تنزيل
0 / 0

معوقات الزواج ، هل كلها أعذار للشباب الراغبين بالتزوج ؟

السؤال: 146150

أخي الكريم عندي مشكلة و لم أجد لها حلا فدلني ماذا أفعل ؟ أنا لا أستطيع الزواج ؛ وذلك لقلة المال ؛ وارتفاع المهور ، وقد بلغتُ من الكبَر عتيّاً ، لا تقل لي بعدك صغير ، عمري 35 ، والحمد لله لست ممن يتبعون الحرام ، ولكن المرحلة التي أمر بها صعبة في هذا الوقت ، وإن لم أجد حلاًّ فسوف أنجرف مثل باقي الشباب إلى الزنا – والعياذ بالله – . فما قول فضيلتكم في هذا الأمر ؟ للعلم البلد التي أعيش فيها تمنع الحلال ، وتحث على الحرام ، يعني البنك الإسلامي ممنوع ، نحن ستة إخوة ، وأنا أكبرهم ، وكلنا عزاب ، أصغر واحد فينا عمره 26 ، ليس لدينا بيت للزواج ، ولا نستطيع بنيان منزل ، فنحن نعيش مع أهلنا منذ الصغر ، ولا نستطيع أن نفارقهم ولو جلسنا بدون زواج العمر كله ، ولا نريد أخذ المال من البنك ، الرسول الكريم قال : ( استوصوا بالشباب خيراً وهم عماد الأمة ) ، وهل أستطيع أخذ مال من البنك للبناء ، والزواج . أفتني أثابك الله

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:

لعلَّك أخي السائل تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أوصى الشباب القادر على الزواج بالتزوج ، ومع ذلك فلم تغفل الشريعة الوصية لغير القادر ، فجاءت الوصية له في القرآن بالاستعفاف ، وجاءت الوصية له في السنَّة بالصوم ، ليحصِّل به التقوى التي تحجزه عن فعل الحرام ، وتهذِّب جوارحه .

أما الوصية بالزواج للقادر ، وبالصيام لغير القادر فقد جاءت في هذا الحديث :

عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسْعُود قال : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لَا نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) .

رواه البخاري ( 4779 ) ومسلم ( 1400 ) .

وأما الوصية بالاستعفاف لغير القادر على الزواج فقد جاءت في قوله تعالى :

( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) النور/ من الآية 33 .

قال الطبري – رحمه الله – :

يقول تعالى ذِكره : ( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ) ما ينكحون به النساء عن إتيان ما حرّم الله عليهم من الفواحش ، حتى يغنيَهم الله من سَعة فضله ، ويوسِّع عليهم من رزقه .

" تفسير الطبري " ( 19 / 166 ) .

وقال الشنقيطي – رحمه الله – :

هذا الاستعفاف المأمور به في هذه الآية الكريمة : هو المذكور في قوله : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) النور/ 30 ، وقوله تعالى : ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ) الإسراء/ 32 ، ونحو ذلك من الآيات .

" أضواء البيان " ( 5 / 532 ) .

فالمسلم لا يخرج عن كونه قادراً : فيجب عليه التزوج ، أو عاجزاً عن تكاليف الزواج : فيجب عليه الاستعفاف بالصيام ، وغض البصر ، والبعد عن الفتن ، حتى ييسر الله أمر زواجه .

ثانياً:

وننبه هنا السائل وغيره – على أمور جاء ذِكرها في سؤالك يجدر التنبيه عليها :

1. أن الفقير الذي لا يجد مالاً يكفيه للتزوج : يستطيع بذل جهدٍ أكبر ليحصِّل ما يستطيع به الزواج ، كما أن له أن يستدين من غيره ليتزوج ، والله تعالى قد تكفَّل بعون الراغب بالنكاح يريد العفاف .

وانظر جواب السؤال رقم : ( 102030 ) .

2. في كثير من الأحيان يكون العائق أمام الزواج هو الشخص نفسه ! وذلك برضاه عن العراقيل التي يضعها هو لنفسه ، أو تضعها لها بيئته وقبيلته ، ومن ذلك :

أ. أنه يستطيع الزواج بما معه من مال أربع نساء من غير جنسيته ، أو من غير قبيلته ، لكنه لالتزامه بالتزوج من بلده ، أو من قبيلته يكون عاجزاً عن التزوج ، ومثل هذا آثم على تفريطه بالواجب الشرعي ، بل يجب عليه تحطيم تلك العراقيل ، وكسر تلك التقاليد الجائرة إن كانت ستُذهب بعفافه ، واستقامته ، وإيمانه ، وليتزوج ممن أباح الله له الزواج بهن ، ولم يحصر الله تعالى الخير والدين في بنات بلده ، ولا بنات قبيلته .

ب. ومن ذلك – أيضاً – : ما يقوله بعض الراغبين بالزواج – كمثل حال السائل – أنه لن يتزوج إلا أن يسكن مع أهله ، ولو كان على حساب ترك الزواج ! فلينظر العقلاء هل هذا عذرٌ لهذا الشاب ؟! ولنقف مع هذا الشاب وقفة – ولسنا نريد السائل بالطبع – ونسأله : إن أردت فعل الفاحشة بامرأة فأين تفعلها في بيت أهلك ، أم خارجه ؟ والجواب معروف بالطبع ، فانظر إليه كيف رضي لنفسه فعل الفاحشة في غير بيت أهله ، وامتنع عن التزوج في غير بيتهم ! وحاشاك أن تكون من أولئك ، لكن أردنا أن نبين للناس تناقض هؤلاء في أنفسهم ، فلا تقدِّم عاطفتك على دينك وعقلك ، وأهلك ليسوا بنافعيك إن وقعت – لا قدَّر الله – في فاحشة الزنا ، وأغضبت ربَّك ، واستحققت وعيده ، فأعد النظر في هذا الأمر ، ولا تجعله حاجزاً ولا حاجباً لك عن الزواج .

ج. ومن ذلك أيضاً : أن كثيراً من الشباب يكون قادراً على التزوج ، والسكن في بيت مستأجر ، فيؤخر زواجه حتى يبني له بيتاً ! ولا ندري في أي شرع وجد هذا ؟! وكيف رضي لنفسه أن يقع بصره في الحرام ، وتقع أذنه في الحرام ، وغيرهما من جوارحه ، وهو يجد القدرة على الزواج في بيتٍ مستأجَر ، فيؤخره حتى يبني بيتاً ! وقد تطول المدة ويقع في معاصٍ  قد يصعب عليه التخلص منها ، فهذا عذر فاسد ، ولا يحل لمسلم عاقل جعله سبباً في تأخير الزواج ، فضلاً عن إلغائه .

وقل مثل ذلك فيمن يؤخر زواجه حتى ينتهي من الدراسة ، أو حتى يصير مسئولاً ، أو حتى يرتفع راتبه إلى كذا وكذا ، وكلها أعذار واهية ، وعراقيل إما هو وضعها ، أو رضي بها ، وهو يستطيع تحطيمها ، أو القفز عنها .

ثالثاً :

الحديث الذي ذكرتَ في سؤالك ( استوصوا بالشباب خيراً وهم عماد الأمة ) : لم نجده في كتب الحديث الصحيحة ، ولا الضعيفة والموضوعة ! ، وثمة حديث قريب من معناه ، وهو :

( استوصوا بالكهول خيراً ، وارحموا الشباب ) ، لكنه حديث موضوع ، انظر " تذكرة الموضوعات " للفتنِّي ( ص 205 ) ، و" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " للألباني ( 5424 ) .

رابعاً:

أخذ القرض الربوي من البنوك محرَّم ، وليس الأخذ منها من أجل البناء ، أو الزواج بعذر شرعي.

وقد ذكرنا هذه المسألة ، وبينَّا حكمها في أجوبة الأسئلة : ( 9054 ) و ( 95005 ) و ( 21914 ) .

وانظر – لمزيد فائدة حول أصل مسألتك – : أجوبة الأسئلة : ( 20161 ) و ( 26811 ) و ( 33651 ) .

والله أعلم

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android