فرقة ” الأحمدية اللاهورية ” وحكم التزوج من نسائهم
السؤال: 144765
أنا رجل عمري 34 سنة ، وتزوجت امرأة عمرها 36 سنة ، أنا سنّي ، وهي ” أحمدية لاهورية ” ، تزوجتها منذ عام ونصف ، ولم أكن أعلم عن هذه الفرقة الكثير ، غير أن بعض أصدقائي قالوا لي : لا بأس بالزواج طالما أنها تنطق بالشهادة ، وما زالت على معتقداتها ، وتقول لي : ابقَ على معتقدك ولكن ستعلم في نهاية المطاف من المصيب من المخطئ ! .
والحقيقة : أننا ننظر إلى مستقبل أولادنا على أي معتقد سينشئون ؟! .
إنني أحب هذه المرأة من كل قلبي ، ولا أرى في الطلاق حلاًّ ؛ لأنه سيصبح من الصعب جدّاً لكل منّا أن يجد زوجاً ، لا سيما بعد هذا السن المتأخر ، وليس لي أن أحكم على أحد من أهل القبلة بالكفر ، فما نصيحتكم ؟ .
ومما يميز ” الأحمدية اللاهورية ” عن القاديانية : أنهم لا يعتقدون أن ” ميرزا غلام ” نبي ، ولكن يرون أنه أبرز المصلحين في القرن الرابع عشر ، فهل يصنع هذا أي فارق بين الفرقتين ؟ .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
سبق
في جواب السؤال رقم (4060)
تفصيل اعتقاد ” القاديانية ” والحكم عليهم بأنهم غير مسلمين ، والذي يُفهم من كلامك
أنك مقتنع بهذا ، وإنما الإشكال عندك في فرقة “الأحمدية اللاهورية” .
فليُعلم أن مؤسس القادنية ” ميرزا غلام أحمد القادياني ” قد خلَّف وراءه بعد موته –
عام 1908 م – تركة من المال والجاه ، وأنه قد تنافس عليها كثير من أتباعه ، لكنَّ
الاستعمار الإنجليزي – المؤسس الحقيقي لتلك الفرقة – لم يسمح لأحدٍ منهم بادِّعاء
النبوة كما فعل الميرزا غلام أحمد ؛ ليحافظوا على انتشار تلك الفرقة بين المسلمين
من غير تشكيك عوام المسلمين بهم ، لكن هذا لم يمنع من الخلاف مع ورثة الميرزا حول
المال الذي خلَّفه لمن يكون وكيف يُقسم ؟
وقد
حصل بسبب ذلك عام 1914 م افتراق في تلك الفرقة فنتج منه فرقتان : الأولى هي
“الأحمدية القاديانية” وقد تبعت “بشير
الدين محمود بن ميرزا غلام”
والذي تولى أمر القاديانيين بعد موت “نور
الدين البهيروي”
الخليفة الأول لميرزا غلام ، وهي المقصودة بالقاديانية عند الإطلاق ، ويُطلق عليها
“شعبة ربوة” – وهي اسم مدينة
جديدة بناها وأسماها : “بشير الدين” ، وأدّعى أنها هي التي ورد ذكرها في القرآن
(كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ) البقرة/265 ، و (إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ
مَعِينٍ) المؤمنون/50
–
فرقة أخرى أُطلق عليها “الأحمدية اللاهورية” ؛ حيث جعلوا مركزهم في “لاهور” عاصمة
“البنجاب” ، ويُطلق عليها “شعبة لاهور” ، وكان المتزعم لها هو “محمد علي” وهو
قادياني خبيث ، كان من أبرز أعوان الميرزا غلام القادياني ، وله ترجمة مشهورة
للقرآن الكريم باللغة الإنجليزية ، وقد حذَّر منها علماء أهل السنَّة لما فيها من
دس اعتقاد الفرقة القاديانية فيها .
وقد
اختلف العلماء في حقيقة اعتقاد “محمد علي” في الميرزا غلام أحمد القادياني ، فقال
بعضهم بأنه كان يعتقد أنه مجدِّد ، لا أنه نبي ، ولكن الراجح أن الرجل خبيث ماكر ،
وأنه أعلن هذا بعد وفاة الميرزا ليسوِّق للقاديانية من غير الانحراف الجلي الذي
فيها وهو ادعاء الميرزا للنبوة ! وهو الذي حصل بالفعل ، فانتشرت بسببه القاديانية
في بلاد كثيرة .
وإليك الآن تلخيصاً لأصل هذا الفرع من القاديانية ، وحقيقة اعتقادها :
قال
الدكتور غالب بن علي عواجي وفقه الله :
“الفرع اللاهوري القادياني” :
أمير هذا الفرع هو : “محمد علي” ، من أوائل المنشئين صرح القاديانية ، وممن كان له
يد ومنّة عظيمة في توجيه الغلام المتنبي ومساعدته بالفكر والقلم أيضاً ، وكان هو
الآخر من أشد المخلصين للإنجليز والمحرضين على بذل الطاعة التامة لهم ، وقد كانت
لهم مواقف مع الغلام وأسرته ؛ إذ كان أحياناً يتبرم من استبداد المتنبي بالأموال
التي تصل إليه من أتباعه ، فيصرح للمتنبي بهذا ، ويرد عليه المتنبي هذه التهمة .
وبعد وفاة الغلام استفحل الخلاف بين أسرة “المتنبي” و “محمد علي” ، حول اقتسام
الأموال التي جاءتهم حيث استغلها ورثة المتنبي مع علمهم (بأن هذه النبوة شركة
تجارية وهم كلهم شركاء فيها) ، ولعل هذه الخلافات الشخصية لم يكن لها تأثير على
إتمام الخطة وإحلال القاديانية محل الإسلام ، خصوصاً والقوة التي أنشأت الغلام
وفكرته لا تزال هي القوة ، والمتآمرون لا يزالون في إتمام حبكها وتنفيذها .
أما
بالنسبة لحقيقة معتقَد هذا الرجل في ” غلام أحمد ” ، وهل كان متلوناً أو كان له
مبدأ أُمليَ عليه ، أو كان مقتنعاً به دون تدخل أحد : فإن الذي اتضح لي من كلام
العلماء الذين نقلوا عنه آراءه أنهم مختلفون على النحو الآتي
:
1.
منهم من يرى أن “محمد علي” اختير من قبل الساسة الإنجليز لإتمام مخطط القاديانية
بطريقة يتحاشى بها المواجهة مع مختلف طوائف المسلمين في الهند والباكستان وغيرهما ،
ويتحاشى بها كذلك مصادمة علماء الإسلام الذين نشطوا في فضح القاديانية وإخراجها عن
الدين الإسلامي ، فاقتضى الحال أن يتظاهر “محمد علي” وفرعه بأنهم معتدلون لا يقولون
بنبوة “الغلام” ، وإنما يثبتون أنه مجدد ومصلح ؛ لاستدراج الناس إلى القاديانية ،
ولامتصاص غضب المسلمين على القاديانية ، فتظاهر بعد ذلك “محمد علي” وفرعه بهذه
الفكرة بغرض اصطياد من يقع في أيديهم .
2.
ومنهم من يرى أن “محمد علي” وفرعه كانوا يعتقدون أن “الميرزا غلام أحمد” لم يدَّعِ
النبوة ، وكل ما جاء عنه في ذلك إنما هي تعبيرات ومجازات ، وكابروا في ذلك اللغة ،
وكابروا الواقع .
وقد
لقبهم القاديانيون بالمنافقين (لأنهم يحاولون الجمع بين العقيدة القاديانية
والانتساب إلى مؤسسها وزعيمها ، وبين إرضاء الجماهير) ومع هذا الموقف : فإن “محمد
علي اللاهوري” ، دائماً يلقب “الميرزا غلام أحمد” بـ “مجدد القرن الرابع عشر” و
“المصلح الأكبر” ، وزيادة على ذلك يعتقد أنه المسيح الموعود .
