0 / 0

معنى حديث الإمام ضامن

السؤال: 142325

أخبرني بعض الأشخاص أن صلاة المأموم مرهونة بصلاة الإمام ، أي : طالما أن الإمام لم يرتكب خطأ في صلاته فصلاة المأموم صحيحة تبعا له ، سواء أخطأ المأموم أم لم يخطئ ، فهل هذا الحكم صحيح ، وما الدليل ، وهل يعني أن مبطلات الصلاة في حال صلاة الجماعة تختلف عنها في صلاة المنفرد ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الإمام في صلاة الجماعة هو مقدَّم الناس إلى الله ، يقودهم في أعظم شعيرة من شعائر الإسلام وهي الصلاة ، ولذلك كان لصلاته أهمية بالغة ، تعلقت بها صلاة المأمومين في أحكام كثيرة ، يجمع مقاصدها حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( الْإِمَامُ ضَامِنٌ ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ ، اللَّهُمَّ أَرْشِدْ الْأَئِمَّةَ ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ )

رواه أبو داود (رقم/517) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود "

وقوله صلى الله عليه وسلم : ( الإمام ضامن ) : يشتمل على كثير من معاني الضمان التي اتفق عليها أهل العلم في أبواب صلاة الجماعة :

فالإمام ضامن : بمعنى أنه يجب عليه أن يحفظ صلاة المأمومين من البطلان ، ويحفظ عليهم عدد الركعات ، ولا ينقر بهم الصلاة نقرا مخلا بالأركان ، ولا يقصر في العناية بشروط الصلاة وتحقيق سننها وهيئاتها ، ونحو ذلك .

والإمام ضامن بمعنى : أنه يتحمل عن المأموم الجهر في الصلاة الجهرية ، ويتحمل عنه قراءة السورة القصيرة أيضا ، كما يتحمل سهو المأموم إذا ترك بعض السنن ، بل ويتحمل عنه قراءة الفاتحة إذا جاء مسبوقا ، كل ذلك من معاني الضمان المتفق عليها .

والإمام ضامن أيضا بمعنى : أنه متكفل بالدعاء لجميع المأمومين إذا قنت بهم ، أو دعا لهم ، متكفل بتعليم المأمومين أحكام الصلاة كي لا تفسد عليهم ، ولا يحرموا ثوابها الكامل . 

يقول الخطابي رحمه الله :

" قوله : ( الإمام ضامن ) قال أهل اللغة : الضامن في كلام العرب معناه : الراعي . والضمان معناه : الرعاية ، قال الشاعر :

رعاكِ ضمان الله يا أم مالك … وللّه أن يشقيك أغنى وأوسع

والإمام ضامن بمعنى : أنه يحفظ الصلاة وعدد الركعات على القوم .

وقيل معناه : ضامن الدعاء ، يعمهم به ولا يختص بذلك دونهم ، وليس الضمان الذي يوجب الغرامة من هذا في شيء .

وقد تأوله قوم على معنى : أنه يتحمل القراءة عنهم في بعض الأحوال ، وكذلك يتحمل القيام أيضاً إذا أدركه راكعا " انتهى.

" معالم السنن " (1/156)

ويقول بدر الدين العيني رحمه الله :

" أصل الضمان : الرعاية والحفظ ؛ لأنه يحفظ على القوم صلاتهم .

وقيل : لأنه يتحمل القراءة عنهم ، ويتحمل القيامَ إذا أدركه راكعًا .

وقيل : صلاة المقتدين به في عهدته ، وصحتها مقرونة بصحة صلاته ؛ فهو كالمتكفل لهم صحة صلاتهم .

وقيل : ضمان الدعاء يعمّهم به ، ولا يختص بذلك دونهم " انتهى.

" شرح سنن أبي داود " (2/468)

ويقول الشوكاني رحمه الله :

" ( الإمام ضامن ) الضمان في اللغة : الكفالة ، والحفظ ، والرعاية .

والمراد : أنهم – يعني الأئمة – ضمناء على الإسرار بالقراءة والأذكار ، حكي ذلك عن الشافعي في " الأم " .

وقيل : المراد : ضمان الدعاء ، أن يعم القوم به ، ولا يخص نفسه .

وقيل : لأنه يتحمل القيام والقراءة عن المسبوق " انتهى.

" نيل الأوطار " (2/42)

ومع ذلك لم يفهم العلماء من الحديث ما فهمه بعض الناس ، أنه إذا صحت صلاة الإمام فقد صحت صلاة المأموم مهما وقع في المخالفات ، وأنه إذا فسدت صلاة الإمام فقد فسدت صلاة المأموم وإن حافظ على أركانها وشروطها .

بل يقول العلماء : المخالفات التي قد يرتكبها المأموم في صلاته لا تخلو :

1- إما أن تكون المخالفة تعد من مبطلات الصلاة : كالحدث ، وإصابة النجاسة ، أو الأكل والشرب والضحك ، ونحو ذلك من مبطلات الصلاة ، ومثلها أيضا تعمد ترك ركن من أركان الصلاة : فهذه المخالفات مبطلة لصلاة المأموم ، ولا يتحمل الإمام عنه منها شيئا باتفاق العلماء .

2- وإما أن تكون المخالفة ليست من مبطلات الصلاة : كترك بعض السنن والهيئات ، والوقوع في بعض المخالفات كالالتفات والتبسم ونحو ذلك مما لا يبطل الصلاة ، أو السهو عن بعض الواجبات ، كأن ينسى قراءة التشهد الأول ، أو قراءة تسبيحات الركوع أو السجود ، أو نحو ذلك : فهذه هي التي تجبرها صلاة الإمام ، ويسد أجر صلاة الجماعة النقص والخلل الذي وقع بها .

وهناك بعض المسائل الفقهية التي اختلف فيها فقهاء المذاهب الأربعة تبعا لاختلافهم في معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( الإمام ضامن ) ، تراجع في كتب اختلاف العلماء المطولة .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android