رهن شخصٌ عندي قطعةً من الأرض لمدة ثلاث سنوات، وخلال هذه السنوات قمت بحرثها وزراعتها فهل الارباح الناتجة عن ذلك تُعد رباً؟
هل يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن ؟
السؤال: 140078
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
انتفاع المرتهن بالرهن : إذا كان بغير إذن الراهن فلا يجوز بحال ؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في “الإرواء” (5/279) .
ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ : دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ ) .
رواه مسلم (2564) .
ثانيا:
فإذا أذن الراهن للمرتهن بالانتفاع : فإن كان الدين دين قرض لم يجز للمرتهن الانتفاع بالرهن ، وإن أذن الراهن ؛ لأنه قرض جر نفعا فهو ربا .
قال البيهقي رحمه الله في “السنن الصغرى” (4 / 353) :
” روينا عن فضالة بن عبيد ، أنه قال : كل قرض جر منفعة فهو وجه من وجوه الربا . وروينا عن ابن مسعود ، وابن عباس ، وعبد الله بن سلام ، وغيرهم في معناه ، وروي عن عمر ، وأبي بن كعب ، رضي الله عنهما ” انتهى .
ثالثا:
إذا لم يكن الدين الذي رهنت فيه الأرض قرضا ، كأن يكون ثمن مبيع أو أجرة دار ونحو ذلك ، وأذن مالك الرهن ( المدين ) للمرتهن ( الدائن ) في الانتفاع به : فلا حرج عليه في ذلك .
جاء في “المدونة” (4/149) :
” قُلْتُ : أَرَأَيْتَ الْمُرْتَهِنَ , هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ شَيْئًا مِنْ مَنْفَعَةِ الرَّهْنِ ؟ قَالَ : إنْ كَانَ مِنْ بَيْعٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ , وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ قَرْضٍ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ يَصِيرُ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً . قُلْتُ : وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ … ” انتهى .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
” ما لَا يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ , كَالدَّارِ وَالْمَتَاعِ وَنَحْوِهِ , فَلَا يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ بِحَالٍ . لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا ; لِأَنَّ الرَّهْنَ مِلْكُ الرَّاهِنِ , فَكَذَلِكَ نَمَاؤُهُ وَمَنَافِعُهُ , فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَخْذُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ , فَإِنْ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الِانْتِفَاعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ , وَكَانَ دَيْنُ الرَّهْنِ مِنْ قَرْضٍ , لَمْ يَجُزْ ; لِأَنَّهُ يُحَصِّلُ قَرْضًا يَجُرُّ مَنْفَعَةً , وَذَلِكَ حَرَامٌ . قَالَ أَحْمَدُ : أَكْرَهُ قَرْضَ , الدُّورِ , وَهُوَ الرِّبَا الْمَحْضُ . يَعْنِي : إذَا كَانَتْ الدَّارُ رَهْنًا فِي قَرْضٍ يَنْتَفِعُ بِهَا الْمُرْتَهِنُ .
وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ بِثَمَنِ مَبِيعٍ , أَوْ أَجْرِ دَارٍ , أَوْ دَيْنٍ غَيْرِ الْقَرْضِ , فَأَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ فِي الِانْتِفَاعِ , جَازَ ذَلِكَ ” انتهى .
“المغني” (4/250) .
رابعا :
يشترط في الانتفاع بالرهن ، على الوجه السابق ، ألا يكون هذا الانتفاع في مقابل تأخير مدة سداد الدين ، فإن كان انتفاعه بالرهن في مقابل ذلك لم يجز للمرتهن الانتفاع بالرهن ، لأنه يكون ـ حينئذ ـ من باب : قرض جر نفعا .
سئلت اللجنة الدائمة :
رجل عليه دين لرجل آخر ، رهن المدين به قطعة أرض فهل لرب الدين أن ينتفع بتلك الأرض المرهونة بالزراعة أو الإيجار أو نحوها ؟
فأجابت اللجنة :
” إذا كان المرهون مما لا يحتاج إلى مؤونة وعناية ، كالمتاع والعقارات من الأراضي والدور ، وكانت مرهونة في دين غير دين قرض ، فإنه لا يجوز للمرتهن أن ينتفع بها بالزراعة أو الإيجار، إلا بإذن الراهن ؛ لأنه ملكه فكذلك نماؤه من حق الراهن ، فإن أذن الراهن للمرتهن بالانتفاع بهذه الأرض ولم يكن الدين دين قرض ، جاز انتفاع المرتهن بها ولو بغير عوض ، ما لم يكن ذلك في مقابل تأخير مدة وفائه ، فإن كان انتفاعه بالرهن في مقابل ذلك لم يجز للمرتهن الانتفاع به .
أما إن كانت هذه الأرض المرهونة رهنت في دين قرض ، فإنه لا يجوز للمرتهن الانتفاع بها مطلقا ؛ لكونه قرضا جر نفعا ، وكل قرض جر نفعا فهو ربا بإجماع أهل العلم ” انتهى .
“فتاوى اللجنة الدائمة” (14 / 176-177)
خامسا :
إن كان الانتفاع بالرهن بغير إذن مالكه ، أو كان بإذنه لكن الدين الذي بينهما عبارة عن قرض ، على ما سبق ، أو كانت مقابل تأخير مدة الوفاء بالدين : لم يجز أخذ شيء من غلة هذه الأرض ، أو الانتفاع بشيء من ربحها .
فإن كان المرتهن ـ الذي في يده الرهن ـ قد قام بحرثها وزراعتها : فإنه يحسب من غلتها وثمرتها : أجرة المثل ، على حرثه وزرعه ، وما بقي من ذلك يرده على مالك الأرض ، أو يخصم من دينه .
وينظر : جواب السؤال : (105457) .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة