالى عَرَّض لعباده بتحريمه بقوله : (يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا) .

ثم إنه تعالى نهاهم عن الخمر عند حضور الصلاة كما في هذه الآية ، ثم إنه تعالى حَرَّمه على الإطلاق في جميع الأوقات في قوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ) الآية” انتهى .

“تفسير السعدي” (ص/ 179).

والخمر أم الخبائث ، ومتناولها متوعد بالعقوبة البليغة ؛ فعَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ تَابَ لَمْ يَتُبْ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَقَاهُ مِنْ نَهْرِ الْخَبَالِ . قِيلَ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَمَا نَهْرُ الْخَبَالِ ؟ قَالَ : نَهْرٌ مِنْ صَدِيدِ أَهْلِ النَّارِ) رواه الترمذي (1862) وصححه الألباني في “صحيح الترمذي” .

وحكم المخدرات حكم الخمر ، وقد حرم الله على عباده الخمر ، قليلها وكثيرها .

روى أبو داود (3681) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ) وصححه الألباني في “إرواء الغليل” (2375) .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

“معنى قوله صلى الله عليه وسلم (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ) : أن الشيء إذا كان لا يسكر إلا الكثير منه فإن القليل الذي لا يسكر منه يكون حراماً ، مثل لو فرضنا أن هذا الشراب إن شربت منه عشرة قارورات سكرت ، وإن شربت قارورة لم تسكر ، فإن هذه القارورة وإن لم تسكرك تكون حراماً ، هذا معنى (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ)” انتهى .

“فتاوى نور على الدرب” (122/17) .

وقال المناوي رحمه الله :

“فالقطرة من المسكر حرام ، وإن انتفى تأثيرها” انتهى .

“فيض القدير” (3/82) .

ولا شك أن جميع المخدرات خمر ، وحرام ، كالحشيش والأفيون والكوكايين وغيرها ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (66227) .

والحاصل :

أنه لا يجوز للمسلم أن يشرب الخمر أو يتناول شيئاً من المخدرات مهما كان قليلاً لا يصل إلى حد الإسكار .

ومن جملة عقاب من فعل ذلك : أن الله تعالى لا يقبل له صلاة أربعين يوماً عقوبة له على هذه المعصية القبيحة الكبيرة ، فكيف يمكن لمسلم بعد ذلك أن يتناول الخمر أو المخدرات ثم يقوم ليقف بين يدي الله تعالى ، ويدعى أنه واعٍ وليس سكران ، وقد علم أن الله لن يقبل منه هذه الصلاة ، حتى يتوب من شرب الخمر .

نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين .

والله أعلم

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android