0 / 0
10,11420/11/2009

اعتادوا على صنع وليمة بعد صلاة التراويح للأقارب فهل يعد هذا بدعة

السؤال: 141044

تعودنا يا شيخ من أكثر من 15 سنه بإعداد وليمه ندعو لها الأقارب للإفطار والعشاء بعد التراويح ، والآن تعتبر عادة ، حتى بعد وفاة والدنا يرحمه الله والمسلمين أجمعين . ومن يتركها يتعيب بذلك ؛ فهل هي بدعة وإن دخل فيها الرياء ومراعاة الناس والخوف من همزاتهم ؟!

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

من أعمال الخير التي حث الشرع عليها ، وبشر فاعلها بعظيم الأجر عند ربه : إطعام الطعام.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه قَالَ : لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَقِيلَ : قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ ، فَلَمَّا اسْتَثْبَتُّ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ ، وَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ :

( أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ )

رواه الترمذي (2485) وقال : “حَدِيثٌ صَحِيحٌ” ، وصححه الألباني .

والأحاديث في هذا كثيرة .

وما ذكر من الاجتماع على ذلك العشاء ، بعد صلاة التراويح ، ليس من البدع في شيء ، فبعض الناس اعتاد أن يجعل عشاءه في هذا الوقت ، واعتاد ـ كذلك ـ أن يكون اجتماعه مع أهله وأقاربه في ذلك الوقت ، بعد الفراغ من الصلاة ، وكل هذا لا بأس به ، إن شاء الله ، ما دام تخصيص هذا الوقت ليس لاعتقاد فضيلة خاصة به ، بل هو لما اعتاده الناس من الاجتماع حينئذ .

ثانيا :

المحذور فيما ذكر من اجتماعكم ذلك : هو أن يجعل سنة راتبة ، أو أمرا لازما على أهل البيت ، أو على أحد من الناس ، إن تركها عجزا عن إقامتها ، أو شغلا عنها ، أو لغير ذلك من الأعذار : تعيب بها ؛ فهذا لا شك هو من تكليف الناس وإلزامهم بما لا يلزمهم ، والعيب إنما هو بترك الواجب ، كإكرام الضيف ، أو النفقة الواجبة ، ونحو ذلك ، أما أن يعتاد الناس شيئا ، ثم تصبح هذه العادة دينا لازما في عنقه ، إن تركه ذمه الناس بذلك وعابوه ، فهذا هو الخطأ الذي ينبغي تنبيه الناس إليه ، ومتى وصل الأمر إلى ذلك الحد : كان من المستحسن تركه أحيانا ، حتى لمن يقدر عليه ، من أجل أن ينقطع اعتياد الناس عليه ، وتكلفهم له ، حتى ربما تحلموا ما لا طاقة لهم به لأجل ذلك .

ثالثا :

ينبغي للمرء أن يجاهد نفسه في إخلاص عمله لله عز وجل ، متى كان عبادة يتقرب بها إلى ربه ، وأن يحذر في سائر أمره أن يتطرق إلى قلبه محبة الشهرة والسمعة بين الناس ؛ وإذا كنا قد ذكرنا أن إطعام الطعام هو قربة إلى الله ، وأمر رغب الشرع فيه ، فينبغي أن يكون ذلك خالصا لوجه ربه : من إطعام المحتاج والمسكين ، وصلة الأرحام ، وبذل الفضل للمسلمين ؛ وبذلك أثنى الله على عباده الصالحين ، قال تعالى : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ) الإنسان/8-10 .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

” أخبر عنهم أنهم إنما فعلوا ذلك لوجه الله ، وأنهم لا يريدون ممن أطعموه عوضا من أموالهم ، ولا ثناء عليم بألسنتهم ، كما يريده من لا إخلاص له بإحسانه إلى الناس ، من معاوضتهم ، أو الشكور منهم ؛ فتضمن ذلك : المحبة ، والإخلاص ، والإحسان ” . انتهى .

“جامع المسائل ” (1/72) .

وقال الشيخ السعدي رحمه الله :

” ويقصدون بإنفاقهم وإطعامهم وجه الله تعالى، ويقولون بلسان الحال: إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا أي: لا جزاء ماليا ولا ثناء قوليا ” انتهى .

“تفسير السعدي” (901) .

وينبغي تنبيه الناس إلى أنه إذا آل الأمر بمثل ذلك إلى أن يفعل رغبة في رضي الناس وسكوتهم عن الفاعل ، ولو لم يكن هناك دافع داخلي لديه : كان ترك مثل ذلك ـ في أقل أحواله ـ خيرا من فعله ؛ ولأجل ذلك روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه : ( نَهَى عَنْ طَعَامِ الْمُتَبَارِيَيْنِ أَنْ يُؤْكَلَ ) .

رواه أبو داود (3574) وصححه الألباني ، لكن أكثر الرواة رووه مرسلا .

قَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْمُتَبَارِيَانِ هُمَا الْمُتَعَارِضَانِ بِفَعَلَيْهِمَا ، يُقَال تَبَارَى الرَّجُلَانِ إِذَا فَعَلَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مِثْل فِعْل صَاحِبه ، لِيُرَى أَيُّهُمَا يَغْلِب صَاحِبه .

وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّيَاء وَالْمُبَاهَاة ، وَلِأَنَّهُ دَاخِل فِي جُمْلَة مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ أَكْل الْمَال بِالْبَاطِلِ ” انتهى من ” عون المعبود ” .

على أنه متى كان العرف السائد في البلد أو القبيلة ، يقتضي أمرا من مثل تلك المباحات ، وتكلفه المرء : ذبا عن عرضه ، ودفعا لقالة السوء عن نفسه : فلا بأس عليه بذلك ، والذب عن النفس ، ودفع التهم عنها أمر محمود ، ما استطاع المرء إلى ذلك سبيلا .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android