تنزيل
0 / 0

هل من المجاهرة أن يُحدِث بفعل المعاصي ، وهو لم يفعلها ؟

السؤال: 146391

إذا قلت لأصحابي أنني فعلت من المعاصي كذا وكذا ، وأنا في الحقيقة لم أفعل شيئاً من ذلك ، ولكنني كذبت عليهم ، فهل يعتبر ذلك من المجاهرة بالمعاصي ؟ مع العلم أنني تبت إلى الله عز وجل .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

نحمد الله الذي وفقك للتوبة ، ونسأله تعالى أن يثبتك عليها ، لكن عليك من تمام توبتك أن تُعلم من أخبرتهم أن ما قلته لهم لم يكن صحيحاً ، بل هو من باب الكذب ، وتحذرهم من تلك المعاصي ؛ لئلا يظن بك أنك من أهل تلك المعصية ، ولأجل أن تسلم من أثم نشر الفاحشة بين المؤمنين .

ولتعلم ـ يا عبد الله ـ أن المجاهرة بالمصعية هي أن يفعل الإنسان المعصية في الخفاء ، ثم يُحدث غيره بأنه فعل تلك المعصية .

روى البخاري (6069) ومسلم (2990) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ : أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَيَقُولَ يَا فُلَانُ : عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا ، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ ) .

وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (3365) .

ثانياً :

من قال لغيره إنه فعل معصية معينة ، وهو لم يفعلها ، بل كان كاذباً في قوله ذلك ، فهذا أشد قبحاً في مجاهرته ممن يفعل المعصية ، ثم يجاهر بها ؛ وذلك لأنه جمع بين الكذب – وهو كبيرة من الكبائر – ، وبين إشاعة الفاحشة بين المسلمين ، وتهوينها في النفوس ، التي جاء فيها الوعيد ، قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) النور : 19 .

ثم لا يبعد أن يكون هذا الذي ادعى أنه عمل ذبنا ، وهو في الحقيقة لم يفعله : لا يبعد أن يكون شريكا لفاعل ذلك الذنب في الإثم ، خاصة إذا كان يشتهي ذلك الذنب ، أو يقوله على جهة الاستحسان له ، والتمني للظفر به . كما في أبي كبشة الأنماري المعروف : ( إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ : عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا ، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ ، وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا ؛ فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ . وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا ، فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ ، يَقُولُ : لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ ، فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ . وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا ، فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، لَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ ، وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ ، وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا ؛ فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ . وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا ، فَهُوَ يَقُولُ : لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ ) . رواه الترمذي (2325) وقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ ، وصححه الألباني .

فهذا إنما استحق مشاركة الفاعل في ذنبه ، لأجل نيته الفاسدة ، وتمنيه أن يكون شريكا له في عمله ؛ فكيف بمن نوى ذلك ، وتمناه ، ثم أخبر بأنه فعله ، كذبا ، وتشبعا بما لم يعط ؟!

نسأل الله أن يمن علينا وعليكم بالعفو والعافية ، وأن يرزقنا وإياكم التوبة النصوح .

والله أعلم

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android