0 / 0

حكم لبس الباروكة للمرأة الصلعاء، وهل تمسح عليها في الوضوء؟

السؤال: 141074

إنني أعاني من فقد الشعر ، وأعاني من صلع في بعض المناطق في رأسي ، وقد سبَّب لي هذا الأمر اكتئاباً ، ففي بعض الأوقات أرى فتيات بشعر جميل ويشعرون بالأسى تجاهي ، وقد حاولت أن أقوم بجراحة زرع الشعر ، ولكن الأطباء قالوا إنها لن تجدي معي ؛ فبشرة رأسي غير ملائمة ، وبالرغم من أنني أغطي رأسي عند الخروج وأرتدي الحجاب عندما أكون في البيت أو في مناسبات العائلة وفي الحفلات التي يكون فيها فصل بين الرجال والنساء ولا أحتاج لارتداء الحجاب ، وهنا أصاب بغضب شديد لأنني لا أقدر على خلعه ، فهل يجوز لي ارتداء الباروكة – شعر مستعار – ؟ . وإن كانت الإجابة نعم : فهل لها تأثير على الوضوء ؟ .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:

سبق في جواب السؤال رقم ( 1171 ) حرمة استعمال الباروكة من حيث الأصل ، ولو لزينة المرأة أمام زوجها ، وأنها من وصل الشعر المحرَّم .

كما سبق في جواب السؤالين ( 101430 ) و ( 113548 ) جواز اتخاذ الباروكة من أجل ستر عيب عند المرأة الصلعاء ، وأن هذا هو قول الشيخ العثيمين رحمه الله ، خلافاً لأكثر العلماء المعاصرين والذين عدوه من الوصل المحرَّم ، وينظر كلام الشيخ العثيمين في الجوابين المحال عليهما .

ثانياً:

من أبرز ما استدل به من منع من استعمال الباروكة للمرأة المصابة بالصلع حديثان :

1. عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ جَارِيَةً مِنْ الْأَنْصَارِ تَزَوَّجَتْ وَأَنَّهَا مَرِضَتْ فَتَمَعَّطَ شَعَرُهَا فَأَرَادُوا أَنْ يَصِلُوهَا فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : (لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ) رواه البخاري (5590) .

فتمعط شعرها : تناثر وتساقط .

2. عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بِنْتًا لِي عَرُوسٌ وَإِنَّهَا اشْتَكَتْ فَتَمَزَّقَ شَعْرُهَا فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ إِنْ وَصَلْتُ لَهَا فِيهِ فَقَالَ : ( لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ ) رواه النسائي ( 5250 ) وصححه الألباني في صحيح النسائي .

وقد ذهب بعض العلماء إلى جواز لبس الباروكة وقالوا : إن الأحاديث دلت على تحريم وصل الشعر ، وأما الباروكة فليست من الوصل ، وإنما هي شعر يوضع فوق الرأس .

قال النفراوي المالكي رحمه الله :

ومفهوم "وصل" أنها لو لم تصله بأن وضعته على رأسها من غير وصل لجاز ، كما نص عليه القاضي عياض ؛ لأنه حينئذ بمنزلة الخيوط الملوية كالعقوص الصوف والحرير تفعله المرأة للزينة ، فلا حرج عليها في فعله ، فلم يدخل في النهي ويلتحق بأنواع الزينة .

"الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني" (2/508) .

وقد أجاب الشيخ ابن عثيمين عن هذين الحديثين بجواب آخر ، فقال رحمه الله :

"فإن قال قائل ما تقولون في الباروكة ؟ هل هي من الوصل أو لا  ؟

قال بعض العلماء :  ليست من الوصل ؛ لأن الباروكة لا يوصل الشعر بالشعر ، ولكنها بمنزلة الخمار لأنها توضع على الرأس وضعاً ، ويكون الشعر تحتها .

وقال بعض العلماء : بل هي من الوصل ولكنَّ الوصل قد يكون بربط أسفل الشعر بهذا الموصول به ، وقد يكون بأن يوضع عليه ويطبَّق بشعر يكون أطول من الأصل ، والعبرة بالمعنى لا بالصورة .

إذاً : إذا قلنا بأن الباروكة وصلٌ : صار استعمالها محرماً ، بل من كبائر الذنوب .

فإن قال قائل : ما تقولون في امرأة صلعاء ليس في رأسها أي شعر ، هل يجوز أن تستعمل الباروكة تغطية للعيب لا زيادة في الجمال أو في طول الشعر ؟

فالجواب – والله أعلم – : أنه جائز ، ولكن يرِد عليه قصة المرأة مع ابنتها التي قالت إنها أصيبت بالحصبة فتمزق شعرها ، فسألت النبي هل تصل رأسها ؟ فمنعها من ذلك .

