يصلون في مكاتبهم ، فهل يجمعون بين الصلاتين عند نزول المطر ؟
السؤال: 146853
مجموعة من الرجال كانوا مجتمعين في مكان (مكتب) وأرادوا أن يصلوا المغرب جماعة : وعند الفراغ من صلاة المغرب : أراد بعضهم أن يصلي العشاء جماعة جمعا مع صلاة المغرب ؛ لأن الطقس كان ماطرا ، فقال أحدهم : هذا الجمع لا يصح ؛ لأن الجمع لا بد أن يكون في المسجد الذي تقام فيه صلاة الجمعة ، وليس في أي جماعة يحسن الجمع ؟ ما الرأي في فعل هؤلاء ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
يجب على من سمع الأذان أن يبادر إلى الصلاة في
المسجد ؛ لما روى مسلم (653) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : أَتَى
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى ، فَقَالَ يَا
رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ ،
فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ ،
فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ ، فَقَالَ : (
هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ . قَالَ : نَعَمْ قَالَ : فَأَجِبْ ) .
وينظر للفائدة حكم الصلاة في مقر العمل ، كما في
جواب السؤال رقم : (74978)
.
ثانياً :
يجوز الجمع بين المغرب والعشاء عند نزول المطر في
مذهب جمهور العلماء رحمهم الله .
جاء في الموسوعة الفقهية (15/290 – 291) : ” ذهب
جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى جواز الجمع بين المغرب والعشاء
بسبب المطر المبلل للثياب والثلج والبرد ؛ لما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة الظهر والعصر جميعا
والمغرب والعشاء جميعا ) ، وزاد مسلم : (من غير خوف ولا سفر ) ، قال كل من الإمام
مالك والشافعي رحمهما الله : أرى ذلك بعذر المطر ، ولأنه ثبت أن ابن عباس وابن عمر
رضي الله عنهم كانا يجمعان بسبب المطر ” انتهى .
ثالثاً :
اختلف العلماء رحمهم الله : متى يجوز الجمع بين
العشاءين عند نزول المطر ، على قولين :
القول الأول : يجوز الجمع مطلقاً سواء وُجدت المشقة
، أم لم تُوجد ، وسواء كان ذلك في المسجد أم في البيت ، وهو المذهب عند الحنابلة .
قال المرداوي رحمه الله : ” قوله ( وهل يجوز “أي :
الجمع” لمن يصلي في بيته , أو في مسجدٍ طريقه تحت ساباط ) ؟ ( على وجهين ) …… ,
أحدهما : يجوز ، وهو المذهب ” انتهى من “الإنصاف” (2/340) . والساباط هو : السقف .
وقال البهوتي رحمه الله : ” فيباح الجمع مع هذه
الأعذار ( حتى لمن يصلي في بيته , أو ) يصلي ( في مسجد طريقه تحت ساباط ولمقيم في
المسجد ونحوه ) ، كمن بينه وبين المسجد خطوات يسيرة ، ( ولو لم ينله إلا يسير ) ؛
لأن الرخصة العامة يستوي فيها وجود المشقة وعدمها كالسفر ” انتهى من “كشاف
القناع” (2/8) .
وجاء في “الموسوعة الفقهية” (15/292) : “والأرجح عند الحنابلة : أن الرخصة عامة ،
فلا فرق بين من يصلي جماعة في مسجد ، وبين غيره ممن يصلي في غير مسجد أو منفردا ;
لأنه قد روي : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المطر وليس بين حجرته والمسجد
شيء ) ، ولأن العذر إذا وجد استوى فيه وجود المشقة وغيره ” انتهى .
القول الثاني : لا يجوز الجمع بين الصلاتين ، إلا عند وجود المشقة والأذى ، وهو
المذهب عند الشافعية .
قال الإمام الشافعي رحمه الله : ” وَيَجْمَعُ مِنْ قَلِيلِ الْمَطَرِ وَكَثِيرِهِ ،
وَلَا يَجْمَعُ إلَّا مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ إلَى مَسْجِدٍ يَجْمَعُ فِيهِ ,
قَرُبَ الْمَسْجِدُ , أَوْ كَثُرَ أَهْلُهُ , أَوْ قَلُّوا , أَوْ بَعُدُوا ،
وَلَا يَجْمَعُ أَحَدٌ فِي بَيْتِهِ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
جَمَعَ فِي الْمَسْجِدِ ، وَالْمُصَلِّي فِي بَيْتِهِ مُخَالِفُ الْمُصَلِّي فِي
الْمَسْجِدِ ” انتهى من “الأم” (1/95) .
وقال الشربيني رحمه الله : ” والأظهر – وفي الروضة : الأصح – تخصيص الرخصة بالمصلي
جماعة ، بِمُصّلَّى ، بمسجد أو غيره ، بعيد عن باب داره عرفا ، بحيث يتأذى بالمطر
في طريقه إليه ، نظرا إلى المشقة وعدمها , بخلاف من يصلي ببيته منفردا أو جماعة ،
أو يمشي إلى المصلى في كنٍّ ، أو كان المصلى قريبا : فلا يجمع ؛ لانتفاء التأذي ”
انتهى من “مغني المحتاج” (1/535) .
رابعاً :
بناءاً على الخلاف السابق ، فعلى رأي الحنابلة صلاتكم صحيحة ؛ لأنهم لا يشترطون
المسجد لصحة الجمع ، وأيضاً لا يشترطون وجود المشقة .
أما على رأي الشافعية ، فإنهم لا يرون جواز الجمع لمن هو في مثل حالتكم ؛ لأنهم
يشترطون لجواز الجمع وجود المشقة ، والغالب على من يصلي في مقر عمله أنه تنتفي عنه
المشقة .
وينظر جواب السؤال رقم (31172)
.
على أن من جمع قبل ذلك : فلا حرج عليه ، إن شاء الله ، ولا يؤمر بإعادة صلاته ،
مراعاة لقول من رخص في ذلك من أهل العلم .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة