0 / 0
84,63317/02/2010

حكم إعطاء الشريك راتبا مقابل إدارة الشركة

السؤال: 145181

شخصان شريكان في مشروع تجاري وأحدهما يدير هذا المشروع فهل يجوز له أن يأخذ راتبا على إدارته للمشروع فضلا عن أن الربح يقسم مناصفة بينهما. وجزاكم الله خيرا

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

يجوز لأحد الشركاء أن يتولى إدارة المشروع أو مهمة أخرى كالمحاسبة مثلا بعقد منفصل عن عقد الشركة ، مقابل أجرة ، ولا يجوز أن يكون هذا ضمن عقد الشركة لأنه قد يؤدي إلى ضمان رأس ماله وعدم تحمله الخسارة بقدر رأس ماله في حال وقوعها . ومعلوم أن الخسارة في الشركة تكون على قدر رأس المال ، وأن توزيع الأرباح يكون على ما يتفقان عليه .

وفي “المعايير الشرعية” ص 196 : “لا يجوز تخصيص أجر محدد في عقد الشركة لمن يستعان به من الشركاء في الإدارة أو في مهمات أخرى مثل المحاسبة ، ولكن يجوز زيادة نصيبه من الأرباح على حصته في الشركة .

يجوز تكليف أحد الشركاء بالمهمات المذكورة في البند [السابق] بعقد منفصل عن عقد الشركة بحيث يمكن عزله دون أن يترتب على ذلك تعديل عقد الشركة أو فسخه ، وحينئذ يجوز تخصيص أجر محدد له”.

وجاء في تعليل ذلك ص 213 : ” مستند عدم جواز تخصيص أجر محدد لمن يستعان به من الشركاء في الإدارة : أن هذا قد يؤدي إلى ضمان رأس ماله وعدم تحمل الخسارة بقدر رأس ماله في حال وقوعها.

مستند جواز تكليف أحد الشركاء بمهمات الإدارة بعقد منفصل وجواز تخصيص أجر له في هذه الحالة : أنه لا يمثل هنا صفة الشريك بل إنه أجير خاص ” انتهى .

وقال في كشاف القناع : “ويجب على كل واحد من الشريكين أن يتولى ما جرت العادة أن يتولاه , من نشر الثوب وطيه , وختم الكيس وإحرازه , وقبض النقد ; لأن إطلاق الإذن يحمل على العرف وهو يقتضي أن هذه الأمور يتولاها بنفسه ، فإن استأجر من فَعَله بأجرةٍ غرمها من ماله ; لأنه بذلها عوضا عما يلزمه .

وما جرت العادة بأن يستنيب الشريك فيه , كالاستئجار للنداء على المتاع ونحوه فله أن يستأجر من مال الشركة من يفعله ; لأنه العرف . وليس له – أي الشريك – فعل ما جرت العادة أن لا يتولاه ليأخذ أجرته بلا شرط ; لأنه تبرع بما لا يلزمه فلم يستحق شيئا , وإذا استأجر أحدهما الآخر فيما لا يستحق أجرته إلا بعمل فيه , كنقل طعام بنفسه أو غلامه أو دابته جاز , كاستئجار داره أو أجنبي لذلك” انتهى .

ويستفاد منه أن الشريك يمكن أن يقوم بعمل لم تجر العادة بقيام الشريك به ، مقابل أجرة يشترطها ، وأن للشريك أن يستأجر شريكه في نقل طعام مثلا أو أن يستأجر داره ، وهذه عقود إجارة منفصلة عن الشركة .

فيلحق بذلك ما لو كان العمل مما يصعب على الشريكين القيام به – ولو كان في الأصل من مهام الشريكين كالإدارة – ، وقد رضيا باستئجار من يقوم به ، فلا حرج حينئذ أن يكون الأجير أحدَ الشركاء ، وذلك بعقد منفصل عن الشركة .

وقد سئل الدكتور عبد الله بن إبراهيم الناصر ، عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود ، حفظه الله : أود الاستفسار من فضيلتكم حول مسألة شائعة في الشراكة بين كثير من الناس ، وصورتها أن : يشترك اثنان في رأس المال بحصة معلومة لكل شريك ، ونسبة الربح تكون معلومة لكل منهما ، ونسبة الخسارة مقسمة بحسب حصة كل شريك من رأس المال ، لكن أحد الشريكين هو الذي يقوم بالعمل كله ، أو يكون هو بمثابة المدير لهذه الشركة ، وهذا الشريك المدير (الأجير في المصطلح الشرعي) يكون له راتب مقطوع مقابل إدارته لهذه الشركة ، إضافة إلى حصته من الأرباح…فهل هذا الراتب المعلوم يعتبر بمثابة النفع الأكيد على رأس ماله من الشركة؟ وهل يدخل هذا في باب الربا أم لا؟ وهل يجوز أن يكون المرء شريكًا أجيرًا في نفس الوقت؟ علمًا أنني وجدت في كتب الفقه ما يدل على المنع من ذلك ، وجواز زيادة نسبة مقابل عمله لا راتبًا مقطوعًا ، فهل يمكن أن تخرج كما خرجها بعض الباحثين المعاصرين على أن مثل هذه الشركة تعتبر شخصًا اعتباريًّا ، وفي هذه الحالة يجوز توظيف مدير لها براتب محدد معلوم وكأنه طرف ثالث ، حتى لو كان هذا المدير أحد المساهمين في الشركة؟ علمًا بأن هذه المسألة عمت بها البلوى ، وكثر بها التعامل بين كثير من المسلمين في هذه الأيام . أفتونا مأجورين .
فأجاب : “الصورة التي ذكرها السائل تعتبر من شركة العنان ، وصفتها أن يشترك شخصان فأكثر في شركة بينهم ، على أن المال والعمل منهم جميعًا ، أو أن المال منهم والعمل من بعضهم أو أحدهم ، وشركة العنان مما اتفق العلماء على صحتها وجواز العمل بها ، وكون أحد الشركاء يكون مديرًا للشركة مقابل مرتب مقطوع ، فيجتمع فيه صفتا الأجير والشراكة ، فهذا مما لا بأس به شرعًا ؛ إذ لا يوجد نص شرعي يمنع من ذلك فيبقى الحكم على أصله وهو الإباحة ، كما أنه لا يوجد محذور شرعي من اجتماع عقدي الشركة والإجارة في شخص واحد ، ولا يدخل ذلك ضمن الربا المحرم ، ثم إن الحاجة تقتضي وجود مثل هذا الاستقلال بين صفتي الشريك والمدير ، إذ إن الشركاء في هذه الحالة بين أمور ثلاثة :
1- أن يكون المدير من غيرهم ، ولا شك أن المدير إذا كان منهم وله حصة في رأس مال الشركة يكون أكثر حرصًا من ذلك المدير الأجنبي .
2- أن يكون لهذا المدير الشريك حصة زائدة في الأرباح عن المبلغ الذي اشترك به وهذه الزيادة مقابلة لإدارته ، أي منع اجتماع صفتي الشريك والأجير وإبقاء صفة الشريك فقط ، وهذا الحال قد لا يرضى به الشريك المدير نفسه ، أو أن الشركاء لا يرضون به ، بل يرغبون أن يكون له مرتبًا مقطوعًا لا علاقة له بأرباح الشركة ، وذلك كسائر العاملين في الشركة من غير المدير .
3- أن يكون المدير أجيرًا في عمله شريكًا في ماله كسائر الشركاء ، فيأخذ أجره مقابل عمله ، وربحًا أو خسارة مقابل ماله الذي اشترك به ، أي اجتماع عقدي إجارة الأشخاص والشركة فيه ، وهذا ما رأينا جوازه ، وهو ما عليه العمل في أكثر الشركات المساهمة وغيرها من التي يكون [فيها]الفصل بين وظيفة المدير وصفة الشريك ” انتهى من “فتاوى الإسلام اليوم”.

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android