هل يجوز التسمية باسم “فرحين”؟
السؤال: 146389
هل يجوز التسمية باسم ” فرحين “؛ لأني سمعت أن الله لا يحب اسم ” فرحين “؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الفرح واحد من الانفعالات التي خلقت في الإنسان ، وجبلت عليها الطبيعة البشرية ،
كما قال ابن عباس رضي الله عنهما : ليس من أحد إلا وهو يحزن ويفرح ، ولكن المؤمن
يجعل مصيبته صبرا ، وغنيمته شكرا .
والفرح
لا يذم ولا يمدح لذاته ، وإنما بحسب تعلقه ، فقد يكون فرحا مباحا : إذا تعلق بأمر
مباح من أمور الدنيا .
وقد
يكون فرحا محمودا ، إذا تعلق بأمور الدين ، كما في قوله تعالى : (
قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ
مِمَّا يَجْمَعُونَ ) يونس/58. وقوله سبحانه وتعالى : ( وَلَا تَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ
رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ . فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ
وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا
خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) آل عمران/169-170.
وقد
يكون فرحا مذموما ، إذا صاحبه الكبر والبطر أو الغفلة والخفة الباعثة على نسيان
أوامر الله ، وقد ورد هذا النوع في كثير من آيات القرآن الكريم ، منها قوله عز وجل
: ( إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ
الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ
قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ .
وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ
الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ
فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ) القصص/76-77.
قال
أبو حيان الأندلسي رحمه الله :
” (
إذ قال له قومه لا تفرح ) : نهوه عن الفرح المطغي الذي هو إنهماك وإنحلال نفس وأشر
وإعجاب ، وإنما يفرح بإقبال الدنيا عليه من اطمأن إليها ، وغفل عن أمر الآخرة ، ومن
علم أنه مفارق زهرة الدنيا عن قريب ، فلا يفرح بها ” انتهى باختصار.
”
البحر المحيط ” (9/57).
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
”
قوله : ( إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ
الْفَرِحِينَ ) أي : وَعَظَهُ فيما هو فيه صالح قومه ، فقالوا على سبيل النصح
والإرشاد : لا تفرح بما أنت فيه ، يعنون : لا تبطر بما أنت فيه من الأموال ( إِنَّ
اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ) قال ابن عباس : يعني المرحين . وقال مجاهد :
يعني الأشرين البطرين ، الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم ” انتهى.
”
تفسير القرآن العظيم ” (6/253)
وقال البغوي رحمه الله :
” (
إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبّ الْفَرِحِينَ ) الأشِرين البطرين الذين لا يشكرون الله على
ما أعطاهم ” انتهى.
”
معالم التنزيل ” (6/221).
وقال العلامة السعدي رحمه الله :
” (
لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ) أي : لا تفرح بهذه الدنيا
العظيمة ، وتفتخر بها ، وتلهيك عن الآخرة ، فإن اللّه لا يحب الفرحين بها ،
المنكبِّين على محبتها ” انتهى.
”
تيسير الكريم الرحمن ” (ص/623)
والحاصل من هذا كله : أن اسم ” فرحان “، أو ” فرحين “: ليس اسم ذم ، ولا وصف سوء
بحد ذاته ، بل هو وصف انفعال طبيعي يصيب الإنسان ، فإذا تعلق بأمر الدين ، وكان
منضبطا : كان فرحا محمودا ، وإذا تعلق بأمور الدنيا وصاحبه غفلة أو بطر : كان فرحا
مذموما .
وبناء عليه : لا مانع شرعا من التسمي باسم : ” فرحان “، أو اسم : ” فرحين “.
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