فالجواب على هذا : أن الظاهر أن الشعْر لم يُفقد بالكلية ، ولهذا هي طلبت الوصْل ، وطلبُ الوصْل يدل على أن أصل الشعر موجودٌ ، فإذا كان أصل الشعر موجوداً : صارت الزيادة من أجل التكميل والتحسين ، أما إذا لم يكن موجوداً وكان عيباً – وأنا أريد بالصلعاء التي يكون رأسها كخدها ليس فيه شعرة أبداً ، وهذا موجود لا تظن أن هذا أمرٌ فرضي ، ليس فرضيّاً ، بل هو أمر واقع – : فالظاهر لي أن هذا لا بأس به ؛ لاختلاف القصد في الوصل الذي ورد النهي عنه ، أو ورد اللعن عليه ، وهذا الوصل" انتهى .

"شرح صحيح البخاري" (7/599 ، 600) .

ثالثاً :

أما المسح على تلك الباروكة في الوضوء : فالأولى والأحوط أن تنزع عند الوضوء ، وأن يُمسح الرأس مباشرة ، هذا هو الأحوط ، وإن كان المسح عليها جائزاً ، فقد مسح النبي صلى الله عليه وسلم على رأسه الملبَّد ، ومسح على عمامته .

وأما في الغسل : فيجب نزعها ؛ لوجوب إيصال الماء إلى جميع البشرة .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

واختلف العلماء في جواز مسح المرأة على خمارها .

فقال بعضهم : إِنه لا يجزئ لأن الله تعالى أمر بمسح الرَّأس في قوله : (وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ) المائدة/6 ، وإِذا مَسَحَتْ على الخمار : فإِنها لم تمسح على الرَّأس ؛ بل مسحت على حائل وهو الخمار فلا يجوز .

وقال آخرون بالجواز ، وقاسوا الخِمَار على عِمَامة الرَّجُل ، فالخِمَار للمرأة بمنزلة العِمَامة للرَّجُل ، والمشقَّة موجودة في كليهما .

وعلى كُلِّ حالٍ إِذا كان هناك مشقَّة إِما لبرودة الجوِّ ، أو لمشقَّة النَّزع واللَّفّ مرَّة أخرى ، فالتَّسامح في مثل هذا لا بأس به ، وإلا فالأوْلى ألاَّ تمسح ، ولم ترد نصوصٌ صحيحة في هذا الباب .

ولو كان الرَّأس ملبَّداً بحنَّاء ، أو صمغ ، أو عسل ، أو نحو ذلك : فيجوز المسح ؛ لأنه ثبت أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان في إحرامه ملبِّداً رأسَه ، فما وُضع على الرَّأس مِنَ التَّلبيد فهو تابع له .

وهذا يدلُّ على أن طهارة الرَّأس فيها شيء من التَّسهيل .

وعلى هذا ؛ فلو لبَّدت المرأة رأسها بالحِنَّاء جاز لها المسحُ عليه ، ولا حاجة إلى أن تنقض رأسَها ، وتَحُتُّ هذا الحنَّاء ، وكذا لو شدَّت على رأسها حُليًّا – وهو ما يُسمّى بالهامة – ، جاز لها المسحُ عليه ؛ لأننا إِذا جوَّزنا المسح على الخمار فهذا من باب أَوْلَى .

وقد يُقال : إن له أصلاً وهو الخاتم ، فالرَّسول صلى الله عليه وسلم كان يلبس الخاتم ، ومع ذلك فإِنَّه قد لا يدخل الماءُ بين الخاتم والجلد ، فمثل هذه الأشياء قد يُسامِحُ فيها الشَّرع ، ولا سيما أن الرَّأس من أصله لا يجب تطهيرُه بالغسل ، وإنما يطهرُ بالمسح ، فلذلك خُفِّفَتْ طهارتُه بالمسح ….

فالعِمامةُ ، والخُفُّ ، والخِمارُ ، إِنما تمسحُ في الحَدَث الأصغر دون الأكبر ، والدَّليل على ذلك : حديث صفوان بن عَسَّال قال : (أمَرنا رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم إِذا كُنَّا سَفْراً ألاَّ ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ، ولكن من غائط ، وبول ، ونوم) .

فقوله : (إلا من جنابة) يعني به : الحدَثَ الأكبر .

وقوله : (ولكن من غائط وبول ونوم) ، هذا الحدث الأصغر ، فلو حصل على الإِنسان جنابة مدَّةَ المسح : فإنه لا يمسح ، بل يجب عليه الغُسلُ ؛ لأنَّ الحدث الأكبر ليس فيه شيء ممسوح ، لا أصلي ولا فرعي ، إلا الجبيرة" انتهى .

"الشرح الممتع على زاد المستقنع" (1/239 – 242) باختصار.

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android