كيف نقوم بدعوة الصوفيين حتى يهتدوا لطريق الحق ؟ وما هي الآيات والأحاديث التي يمكن أن نستعين بها كأدلة في دعوتنا لهم ؟ .
ما الطريقة المثلى لدعوة المتصوفة لطريق أهل السنَّة والجماعة ؟
السؤال: 145905
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذا سؤال جيد ، وهو يدل على عقل وافر ، ورحمة بالمسلمين ، فما أحوجنا إلى من يدلنا على الطرق المناسبة لدعوة المنحرفين عن سواء السبيل .
والصوفية كلمة يدخل تحتها ألوان وأصناف من العقائد والمناهج ، وغالب أهل عصرنا منهم قد ضلَّ طريق السنة ، ووقع في ألوان من البدع الاعتقادية ، والبدع العملية والسلوكية ، على تفاوت بينهم فيما ضلوا عنه من الصراط السوي ، أو وقعوا فيه من البدع .
وهم أحوج من مرضى الأبدان للعلاج ، ونحن نشير إلى أهم ما بدا لنا في ذلك في النقاط الآتية :
1. لا ينبغي أن يقوم بدعوة أولئك المتصوفة إلا من يملك العلم الكافي من الشرع ، وخاصة العلم بأحوال المتصوفة وعقائدهم ؛ وذلك خشية من أن يُنكر ما هو حق عندهم ، أو يقبل ما هو باطل في الشرع ، كما أن العلم واقٍ من الانسياق وراء شبهاتهم والتأثر بها ، بإذن الله .
2. ومع العلم الكافي عند ذلك الداعي لا بدَّ من أن يتحلَّى بالخلق الرصين ، فيكون في قلبه رحمة على أولئك المخالفين ، ورغبة قوية في هدايتهم .
3. فإذا جمع ذلك الداعي تلك الصفات ، وحتى ينجح في دعوته ، فإن عليه أن يدعوهم بالحسنى ، فلا يقسو في العبارة ، ولا يتجهم في المقابلة ، بل يحنو ويعطف عليهم ، ويتودد لهم بالهدايا والإكرام بما يتيسر له .
4. ومن الضروري في دعوتهم : عدم التعرض لرموزهم وأئمتهم بالطعن والتجريح ، بل يُمدح الأنبياء والمرسلون أمامهم ، ويُثنى على الصحابة والتابعين ، ويبيَّن فضل ومنزلة الأئمة الأربعة وكبار العلماء من سلف هذه الأمة ، ويفضَّل ذِكر بعض الأئمة الذين عُرفوا بالمنهج المستقيم ، ممن ينسب إليهم المتصوفة مثل الجنيد ، وإبراهيم بن أدهم ، وعبد القادر الجيلاني ، وهذا الأمر سَيُكَوِّن في ذهنه قاعدة من الأشخاص المتفق على عدالتهم وفضلهم ، وهم قاسم مشترك بين الداعية والمدعو ، وسوف يكون الرجوع إلى أقوالهم النافعة ، وأحوالهم الصادقة أثر في دعوة أولئك إلى طريق السنة ، والتزامها قولا وعملا .
5. يفضَّل في الداعية أن يذكر قواعد الإسلام الكلية ، وعقائده الناصعة الجلية ، في بداية دعوة أولئك المتصوفة ، وأن يبتعد عن النقد لعقائدهم ومناهجهم مباشرة ، فإن من شأن تلك القواعد الحقَّة أن تهدم قواعد الباطل والجهل ، وكلما قويت قواعد الحق ، وازداد أولئك علما بالشرع : ساهم ذلك في التخلص من رواسب الباطل والضلال .
6. وندعو الدعاة الأفاضل إلى قطع الطريق أمام رموز أولئك المتصوفة ، وذلك بالإكثار من ذِكر النبي صلى الله عليه وسلم ، وسيرته ، وشمائله ؛ إذ يُكثر أولئك الرموز كثيراً من الطعن بعلماء أهل السنَّة والجماعة بأنهم لا يحبُّون النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يصلون عليه ! وهذا كذبٌ رخيص ، لكنه مصدَّق – وللأسف – عند عامة أولئك المتصوفة ، فليكن التكذيب لتلك المزاعم بالواقع العملي .
7. كما ندعو الدعاة الأفاضل للإكثار – حتى من غير دعوة أولئك المتصوفة – من الحديث عن القلوب ، وأحوالها ، ومن الكلام في الرقائق ، فما أحوجنا حقّاً لترقيق قلوبنا بمواعظ القرآن والسنَّة وكلام سلف هذه الأمَّة ، وهذا الطريق سلكه أهل البدع من المتصوفة فسلبوا قلوب العوام ، حتى تعلقت قلوبهم بذلك المنهج ، وذلَّت أبدانهم لخدمة رموز المتصوفة .
8. وقد يسَّر الله تعالى في زماننا هذا دعاة أفاضل من أهل السنَّة والجماعة برزوا للناس في الفضائيات ، فأحبهم الناس وتعلقت بهم قلوبهم ، فليستثمر هذا بذِكر اعتقاد أولئك الدعاة ومنهجهم ، وإهداء المتصوفة أشرطتهم وكتبهم ، وهذا طريق سهل يسير على إخواننا الدعاة ، وثمرته نافعة قريبة بإذن الله تعالى .
9. وعلى الدعاة تجنب دلالة أولئك المتصوفة على كتب تطعن صراحة في أئمة التصوف ، أو تسخر من منهجهم ومن كرامات رموزهم – المزعومة – ، فإن ذلك قد يترك أثرا سلبيا في نفوس المدعوين منهم : بصدهم عن سماع الحق ، أو مناقشته ، لأجل ما وجد من شدة القول فيما تعلق حبه بقلبه . فإذا اطمأنَّ الداعية إلى مقابله وأنه صار مهيئاً لتقبل الحق بمرارته : فليدله على الكتب التي تنقض اعتقاد التصوف المنحرف عن الحق ، وليُسمعه الأشرطة التي تبيُّن الحق بدلائله الصريحة .
10. وليُكثر الداعية من الدعاء بصدق وإخلاص أن يهدي الله ضالَّ المسلمين ، وليحرص على مشاورة أهل العلم من أهل الخبرة بدعوة المبتدعة ، وليبق على اتصال بهم ، حتى لا يُعجب بنفسه فيهدم ما بنى ، أو حتى يُعان أصلاً على البذر .
ونسأل الله تعالى أن يوفقكم لما فيه لإصلاح الناس وأن ييسر أمركم وأن يكف عنكم الشر والأذى والضرر .
وننصح بالاطلاع على محاضرة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله بعنوان " الدعوة إلى الله وأسلوبها المشروع " ، وتراها هنا :
وانظر جواب السؤال رقم ( 118693 ) ففيه بيان الطرق الصوفية وموقف المسلم منها .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة