ما هي أحكام البر باليمين ؟ ومتى يجوز لي الحنث في اليمين ؟ وحلفت أمي علي بالنبي أن أسكت : هل أبر بيمينها أم لا ، وهل هذه يمين مؤقتة أم دائمة ؟ وكيف أفرق بين اليمين الدائمة واليمين المؤقتة ؟ أرجو أن تردوا علي بسرعة مع ذكر الأدلة من القرآن والسنة ، إن أمكن . وشكرا جزيلا لكم .
أحكام البر باليمين وحالات جواز الحنث
السؤال: 143578
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
البر باليمين تعتريه الأحكام الخمسة : فيكون واجبا ومندوبا وحراما ومكروها ومباحا .
قال في “مطالب أولي النهى” (6/ 365) : ” ( فمن حلف على فعل مكروه أو ) حلف على ( ترك مندوب , سُنّ حنثه وكره بره ) لما يترتب على بره من ترك المندوب قادرا . ( و ) من حلف ( على فعل مندوب أو ترك مكروه , كره حنثه , وسن بره ) لما يترتب على بره من الثواب بفعل المندوب , وترك المكروه امتثالا .
( و ) من حلف ( على فعل واجب أو على ترك محرم , حرم حنثه ) لما فيه من ترك الواجب أو فعل المحرم , ( ووجب بره ) لما مر .
( و ) من حلف ( على فعل محرم أو ترك واجب , وجب حنثه ) لئلا يأثم بفعل المحرم أو ترك الواجب ( وحرم بره لما سبق ) .
( ويخيّر ) من حلف ( في مباح ) ليفعلنه أو لا يفعله بين حنثه وبره ( وحفظها فيه أولى ) من حنثه ; لقوله تعالى : ( واحفظوا أيمانكم ) ” انتهى .
وينظر : بدائع الصنائع (3/ 17) ، أسنى المطالب (4/ 247).
وبهذا تعلم أنه يجوز لك الحنث في اليمين إذا حلفت على أمر مباح ، ويستحب لك الحنث إذا حلفت على ترك أمر مستحب أو فعل أمر مكروه ، ويكره الحنث في عكس هذه الصورة : أن تحلف على ترك أمر مكروه ، أو فعل مستحب ، ويتأكد جانب البر باليمين بعموم الأمر بحفظ الأيمان . ويجب الحنث إذا حلفت على فعل أمر محرم أو ترك أمر واجب ، ويحرم الحنث إذا حلف على ترك محرم أو فعل واجب .
والأصل في جواز الحنث : قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ ) رواه مسلم (1650).
وروى البخاري (5188) ومسلم (1649) عن أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قال : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ الْأَشْعَرِيِّينَ فَوَافَقْتُهُ وَهُوَ غَضْبَانُ وَهُوَ يَقْسِمُ نَعَمًا مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ فَاسْتَحْمَلْنَاهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَحْمِلَنَا قَالَ مَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ ثُمَّ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَهْبٍ مِنْ إِبِلٍ فَقَالَ أَيْنَ الْأَشْعَرِيُّونَ أَيْنَ الْأَشْعَرِيُّونَ قَالَ فَأَعْطَانَا خَمْسَ ذَوْدٍ غُرَّ الذُّرَى فَلَبِثْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي نَسِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينَهُ فَوَاللَّهِ لَئِنْ تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينَهُ لَا نُفْلِحُ أَبَدًا فَرَجَعْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا اسْتَحْمَلْنَاكَ فَحَلَفْتَ أَنْ لَا تَحْمِلَنَا فَظَنَنَّا أَنَّكَ نَسِيتَ يَمِينَكَ فَقَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ هُوَ حَمَلَكُمْ ، إِنِّي وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا ).
ثانيا :
لا يجوز الحلف بغير الله تعالى ، سواء كان بالنبي أو بالكعبة أو بالوالد أو غير ذلك ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ ) رواه البخاري (2679) ومسلم (1646) ، وقوله : ( مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ ) رواه الترمذي (1535) وأبو داود (3251) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وهذه اليمين لا تنعقد ، ولا تلزم فيها كفارة ، ولا يلزم المحلوف عليه برها .
قال ابن قدامة رحمه الله : ” ولا تنعقد اليمين بالحلف بمخلوق ; كالكعبة , والأنبياء , وسائر المخلوقات , ولا تجب الكفارة بالحنث فيها . وهو قول أكثر الفقهاء ” انتهى من “المغني” (9/ 405) .
وينبغي أن تبين لوالدتك حرمة الحلف بغير الله ، ووجوب التوبة من ذلك .
وننبه على أنه يلزمك بر والدتك ، وطاعتها ولو لم تحلف ، فإذا قالت لك : اسكت ، وكان لا يترتب على هذا السكوت معصية ، فإنك تسكت برا وطاعة لها .
وينظر الكلام على طاعة الوالدين في جواب السؤال رقم (101105) ورقم (41950) ورقم (98768) .
ثالثا :
اليمين بالله قد تكون مؤقتة وقد تكون دائمة ، وذلك بحسب اللفظ ، أو بحسب النية ، أو بحسب الباعث أو المهيج على اليمين .
مثال الأول : أن يقول الحالف : والله لا أكلم فلانا حتى يتوب .
ومثال الثاني : أن يقول : والله لا أكلم فلانا ، وفي نيته إلى أن يتوب .
ومثال الثالث : أن يقول : والله لا أكلم فلانا ، لأنه رآه واقفا مع الأشرار ، فلو تبين أنهم أخيار لم يحنث ، ولو ترك الوقوف مع الأشرار انحلت اليمين .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة