هل ثمة ما يسمَّى ” مس العشق ” أو ” سحر العشق ” وما هي أعراضه وكيف علاجه ؟
السؤال: 144835
إحدى النساء تحس بشيء يدخل في فرجها ويؤلمها وهي مستيقظة ، مع العلم أنها عذراء وغير متزوجة ، وفي بعض الأحيان شيء يلمس جسدها ويتحسسه ، وقد يحصل هذا الشيء وهي نائمة وتفزع من نومها من الألم الذي تواجهه في فرجها .
ما العمل ؟ أفيدونا مأجورين .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
ما تدَّعيه النساء ويدَّعيه الرجال في هذا الباب كثير ، وما يثبت في واقع الحال منه
قليل ، فكم رأينا وسمعنا من مدَّعين ما ليس له أصل في واقع حاله ، لذا فإننا لا
نتعامل مع الأمور بما يدَّعيه المدَّعي ، بل بما هو موجود فيه أصلاً .
ومن خلال تأملنا في تلك الحالات المدَّعاة والنظر في أهلها وجدنا الأمر لا يخرج عن
:
1. كون تلك الادعاءات أوهاماً وخيالاتٍ لا حقيقة لها .
قال الأستاذ أسامة بن ياسين المعاني – وفقه الله – في نصائح مهمة للرقاة – :
التأكد من أن الأمر خارج نطاق تلعُّب الشيطان بالإنسان ، لإيهامه بالصرع والسحر
ونحوه ؛ لصدِّه عن الطاعة والعبادة والذِّكر .
”
منهج الشرع في علاج المس والصرع ” ( ص 41 ) .
2. كونها حالة مرضية ، نفسية ، أو عضوية .
قال الشيخان عبد الله الطيار وسامي المبارك – حفظهما الله – :
وقد تشترك أعراض ” المس ” ” السحر ” ” العين ” ببعض الحالات في الأمراض النفسية أو
العضوية ، فمثلاً : من أعراض المس : القلق ، فهل كل قلِق ممسوس ؟ فالحالة النفسية
تسبِّب القلق في كثير من الأحيان ، والإعراض عن الرحمن يسبِّب القلق ، قال تعالى (
وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) طه/ 124 .
والصداع قد يكون سبه المس ، وقد يكون سببه أمراضاً عضوية .
” فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين ” ( ص 64 ) .
3. كذب المدَّعي للوصول لأغراض دنيوية – كراحة من عمل أو تحقيق منال دنيوي – أو
للتهرب من مسئوليات ملقاة على عاتقه .
قال الأستاذ أسامة بن ياسين المعاني – وفقه الله – وهو من أهل الاختصاص في الرقية –
:
ولا بد قبل الانتهاء من ذكر خطوات العلاج من إيضاح مسألة هامة تتعلق بادعاء بعض
الحالات الإصابة بالصرع والسحر والعين ونحوه ، لأسباب خاصة ، قد تكون اجتماعية ، أو
اقتصادية الخ …
،
وعلى ذلك : فلا بد للمعالِج من توخي الدقة والفطنة والفراسة والذكاء ، ومعرفة
الصادق من الكاذب ، بناء على الممارسة والخبرة العملية في هذا المجال ، علماً بأن
بعض تلك الحالات تستطيع تقمص دور الحالة المرضية والقيام بالدور على أكمل وجه .
”
منهج الشرع في علاج المس والصرع ” ( ص 405 ) .
4. أن يكون الأمر حقيقة ، ويكون ثمة سحر ، أو عين ، أصيب به صاحب الحالة .
ثانياً:
إن كان ما تشعر به صاحبة المشكلة هو حقيقة واقعة : فإنها – حينئذ- تكون مصابة
بمسِّ العشق ، أو سحر العشق ، فقد يكون جنيّاً خبيثاً تسلط عليها بمسٍّ عشق ، أو
تكون سحرت سحر عشق ، فتعلق بها جني خبيث فآذاها بفعله الذي تخبر عنه .
سئل الشيخ عبد الله الجبرين – رحمه الله – :
أعرف شخصاً يشكو أمراً وهو أنه إذا جاء للنوم يشعر – وهو على فراشه –
بأن امرأة تجامعه ،
ويتكرر ذلك معه كثيراً ، ويحصل منه
الإنزال لذلك ، وقد سأل عن ذلك فأخبره البعض أنه ربما كانت تجامعه جنيَّة ، فهل هذا
صحيح ؟ وهل يمكن أن يجامِع الإنسُ الجنَّ أو يتزوج
منهم ؟ وما حكم ذلك
؟ .