قال
الندوي عنهم : “وعلى ذلك تلتقي الطائفتان” .
3.
وذهب الأستاذ “مرزا محمد سليم أختر” في كتابه : “لماذا تركت القاديانية؟” إلى رأي
آخر حيث قال – بعد أن ذكر ما وقع بين محمد علي وجماعة “الربوة” من خلاف على منصب
الخلافة بعد نور الدين – قال : “وأنكر نبوة الميرزا ليكسب العزة عند المسلمين” ، ثم
قال : “ولم ينكر أحدٌ هذه الحقيقة : أن “محمد علي” أقر بنبوة “الميرزا” ، وإنكاره
لنبوته يعتبر كالعقدة في الهواء” .
والواقع : أن القول بأن الفرع اللاهوري – وعلى رأسهم “محمد علي” – ما كانوا يؤمنون
بنبوة الغلام عن اقتناع : قولٌ بعيدٌ جدّاً ؛ ذلك أن مواقفهم وتصريحاتهم كلها تشهد
بإقرارهم بنبوة الغلام وليس فقط أنه مصلح ومجدد .
كما
أن تصريحات “الغلام” نفسه بنبوته لا تخفى على من هو أبعد من الفرع اللاهوري ، فكيف
يقال بأنها خفيت عليهم ؟!
.
كما
أن معتقد الفرع اللاهوري ليس له أي أساس آخر غير الأساس الذي بناه “غلام أحمد”
وأسهم فيه “محمد علي” نفسه .
والباطل لا بد وأن يتناقض أهله فيه ، فقد صرح “محمد علي” نفسه بقوله عن الغلام :
“نحن نعتقد أن “غلام أحمد” مسيح موعود ، ومهدي معهود ، وهو رسول الله ونبيه ، ونزله
في مرتبة بيَّنها لنفسه – أي : إنه أفضل من جميع الرسل – ، كما نحن نؤمن بأن لا
نجاة لمن لا يؤمن به !” .
ونصوص أخرى كثيرة كلها تثبت أن هذا الفرع لا يختلف في النتيجة عن الحركة القاديانية
الأم في قاديان ، وأنه كان يراوغ في إظهار معتقده نفاقاً وإيغالاً في خداع العامة ،
حتى إنه كان يوصي أتباعه في جزيرة “مارشيس” ألا ينشروا هناك أن الغلام نبي ، وأن من
لم يؤمن به فهو كافر ؛ لأن هذا المسلك يضر بانتشار القاديانية ، أي : ولكن ينشروا
أنه مجدد ، لتقريب وجذب المسلمين إليهم .
ومن
أقوال هذا الفرع أيضاً : “يا ليت أن القاديانية كانت تُظهر غلام أحمد بصورة غير
النبي … ولو فعلوا هذا لكانت القاديانية دخلت في أنحاء العالم كله” .
وبهذا يتضح : أن هذا الفرع أمكر وأكثر احتيالاً لنشر القاديانية ، وهو الذي أتيح له
التوغل في العصر الحاضر إلى أقصى البلدان الإسلامية في آسيا وفي أفريقيا .
وقد
قام محمد علي بنشاط كبير في عرض القاديانية ، ولعل من أهم أعماله : ترجمته للقرآن
الكريم إلى اللغة الإنجليزية ، حيث ملأها بالأفكار القاديانية ، مما جعل الكثير من
الناس يقعون ضحية تلك الأفكار ظانين أنها ترجمة رجل مسلم ، لقد اتجه هذا الرجل في
تفسيره للقرآن وجهة خطيرة لم يتورع فيها عن الكذب والتعسف ومخالفة أهل العلم واللغة
والإجماع ، وإنما فسره بمعان باطنية ، فيها التركيز على إنكار الإيمان بالغيب
وبالقدرة الإلهية ، والأمثلة على ذلك كثيرة جدّاً ، منها على سبيل المثال :
1.
قوله تعالى لموسى : (اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا
عَشْرَةَ عَيْناً) البقرة/60 ، أي : أن الله أمر موسى بالمسير إلى جبل فيه اثنتا
عشرة عيناً .
2.
(وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) البقرة/63 ، أي : كنتم في منخفض من الأرض والجبل
يطل عليكم .
3.
(فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ) البقرة/65 ، أي : مسخت قلوبهم
وأخلاقهم .
4.
(أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ
فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ) آل عمران/49 ، المراد بالطير هنا : استعارة ،
أي : رجال يستطيعون أن يرتفعوا من الأرض وما يتصل بها من أخلاق وأشياء ، ويطيروا
إلى الله ويحلقوا في عالم الروح .
5.
المراد باليد البيضاء التي أُعطي موسى : أي : الحجة ، والحبال والعصي في قوله تعالى
: (فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ) الشعراء/44 ، أي : وسائلهم وحيلهم التي
عملوها في إحباط سعي موسى .
6.
وفي قوله تعالى : (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى
مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ) سبأ/14 الآية ، دابة الأرض : هو رجل اسمه
“رحبعام بن سليمان” الذي تولى الملك بعده ، وسمي دابة الأرض لقصر نظره ، إذ كان لا
يجاوز الأرض .
والمنسأة التي هي العصا : كناية عن ضعف الحكومة وانقراضها .
والجن : شعوب أجنبية بقيت في حكم بني إسرائيل إلى ذلك العهد .
وهدهد سليمان : هو إنسان ! كان يسمَّى الهدهد ، وكان رئيس البوليس السري ! في حكومة
سليمان.
وقد
تلاعب بمعاني القرآن الكريم على هذا التفسير الباطني الهزلي المملوء بالأكاذيب
والخرافات ، وقد تلقفه المسلمون – خصوصاً من لم يعرف العربية – بكل سرور ، لعدم
علمهم بأن تفسير “محمد علي” للقرآن الكريم باللغة الإنجليزية ، إنما يراد به هدم
معاني الشريعة الإسلامية والمفاهيم الصحيحة ، وقد ذكر الأستاذ الندوي في كتابه
“القادياني والقاديانية” كثيراً من مثل هذا التلاعب بالقرآن للتحذير وإبراء الذمة .
“فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام” (2/846 – 851) .
وعلى هذا ، فهذه الفرقة اللاهورية لا تختلف عن أصلها : ولها الحكم نفسه ، وهو
الخروج من الإسلام .
وقد
صدر قرار عن ”
مجلس مجمع الفقه الإسلامي ” المنبثق عن ” منظمة المؤتمر الإسلامي ” برقم : 4 ( 4 /
3 ) بشأن القاديانية واللاهورية ،
وقد
جاء فيه :
“وأما اللاهورية : فإنهم كالقاديانية في الحكم عليهم بالردة ، بالرغم من وصفهم
ميرزا غلام أحمد بأنه ظل وبروز لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم” انتهى .
“مجلة المجمع” عدد 2 (1/209) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 45525 ) في تحريم تزوج المسلم من قاديانية .
وعليه : فلا يجوز لك البقاء مع زوجتك تلك إلا أن تعلن إسلامها ، وتتبرأ من
قاديانيتها ، وبخلاف ذلك تكون علاقتك معها غير شرعية ، ولا يحل لك التذرع بحبها
وتعلقك بها ، وتركك لها ليس لك فيه خيار ، بل هو واجب شرعي ، حتَّمه اعتقادها
المنحرف ، قال الله تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى
اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ
وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) الأحزاب/36 ،
فإما أن تعلن إسلامها ، وحينئذ تعقد عليها عقداً جديداً ، وذلك لبطلان عقد النكاح
السابق ، وإما أن تصر على عقيدتها فتفارقها ، ومن ترك شيئاً لله أبدله الله خيراً
منه .
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة