تنزيل
0 / 0
12831222/03/2010

كيف كان عمل نساء الصحابة ، وأمهات المؤمنين ؟

السؤال: 145492

لو سمحت نريد أن نعرف عن عمل نساء الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابيات كيف كان طبيعة عملهن ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

الأصل بقاء المرأة في مسكنها ، فهو قرارها ومحل عملها ، لا تخرج منه إلا لحاجة ،
قال الله تعالى : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ) الأحزاب / 33 . وهو خطاب لأمهات
المؤمنين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، ويدخل معهن فيه نساء المؤمنين باللزوم ،
وبمقتضى التأسي والاقتداء .

فإنه إذا أُمِر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهن الطاهرات المطهرات
الطيبات ، بلزوم بيوتهن ؛ فغيرهن مأمورات من باب أولى .

قال
علماء اللجنة :


ليست الآية خاصة بنساء النبي صلى الله عليه وسلم ، بل هي عامة لجميع نساء المؤمنين
، إلا أنها نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم أصالة ، ويشمل سائر نساء
المؤمنين حكمها ، فجميعهن مأمورات أن يلزمن بيوتهن ” انتهى .

“فتاوى اللجنة الدائمة” (17 / 222)

وعلى ذلك كان نساء الصحابة رضي الله عنهم ، لا يخرجن إلا للحاجة ، فكنّ كما قال عمر
رضي الله عنه في قوله تعالى : ( فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى
اسْتِحْيَاءٍ ) . قال : ” ليست بِسَلْفَع من النساء – وهي الجريئة – ، خرّاجة
ولاّجة ، واضعة ثوبها على وجهها ” “تفسير الطبري” (19 / 559)

وصححه الحافظ ابن كثير في “تفسيره” (6/228) .

فكن
رضي الله عنهن على تمام الرضا والقبول في أمور دينهن وأمور دنياهن .

ثانيا :

أما
نساء النبي صلى الله عليه وسلم فقد اقتصرت أعمالهن على خدمة النبي صلى الله عليه
وسلم في بيته ، والقيام بواجب الضيافة إذا حل به أضياف ، ولم يكنّ يخرجن من بيوتهن
لعمل ولا لغيره إلا للصلاة ، أو ما لابد منه من الحاجات .

روى
البخاري (4785) ومسلم (2170) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :
خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَمَا ضُرِبَ الْحِجَابُ لِحَاجَتِهَا ، وَكَانَتْ امْرَأَةً
جَسِيمَةً لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا ، فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
فَقَالَ : يَا سَوْدَةُ ، أَمَا وَاللَّهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا ، فَانْظُرِي
كَيْفَ تَخْرُجِينَ ؟ قَالَتْ : فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي ، وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى وَفِي يَدِهِ
عَرْقٌ ( وَهُوَ الْعَظْم الَّذِي عَلَيْهِ بَقِيَّة لَحْم ) ، فَدَخَلَتْ
فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي فَقَالَ لِي
عُمَرُ كَذَا وَكَذَا . قَالَتْ : فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ
وَإِنَّ الْعَرْقَ فِي يَدِهِ مَا وَضَعَهُ فَقَالَ : ( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ
لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ ) .

قال
هشام – يعني ابن عروة ، أحد الرواة : ” يعني البراز ” .

قال
النووي رحمه الله :


مُرَاد هِشَام بِقَوْلِهِ : ( يَعْنِي الْبَرَاز ) تَفْسِير قَوْله صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ ) أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ
فَقَالَ هِشَام : الْمُرَاد بِحَاجَتِهِنَّ الْخُرُوج لِلْغَائِطِ , لَا لِكُلِّ
حَاجَة مِنْ أُمُور الْمَعَايِش ” انتهى .

ثالثا :

وأما عامة نساء الصحابة : فكن يقمن بالخدمة في بيوتهن ، وقد يخرج بعضهن لمعاونة
أزواجهن في بعض المصالح ، عند الحاجة إلى ذلك .

فقد
اقتصر عمل المرأة المسلمة في الصدر الأول على بيتها ، تؤدي حق زوجها ، وتراعي مصالح
أبنائها وبناتها ، وتقوم بأعمال البيت ، وقد تحتاج إلى الخروج لمساعدة زوجها في
عمله ، فإذا خرجت خرجت في حجابها محتشمة حيية عفيفة ، فإذا انقضت حاجتها التي خرجت
لأجلها عادت إلى مسكنها ، وزاولت فيه أعمالها .

رابعا :

رويت عدة وقائع وصور ، لأحوال احتاجت فيها نساء الصحابة للخروج ، فخرجن
:

*
روى مسلم (1483) عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قال : طُلِّقَتْ
خَالَتِي فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ ،
فَأَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( بَلَى ،
فَجُدِّي نَخْلَكِ فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا ) .

قال
النووي رحمه الله :


هَذَا الْحَدِيث دَلِيل لِخُرُوجِ الْمُعْتَدَّة الْبَائِن لِلْحَاجَةِ ”
انتهى .

 راجع ضوابط خروج المرأة للعمل إجابة السؤال رقم : (106815)
.

وروى الحاكم (6776) عن عائشة رضي الله عنها قالت : كَانَت زينب بنت جحش امْرَأَةً
صناعة الْيَد ، وكَانَتْ تدبغ وتخرز ، وَتَصَدَّقُ فِي سَبِيلِ اللهِ  ” . وصححه
الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي .

*
روى البخاري (5224) ومسلم (2182) عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ : ” تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِي الْأَرْضِ
مِنْ مَالٍ وَلَا مَمْلُوكٍ وَلَا شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ وَغَيْرَ فَرَسِهِ ،
فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَسْتَقِي الْمَاءَ وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ ( أخيط دلوه
) وَأَعْجِنُ ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ ، وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِي
مِنْ الْأَنْصَارِ وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ
أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي ، وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ ” .

قالت أسماء في آخر الحديث : ” حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ
بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي ” .

قال
النووي :


هَذَا كُلّه مِنْ الْمَعْرُوف وَالْمرْوءَات الَّتِي أَطْبَقَ النَّاس عَلَيْهَا ,
وَهُوَ أَنَّ الْمَرْأَة تَخْدُم زَوْجهَا بِهَذِهِ الْأُمُور الْمَذْكُورَة
وَنَحْوهَا مِنْ الْخَبْز وَالطَّبْخ وَغَسْل الثِّيَاب وَغَيْر ذَلِكَ ” انتهى
.

*
روى البخاري (1652) عَنْ حَفْصَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : ” كُنَّا نَمْنَعُ
عَوَاتِقَنَا (الأبكار) أَنْ يَخْرُجْنَ ، فَقَدِمَتْ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ
بَنِي خَلَفٍ ، فَحَدَّثَتْ أَنَّ أُخْتَهَا كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غَزَا مَعَ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً ، وَكَانَتْ
أُخْتِي مَعَهُ فِي سِتِّ غَزَوَاتٍ ، قَالَتْ : كُنَّا نُدَاوِي الْكَلْمَى
(الجرحى) وَنَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى … ” الحديث .

وروى مسلم (1812) عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها قَالَتْ :
” غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ
غَزَوَاتٍ أَخْلُفُهُمْ فِي رِحَالِهِمْ ، فَأَصْنَعُ لَهُمْ الطَّعَامَ وَأُدَاوِي
الْجَرْحَى وَأَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى ” .

وروى الطبراني في “الكبير” (6276) عنها : ” وكانت زينب تغزل الغزل ، تعطيه سرايا
النبي صلى الله عليه وسلم يخيطون به ويستعينون به في مغازيهم ” .

*
وكان فوق ذلك عملهن الشرعي من تعليم النساء أمور دينهن ، فالتي تعلم تعلم التي تجهل
، وقد قال الله عز وجل لنساء نبيه صلى الله عليه وسلم : ( وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى
فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا
خَبِيرًا ) الأحزاب / 34

وقد
كن يجئن لرسول الله صلى الله عليه وسلم يسألنه عن أمور دينهن .

روى
البخاري (7310) ومسلم (2634) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قال : جَاءَتْ
امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ :
يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ
يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ . فَقَالَ : (
اجْتَمِعْنَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا ) فَاجْتَمَعْنَ
فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَّمَهُنَّ
مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ .

 والله أعلم .

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android