فأجاب :
هذا ممكن في الرجال والنساء ، وذلك أن الجني قد يتشكل بصورة إنسان كامل الأعضاء ،
ولا
مانع يمنعـه من وطء الإنسية إلا بالتحصن بالذكر والدعـاء والأوراد المأثورة ، وقد
يغلب على بعض النساء ، ولو استعاذت منه ، حيث يلابسها ويخالطها ، ولا مانع أيضاً أن
الجنية تظهر بصورة امرأة كاملة الأعضاء ، وتلابس الرجل حتى تثور شهوته ، ويحس بأنه
يجامعها وينزل منه المني ويحس بالإنزال .
” الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية ” ( ص 199 ) 0
وثمة علاج لهذا الأمر الذي تعاني منه ، فعليها الالتزام بما نذكره لها ، ونسأل الله
لها الشفاء والعافية :
1. قراءة آية الكرسي قبل نومها .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ فَأَتَانِي آتٍ
فَجَعَلَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَذَكَرَ الْحَدِيثَ –
فَقَالَ : إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ لَنْ
يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ
ذَاكَ شَيْطَانٌ ) .
رواه البخاري ( 3101 ) – معلَّقاً بصيغة الجزم – والنسائي في ” عمل اليوم والليلة ”
( ص 533 ) .
2. قراءة آخر آيتين من سورة البقرة كل ليلة .
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ
الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ ) .
رواه البخاري ( 3786 ) ومسلم ( 808 ) .
قال النووي – رحمه الله – :
قوله صلى الله عليه وسلم : ” الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأهما في ليلة كفتاه ”
قيل : معناه كفتاه من قيام الليل ، وقيل : من الشيطان ، وقيل : من الآفات .
ويحتمل : من الجميع .
” شرح مسلم ” ( 6 / 91 ، 92 ) .
3. الدعاء في الصباح والمساء بالدعاء
الوارد في الحديث الآتي :
عن
عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ
وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ : بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ
فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ
لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ ) .
رواه الترمذي ( 3388 ) وصححه ، وأبو داود ( 5088 ) وابن ماجه ( 3869 ) .
4. تطييب البدن بالمسك ، أو بغيره من أنواع الطيب ، ودهن ما بين السرَّة والركبة من
ذلك تحديداً ؛ زيادة في تنفير الشياطين عنها .
قال ابن القيم – رحمه الله – :
وفى الطِّيب من الخاصية : أنَّ الملائكة تُحبه ، والشياطين تنفِرُ عنه ، وأحبُّ
شيءٍ إلى الشياطين : الرائحةُ المنتنة الكريهة ، فالأرواحُ الطيبة تُحِبُّ الرائحة
الطيبة ، والأرواحُ الخبيثة تُحِبُّ الرائحة الخبيثة ، وكل روح تميل إلى ما يناسبها
، فـ (
الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ
لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ) النور/ 26 .
وهذا – أي : ما ذُكر في الآية – وإن كان في النساء والرجال : فإنه يتناولُ الأعمالَ
والأقوالَ ، والمطاعم والمشارب ، والملابس والروائح ، إما بعموم لفظه ، أو بعموم
معناه .
” زاد المعاد في هدي خير العباد ” ( 4 / 279 ، 280 ) .
5. الاستقامة على أمر الله تعالى ، والبُعد عن المحرَّمات ؛ فإن من شأن ذلك أن
يقوِّي إيمانها ، ويساهم في طرد الشياطين عنها .
قال الشيخ عبد الله الجبرين – رحمه الله – :
طريق التحصن من شرِّها : التحفظ ، والدعاء
، والذِّكر ، واستعمال الأوراد المأثورة ، والمحافظة على الأعمال الصالحة ، والبعد
عن
المحرمات ، والله أعلم
” الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية ” ( ص 199 ) 0
ثالثاً :
ننبه الأخت المبتلاة إلى وجوب الغسل في حال حصل منها إنزال .
قال زين العابدين بن نجيم – رحمه الله – :
ولو قالت : معي جنِّي يأتيني في النوم مراراً وأجد ما أجد إذا جامعني زوجي : لا غسل
عليها !
وفي ” فتح القدير ” : ولا يخفى أنه
مقيد بما إذا لم تر الماء ، فإن رأته صريحاً : وجب ، كأنه احتلام .
” البحر الرائق ” ( 1 / 60 ) .
وهو قول الحنفية والمالكية ، كما في ” الموسوعة الفقهية ” ( 31 / 202 ) .
وينظر حول التناكح بين الإنس والجن جوال السؤال رقم (111301)
.
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة