حكم تقصير اللحية
السؤال: 145512
سمعت كثيراً من مشائخ السلفية الذين يحثون على إعفاء اللحية بينما هم أنفسهم يقصرونها ، ولا يقبلون النقاش في ذلك . ويقولون إن طول اللحية لا يهم بقدر ما يهم الاعتناء بها وتنظيفها . فهل من كلمة في هذا الشأن؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
دلت
سنة النبي صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية على وجوب إعفاء اللحية ، وعدم جواز
الأخذ منها ، وهو ما دل عليه اللفظ النبوي ، وصحت به السنة في غير ما حديث .
فروى البخاري (5892) ومسلم (259) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ ، وَفِّرُوا
اللِّحَى ، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ) .
(وفروا اللحى) : أي : اتركوها وافرة . “فتح الباري” (10/350) .
قال
النووي رحمه الله :
“حَصَلَ لهَذا الحَديثِ خَمْس رِوَايَات : أَعْفُوا وَأَوْفُوا وَأَرْخُوا
وَأَرْجُوا وَوَفِّرُوا , وَمَعْنَاهَا كُلّهَا : تَرْكُهَا عَلَى حَالهَا . هَذَا
هُوَ الظَّاهِر مِنْ الْحَدِيث الَّذِي تَقْتَضِيه أَلْفَاظه , وَهُوَ الَّذِي
قَالَهُ جَمَاعَة مِنْ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ مِنْ الْعُلَمَاء … وَالْمُخْتَار
تَرْك اللِّحْيَة عَلَى حَالهَا وَأَلَّا يَتَعَرَّضَ لَهَا بِتَقْصِيرِ شَيْء
أَصْلا” انتهى بتصرف يسير .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
“ما
يفعله بعض الناس من حلق اللحية أو أخذ شيء من طولها وعرضها فإنه لا يجوز ؛ لمخالفة
ذلك لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم وأمره بإعفائها ، والأمر يقتضي الوجوب حتى يوجد
صارف لذلك عن أصله ، ولا نعلم ما يصرفه عن ذلك” انتهى .
“فتاوى اللجنة الدائمة” (5/137) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
“القص من اللحية خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : (وفروا اللحى)
، (أعفوا اللحى) ، (أرخوا اللحى) فمن أراد اتباع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ،
واتباع هديه صلى الله عليه وسلم ، فلا يأخذن منها شيئاً ؛ فإن هدي الرسول عليه
الصلاة والسلام أن لا يأخذ من لحيته شيئاً ، وكذلك كان هدي الأنبياء قبله” انتهى .
“مجموع فتاوى ابن عثيمين” (11/82) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
“الواجب : إعفاء اللحية ، وتوفيرها ، وإرخاؤها ، وعدم التعرض لها بشيء .
وأما ما رواه الترمذي رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأخذ من لحيته
من طولها وعرضها . فهو خبر باطل عند أهل العلم .
فلا
يجوز للمؤمن أن يتعلق بهذا الحديث الباطل ، ولا أن يترخص بما يقوله بعض أهل العلم ،
فإن السنة حاكمة على الجميع” انتهى مختصرا .
“مجموع فتاوى ابن باز” (10/96-97) .
وبهذا يتبين أن قول من يقول : إن طول اللحية لا يهم بقدر ما يهم الاعتناء بها
وتنظيفها : قول مخالف للسنة الآمرة بتوفير اللحية وإعفائها .
فالمطلوب من المسلم الأمران معاً : إعفاء اللحية وعدم الأخذ منها ، والعناية
بتنظيفها .
فعلى المسلم الحريص على دينه ، المبتغي تمام الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم ، أن
لا يلتفت إلى مثل هذه الأقاويل التي تخالف النصوص الشرعية .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