إدا نزل على امرأة دم وهي حامل في الشهور الأولى من الحمل ، وهو ليس دم حيض بل عملية إجهاض وكانت متمتعة بالعمرة إلى الحج ، فمادا تفعل في إحرامها للعمرة؟ وهل تطوف؟ وهل تعتبر الحجة غير صحيحة ؟ علما أنها من بلد بعيد وملزمة بالعودة لبلدها بالطائرة في موعد محدد برفقة زوجها .
أجهضت بعد إحرامها بعمرة التمتع فهل تطوف وكيف تكمل حجها ؟
السؤال: 143089
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
إذا حصل للمرأة عملية إجهاض ، فإن كان ذلك بعد ظهور التخليق في الجنين ، فالدم النازل بسبب ذلك دم نفاس ، وإن كان قبل التخليق فالدم النازل دم استحاضة لا يمنع من الصلاة ولا الطواف .
والتخليق لا يبدأ في الحمل قبل ثمانين يوماً ، ينظر جواب السؤال رقم (37784) .
وعليه ؛ فهذه المرأة التي حصل لها الإجهاض ، إن كان إجهاضها قبل ثمانين يوماً من الحمل فالدم النازل ليس بدم نفاس ، بل هو دم استحاضة فلا يمنعها من الصلاة والطواف ، وعليها أن تتوضأ لكل صلاة .
وإذا كان الإجهاض بعد نفخ الروح في الجنين –أي بعد مائة وعشرين يوماً من الحمل- فالدم النازل دم نفاس قطعاً .
وإذا كان الإجهاض بعد ثمانين يوماً وقبل تمام مائة وعشرين فإنها تنظر في السقط فإن ظهر فيه تخليق فالدم النازل نفاس ، وإن لم يكن فيه تخليق فالدم النازل استحاضة .
ثانيا :
إذا كان الدم دم نفاس ، وقد أحرمت بالعمرة ، فليس لها أن تطوف بالبيت في قول جمهور الفقهاء ، بل تنتظر حتى تطهر – ولو قبل الأربعين- ، فإن لم تطهر قبل عرفة ، أحرمت بالحج ، وصارت قارنة ، وتفعل ما يفعل الحاج من الوقوف والرمي والمبيت بمنى ، ولا تطوف حتى تطهر . هذا قول جمهور أهل العلم .
فإن لم يمكنها البقاء في مكة حتى تطهر ، فلها أن تأخذ دواء يوقف الدم ويرفعه ، لتتمكن من الطواف وهي طاهرة ، وقد روى عبد الرزاق في مصنفه (1/318) أن ابن عمر رضي الله عنهما سئل عن امرأة تطاول بها دم الحيضة فأرادت أن تشرب دواء يقطع الدم عنها ، فلم ير ابن عمر باسا ، ونعت ابن عمر ماء الأراك [أي وصف لها ذلك دواء لها] ، قال معمر : وسمعت ابن أبي نجيح يُسأل عن ذلك فلم ير به بأسا .
وروى عن عطاء أنه سُئل عن امرأة تحيض ، يجعل لها دواء فترتفع حيضتها وهي في قرئها كما هي ، تطوف ؟ قال : نعم ، إذا رأت الطهر ، فإذا هي رأت خفوقا ولم تر الطهر الأبيض ، فلا .
والخفوق : الدم القليل أو الخفيف قرب الانقطاع .
وإذا لم يمكنها أخذ هذا الدواء أو خافت حصول ضرر عليها منه ، فقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أنه إن لم يمكنها البقاء في مكة لذهاب رفقتها ، ولم يمكنها الرجوع للطواف ، فهي مضطرة ، تستثفر وتتحفظ بما يمنع سقوط الدم وتطوف ، وبهذا أفتى بعض أهل العلم .
فقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : قدمت امرأة محرمة بعمرة ، وبعد وصولها إلى مكة حاضت . ومحرمها مضطر إلى السفر فوراً وليس لها أحد بمكة ، فما الحكم ؟
فأجابت : “إذا كان الأمر كما ذكر من حيض المرأة قبل الطواف وهي محرمة ، ومحرمها مضطر للسفر فوراً وليس لها محرم ولا زوج بمكة ، سقط عنها شرط الطهارة من الحيض لدخول المسجد وللطواف للضرورة ، فتستثفر وتطوف وتسعى لعمرتها ، إلا إنْ تيسر لها أن تسافر وتعود مع زوج أو محرم ، لقرب المسافة ويسر المؤونة فتسافر وتعود فور انقطاع حيضها لتطوف طواف عمرتها وهي متطهرة ، فإن الله تعالى يقول : (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) . وقال : (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) . وقال : (وما جعل عليكم في الدين من حرجٍ) . وقال : (فاتقوا الله ما استطعتم) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم… الحديث) ، إلى غير ذلك من نصوص التيسير ورفع الحرج ، وقد أفتى بما ذكرنا جماعة من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم رحمة الله عليهما ” انتهى نقلا عن “فتاوى إسلامية” (2/ 238) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : امرأة حاضت ولم تطف طواف الإفاضة وتسكن خارج المملكة وحان وقت مغادرتها المملكة ولا تستطيع التأخر ويستحيل عودتها للمملكة مرة أخرى فما الحكم ؟
فأجاب : “إذا كان الأمر كما ذكر امرأة لم تطف طواف الإفاضة وحاضت ويتعذر أن تبقى في مكة أو أن ترجع إليها لو سافرت قبل أن تطوف ، ففي هذه الحالة يجوز لها أن تستعمل واحداً من أمرين : فإما أن تستعمل إبراً توقف هذا الدم وتطوف ، وإما أن تتلجم بلجام يمنع من سيلان الدم إلى المسجد وتطوف للضرورة ، وهذا القول الذي ذكرناه هو القول الراجح والذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ، وخلاف ذلك واحد من أمرين : إما أن تبقى على ما بقي من إحرامها بحيث لا تحل لزوجها ولا أن يعقد عليها إن كانت غير مزوجة ، وإما أن تعتبر محصرة تذبح هدياً وتحل من إحرامها ، وفي هذه الحال لا تعتبر هذه الحجة لها ، وكلا الأمرين أمر صعب ، فكان القول الراجح هو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية ، رحمه الله في مثل هذه الحال للضرورة، وقد قال الله تعالى : (ما جعل عليكم في الدين من حرج) . وقال : (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) . أما إذا كانت المرأة يمكنها أن تسافر ثم ترجع إذا طهرت فلا حرج عليها أن تسافر فإذا طهرت رجعت فطافت طواف الحج وفي هذه المدة لا تحل للأزواج لأنها لم تحل التحلل الثاني ” انتهى من “فتاوى إسلامية” (2/237) .
ثالثا :
إذا غلب على ظن المرأة أن الدم لا ينقطع قبل عرفة ، مع علمها أنه لا يمكنها البقاء بمكة حتى تطهر ، فطافت للعمرة وتحللت منها ثم أحرمت بالحج ، فحجها صحيح ، وكان الأولى أن تفعل ما سبق ذكره ، وهو من إدخال الحج على العمرة لتصير قارنة ، فإنه قد يقدّر لها أن تطهر بعد عرفة بيوم أو يومين فتطوف وهي طاهرة .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة