0 / 0

هل يجوز تصوير المساكين وهم يتسلمون الصدقات ليطمئن قلب المتصدق بوصولها إليهم ؟

السؤال: 146748

حينما نود أن نساعد المساكين في بعض الأماكن الفقيرة ، اشترطنا أن نلتقط صورا للمساكين وهم يتسلمون التبرعات سواء أكان هذه التبرعات نقودا أم أطعمة .
سؤالنا هل يجوز أن يشاهد المتبرع ما قدم إلي المحتاجين من التبرعات حتى يطمئن قلبه , وهل هذا الفعل يعارض الحديث الصحيح القائل : (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله) ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

سبق في جواب السؤال رقم : (130353) بيان جواز التصوير للحاجة أو الضرورة ، وأن ذلك مستثنى من أحاديث النهي عن التصوير لمكان الحاجة .
فإذا وجدت الحاجة الفعلية لهذا التصوير الوارد في السؤال ، كأن يكون في ذلك حافز للتصدق ، أو يكون فيه زوال شكوك تدخل في نفوس المتبرعين ، أو يكون فيه دعوة لفعل الخير والمسارعة إليه ونحو ذلك : فلا بأس به .
أما إذا لم توجد الحاجة الفعلية لذلك ، ولم يكن في هذا التصوير إلا مزيد اطمئنان القلب للمتبرعين ، فليس لكم أن تصوروا المستفيدين من المساعدات وهم يأخذونها ، وذلك لوجوه :
أولها :
انتفاء الحاجة الفعلية أو الضرورة الحقيقية ، والتي لا يشرع ، بل لا يجوز- على الصحيح – التصوير إلا بوجودها .
ثانيا :
التقاط هذه الصور لأولئك المساكين ونشرها بين الناس ، مع انتفاء الحاجة الشرعية لذلك ، قد يكون فيه أذى بليغ لهم ؛ وقد قال الله عز وجل : ( قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ) البقرة / 263
قال الطبري رحمه الله في “تفسيره” (5 / 520) :
” قولٌ جميل ، ودعاءُ الرجل لأخيه المسلم ، وسترٌ منه عليه لما علم من خَلَّته وسوء حالته ، خير عند الله من صدقة يتصدقها عليه ( يتبعها أذى ) ، يعني يشتكيه عليها ، ويؤذيه بسببها ” انتهى
ثالثا :
قد يؤثر ذلك على إخلاص المتصدق بما يخل به أو ينقصه ، حيث لم تكن هناك مصلحة راجحة ، وقد قال الله تعالى : ( إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) [البقرة : 271]
قال ابن كثير رحمه الله :
” فيه دلالة على أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها ؛ لأنه أبعد عن الرياء ، إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة ، من اقتداء الناس به ، فيكون أفضل من هذه الحيثية .
والأصل أن الإسرار أفضل لهذه الآية ، ولما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله … الحديث ، وفيه : ( ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ) ” انتهى .
“تفسير ابن كثير” (1 / 701-702)
وقال الترمذي رحمه الله في “جامعه” (5/180) :
” صدقة السر أفضل عند أهل العلم من صدقة العلانية ، وإنما معنى هذا عند أهل العلم لكي يأمن الرجل من العُجب ؛ لأن الذي يسر العمل لا يخاف عليه العجب ما يخاف عليه من علانيته ” انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
“من تمام الإخلاص : أن يحرص الإنسان على ألا يراه الناس في عبادته ، وأن تكون عبادته مع ربه سراً ، إلا إذا كان في إعلان ذلك مصلحة للمسلمين أو للإسلام … فإذا كان السر أصلح وأنفع للقلب وأخشع وأشد إنابة إلى الله أسروا ، وإذا كان في الإعلان مصلحة للإسلام بظهور شرائعه ، وللمسلمين ؛ يقتدون بهذا الفاعل ، وهذا العامل : أعلنوه ” انتهى من”مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين” (3/ 165) .

فإذا لم تكن هناك مصلحة راجحة لإظهار الصدقة : كان إخفاؤها أفضل من إعلانها ، وقد ثبت في الحديث أن ( صدقة السر تطفئ غضب الرب ) رواه الطبراني في “الأوسط” (943) وصححه الألباني في “الصحيحة” (1908) .

والله تعالى أعلم .
وينظر جواب السؤال رقم : (135634)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android