ما حكم من يتصدق على الفقراء وهو عليه دين للناس ؟
حكم الصدقة بالمال قبل قضاء الدين
السؤال: 145862
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذه المسألة لا تخلو من حالين :
1ـ أن يكون الدين مؤجلاً ، فلا بأس بالصدقة ، إذا كان يرجو الوفاء عند حلول الأجل .
قال ابن عثيمين رحمه الله : أما إذا كان الدين مؤجلاً، وإذا حل وعندك ما يوفيه : فتصدق ولا حرج ؛ لأنك قادر ” انتهى من “الشرح الكافي”
2ـ أن يكون الدين معجلاً ، أو مؤجلاً قد حل أجله، فلا يجوز للمدين أن يتصدق، قبل الوفاء بالدين؛ لأن قضاء الدين واجب ، والصدقة مندوب إليها، فلا يقدم مندوب على واجب؛ ولأن هذا داخل في المطل، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ( مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ ) رواه البخاري (2287)، ومسلم (1564)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى ) رواه الإمام أحمد(6858).
قال الإمام البخاري رحمه الله : ” مَنْ تَصَدَّقَ وَهُوَ مُحْتَاجٌ ، أَوْ أَهْلُهُ مُحْتَاجٌ ، أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ : فَالدَّيْنُ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى مِنْ الصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ ، وَهُوَ رَدٌّ عَلَيْهِ ؛ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُتْلِفَ أَمْوَالَ النَّاسِ ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ..” انتهى من “صحيح البخاري” (2/112) .
قال بدر الدين العيني رحمه الله: ” والمعنى أن شرط التصدق أن لا يكون محتاجاً ، ولا أهله محتاجاً ، ولا يكون عليه دين، فإذا كان عليه دين : فالواجب أن يقضي دينه ، وقضاء الدين أحق من الصدقة والعتق والهبة؛ لأن الابتداء بالفرائض قبل النوافل ، وليس لأحد إتلاف نفسه وإتلاف أهله وإحياء غيره ، وإنما عليه إحياء غيره بعد إحياء نفسه وأهله ؛ إذ هما أوجب عليه من حق سائر الناس ” انتهى من “عمدة القاري شرح صحيح البخاري” (13/327)
وقال ابن بطال رحمه الله: “وأما قوله: وأما من تصدق وعليه دين، فالدين أحق أن يقضى من الصدقة والعتق والهبة، وهو رد عليه. فهو إجماع من العلماء لا خلاف بينهم فيه” انتهى من “شرح صحيح البخاري”(3/430)
جاء في “المنهاج مع شرحه مغني المحتاج” (4/197) : ” من عليه دين يستحب أن لا يتصدق حتى يؤدي ما عليه. قلت: الأصح تحريم صدقته بما يحتاج إليه لنفقة من تلزمه نفقته ، أو لدين لا يرجو له وفاء ” انتهى . وينظر ” “روضة الطالبين” (2/342) .
وقال ابن قدامة رحمه الله: ” ومن عليه دين لا يجوز أن يتصدق صدقة تمنع قضاءها ؛ لأنه واجب فلم يجز تركه ” انتهى من “الكافي”(1/431).
إلا أن أهل العلم رحمهم الله استثنوا الأشياء اليسيرة، التي لا تقع موقعها من قضاء الدين .
قال الأذرعي من الشافعية : ” وهذا – التحريم – ليس على إطلاقه ؛ إذ لا يقول أحدٌ فيما أظن أن من عليه صداق أو غيره ، إذا تصدق بنحو رغيف ، مما يقطع بأنه لو بقي لم يدفعه لجهة الدين ، أنه لا يستحب له التصدق به , وإنما المراد أن المسارعة لبراءة الذمة , أولى وأحق من التطوع على الجملة ” انتهى من “نهاية المحتاج”(7/181)، وينظر : “حاشية “قليوبي وعميرة” (3/206).
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب