0 / 0

حكم أكل الذبيحة التي تضرب على رأسها قبل الذبح

السؤال: 144119

أدرس في بلاد كفر ومن المعلوم أن الذبح هنا ليس على الطريقة الإسلامية . والبعض فسر قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (أحل لنا ميتتان ودمان) أن الدمان هما الكبد والطحال , ويجوز أكلهما من هذه الذبائح ولو كانت غير مذبوحة على الطريقة الإسلامية (يعني ميتة)! فما صحة هذا الحديث ؟ وما التفسير السليم له ؟
وإذا أردت أن أشتري لحما وسألت البائع النصراني عن طريقة الذبح وقال : تضرب الذبيحة على رأسها ومن ثَمَّ تذبح من الرقبة . فهل هذه الشروط كافية للشراء وتصديقه من غير أن أرى بعيني ؟ (كل الذين يذبحون هنا نصارى) .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

روى أحمد (5690) وابن ماجه (3314) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ ، وَأَمَّا الدَّمَانِ فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ ) والحديث صححه الألباني في صحيح ابن ماجه .

والحديث يدل على إباحة أكل الكبد والطحال مع أنهما ” دمان ” ، ولا يفهم منه إباحة الكبد أو الطحال من الميتة أو الموقوذة أو المتردية والنطيحة .

فمعنى الحديث أن الدم محرم لا يجوز أكله ، ولكن يستثنى من ذلك : الكبد والطحال ، فيجوز أكلهما ، ولكن بشرط أن يكونا من حيوان تم ذبحه ذبحاً شرعياً ، فإن لم يقع ذلك فهما حرام ، لأنهما يكونان ميتة .

فالكبد جزء من البهيمة ، لا يحل إلا إذا كانت حلالا .

والميتة محرمة بالنص والإجماع ، كما قال تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ ) المائدة/3

وما لم يذبح ذبحا شرعيا ، بل مات حتف أنفسه ، أو بالصعق ، أو بالضرب ، أو بالإغراق في الماء ، فهو ميتة لا تحل .

ثانيا :

يشترط لحل الذبيحة من المسلم والكتابي أن يكون الذبح في محله ، فيقطع الودجين ، وإن قطع مع ذلك الحلقوم وهو مجرى النَّفَس ، والمريء وهو مجرى الطعام والشراب كان أكمل في الذبح .
وأما ضرب الحيوان على رأسه قبل ذبحه ففيه تفصيل :
فإن تم الذبح وفي الحيوان حياة ، جاز أكله ، كأن يكون الضرب خفيفا ، ويبادر الذابح إلى الذبح فورا .
وإن كان الذبح بعد موت الحيوان ، لم يجز أكله ، ويكون في حكم الموقوذة ، والموقوذة “هي التي ترمى أو تضرب بحجر أو عصا حتى تموت من غير تذكية” كما روي عن ابن عباس والحسن وقتادة والضحاك والسدي . انظر : “تفسير القرطبي” (6/46) .
ويدل على ذلك قوله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ ) المائدة/3.
فقوله : ( إلا ما ذكيتم ) : استثناء يدل على حل المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وأكيلة السبع إذا أُدركت وهي حية ، وذُكيت .
والمراد بالحياة هنا : الحياة المستقرة ، وتعرف بحركتها أثناء الذبح وبتدفق الدم منها .

قال ابن قدامة رحمه الله في “المغني” : (9/ 322) : ” والمنخنقة , والموقوذة , والمتردية , والنطيحة , وأكيلة السبع , وما أصابها مرض فماتت به , محرمة , إلا أن تُدرك ذكاتها ; لقوله تعالى : (إلا ما ذكيتم) . وفي حديث جارية كعب (أنها أصيبت شاة من غنمها , فأدركتها , فذبحتها بحجر , فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كلوها) . فإن كانت لم يبق من حياتها إلا مثل حركة المذبوح , لم تبح بالذكاة.
وإن أدركها وفيها حياة مستقرة , بحيث يمكنه ذبحها , حلت ; لعموم الآية والخبر . وسواء كانت قد انتهت إلى حال يعلم أنها لا تعيش معه أو تعيش ; لعموم الآية والخبر , ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل , ولم يستفصل . وقد قال ابن عباس في ذئب عدا على شاة , فعقرها , فوقع قصبها بالأرض , فأدركها , فذبحها بحجر , قال : يلقي ما أصاب الأرض , ويأكل سائرها . وقال أحمد في بهيمة عقرت بهيمة , حتى تبين فيها آثار الموت , إلا أن فيها الروح . يعني فذبحت . فقال : إذا مصعت بذَنَبها , وطرفت بعينها , وسال الدم , فأرجو إن شاء الله تعالى أن لا يكون بأكلها بأس . وروي ذلك بإسناده عن عقيل بن عمير , وطاوس . وقالا : تحركت . ولم يقولا : سال الدم . وهذا على مذهب أبي حنيفة . وقال إسماعيل بن سعيد : سألت أحمد عن شاة مريضة , خافوا عليها الموت , فذبحوها , فلم يعلم منها أكثر من أنها طرفت بعينها , أو حركت يدها أو رجلها أو ذنبها بضعف , فنهر الدم ؟ قال : فلا بأس به ” انتهى .

وعليه ؛ فإذا تحققت من كون البهية تذبح بعد ضربها على رأسها وفيها حياة ، فلا حرج في أكلها ، وهذا التحقق يكون بالرؤية المباشرة ، وبسؤال المسلم الثقة .

وإذا تبين لك أنهم يذبحونها بعد أن تفارقها الحياة ، لم يحل أكلها .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android