0 / 0

هل يقول : أشكرك، لمن يقدم له الخمر ، ولا يأخذه منه؟

السؤال: 145844

هل من الجائز أن أضيف لكلمة ” لا” أشكرك بعدها لتكون ” لا أشكرك ” إذا عرض علي شيء حرام ، على سبيل المثال إذا عرض علي أحدهم كأس من الخمر .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

على المؤمن ألا يصاحب إلا مؤمنا ، ولا يخالط إلا المؤمنين ، إلا أن يخالط غيرهم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والدعوة إلى الله ، أو لمصلحة من مصالح الدنيا ، كالبيع والشراء والعمل … ونحو ذلك .

وذلك لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا ، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ) رواه الترمذي (2395) وحسنه الألباني في “صحيح الترمذي” .

وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ) رواه أبو داود (4833) وحسنه الألباني في “صحيح أبي داود” وغيره .

قال في “عون المعبود” :

“أَيْ يَتَأَمَّل وَيَتَدَبَّر مَنْ يُخَالِلْ : فَمَنْ رَضِيَ دِينه وَخُلُقه خَالَلَهُ ، وَمَنْ لَا تَجَنَّبَهُ فَإِنَّ الطِّبَاع سَرَّاقَة” انتهى . 

فإن خالط غير المؤمنين لظروف العمل ، أو صلة رحم ، أو لحاجة لا بد منها ، فلا يجوز أن يجالسه وهو يفعل المنكر .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

“لَا يَجُوزُ لِأَحَدِ أَنْ يَحْضُرَ مَجَالِسَ الْمُنْكَرِ بِاخْتِيَارِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ كَمَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ : (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْلِسْ عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ) وَرُفِعَ لِعُمَرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَوْمٌ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ فَأَمَرَ بِجَلْدِهِمْ فَقِيلَ لَهُ : إنَّ فِيهِمْ صَائِمًا . فَقَالَ : ابْدَءُوا بِهِ أَمَا سَمِعْتُمْ اللَّهَ يَقُولُ : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إنَّكُمْ إذًا مِثْلُهُمْ) .

بَيَّنَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ حَاضِرَ الْمُنْكَرِ كَفَاعِلِهِ ، وَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ : إذَا دُعِيَ إلَى وَلِيمَةٍ فِيهَا مُنْكَرٌ كَالْخَمْرِ وَالزَّمْرِ لَمْ يَجُزْ حُضُورُهَا ؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ فَمَنْ حَضَرَ بِاخْتِيَارِهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ بِتَرْكِ مَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ بُغْضِ إنْكَارِهِ وَالنَّهْيِ عَنْهُ . وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهَذَا الَّذِي يَحْضُرُ مَجَالِسَ الْخَمْرِ بِاخْتِيَارِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا يُنْكِرُ الْمُنْكَرَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ هُوَ شَرِيكُ الْفُسَّاقِ فِي فِسْقِهِمْ فَيَلْحَقُ بِهِمْ” انتهى .

“مجموع الفتاوى” (28 / 221-222) .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

“لا يجوز الجلوس مع قوم يشربون الخمر إلا أن تنكر عليهم ، فإن قبلوا وإلا فارقتهم ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر) . خرجه الإمام أحمد والترمذي بإسناد حسن ، ولأن الجلوس معهم وسيلة إلى مشاركتهم في عملهم السيئ أو الرضا به ، وقد قال الله عز وجل في سورة الأنعام : (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) وقوله عز وجل : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ) ” انتهى .

“مجموع فتاوى ابن باز” (23 / 61) .

وعلى هذا ، فقولك لمن يقدم لك خمراً : (أشكرك) يتنافى مع بغض المنكر وإنكاره ، لأن هذا الشخص سيفهم أنه أحسن إليك ، ولن يفهم أنه أساء بشربه الخمر ، وبتقديمه لك .

فإن كان هذا الشخص مسلماً ، فإنك يجب أن تنكر عليه شرب الخمر وتنصحه بتركه .

وإن كان غير مسلم فأقل ما يمكنك فعله أن تبين له أنك لا تشرب الخمر لأن دينك يحرمها .

وانظر لمزيد الفائدة السؤال رقم (96662) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android