زوجها يأخذ راتبها ، فهل لها أن تأخذ منه حقها بدون علمه ؟
السؤال: 146876
أنا امرأة أعمل وأتقاضى راتباً مقابل ذلك ، ولكن هذا الراتب يأخذه زوجي ، إنه يوفر كل مصاريف البيت ولا يقصر في شيء ، كما أنه أيضاً يعطيني مصروف جيب ، ولكنه يرفض أن يعطيني أكثر من ذلك مهما كان الأمر ، ففي بعض الأحيان أريد أن أعطي والدي المحتاجين أو أقربائي أو أصدقائي بعض المال أو الهدايا ، ولكني أجد نفسي غير قادرة ؛ لأن ما يعطيني لا يكفي ، فهل يجوز أن آخذ بعض المال من دون علمه ؟
إنني لا أريد أن أغشه ، ولكني أشعر أنه يظلمني بفعله هذا ، أي تصرف هذا ! أليس لي حق في ماله ناهيك أن يكون في مالي أنا ؟! إنني لا أفهم تصرفه هذا ، ولا أريد أن أفتح الموضوع معه ؛ لأن ذلك سيقودنا إلى نقاش لا أريده ولا أحب الخوض فيه ، فهل أخذي للمال بدون علمه يُعد خطأً؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
لا
يجوز للمرأة أن تأخذ من مال زوجها شيئاً إلا بإذنه ، إلا إذا بخل عليها بما يجب
عليه من النفقة ، فيجوز لها أن تأخذ ما يكفيها ويكفي أولادها بالمعروف ؛ لما روى
البخاري (5364) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ رضي
الله عنها قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ
وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ
لَا يَعْلَمُ ، فَقَالَ : (خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ) .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (20433)
.
ثانياً :
ما
تتقاضاه المرأة من راتب هو ملكها ، لها أن تتصرف فيه كما شاءت ، ولا يجب عليها أن
تعطي زوجها شيئا منه ، ولا يلزمها أن تشارك الزوج في نفقات البيت ، بل نفقة الزوجة
والأولاد واجبة على الزوج ، ولو كانت الزوجة غنية ، إلا إذا اشترط عليها أن تشارك
في نفقات البيت ، أو كان العرف قد جرى بأن المرأة الموظفة لا بد وأن تشارك في نفقات
البيت .
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (126316)
، ورقم : (4037)
.
ثالثاً :
إذا
لم يشترط الزوج على زوجته في العقد ، أنه يأخذ من راتبها مقابل الإذن لها في العمل
، فإنه لا يجوز له أن يأخذ من راتبها شيئاً ، إلا عن طيب نفسٍ منها ، وإذا أخذ منها
فهو آخذ لما لا يحق له ، وجاز للمرأة في هذه الحال أن تأخذ حقها من ماله بدون علمه
، ويكون ذلك من باب (الظفر) .
قال
الشيخ الشنقيطي رحمه الله : ” إنْ ظلمك إنسانٌ بأنْ أخذَ شيئاً مِن مالِك بغير
الوجه الشرعي ، ولم يمكن لك إثباتُه ، وقدرتَ له على مثل ما ظلمك به على وجهٍ تأمن
معه الفضيحة والعقوبة ، فهل لك أنْ تأخذَ قدرِ حقِّك أو لا ؟
أصحُّ القولين ، وأجراهما على ظواهر النصوص وعلى القياس : أنْ تأخذَ قدرَ حقِّك مِن
غيرِ زيادةٍ ؛ لقوله تعالى : (فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ…) الآية ،
وقوله : (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُم) ، وممن قال بِهذا
القول : ابن سيرين ، وإبراهيم النخعي ، وسفيان ، ومجاهد ، وغيرهم .
وقالت طائفة من العلماء – منهم مالك – : لا يجوز ذلك ، وعليه دَرَج خليل بن إسحاق
المالكي في ” مختصره ” بقوله في الوديعة : وليس له الأخذ منها لمن ظلمه بمثلها ،
واحتج من قال بِهذا القول بحديث : (أَدِّ الأمَانَةَ إِلى مَنِ ائْتَمَنَكَ ، وَلا
تَخُنْ مَنْ خَانَكَ) .
وهذا الحديث – على فرض صحته – لا ينهض الاستدلال به ؛ لأنَّ مَن أخذَ قدرَ حقِّه
ولم يزد عليه لم يخن مَن خانه ، وإنما أنصف نفسه ممن ظلمه” انتهى من “أضواء البيان”
(2/467) .
هذا
هو حكم هذا الفعل ، على أنه ينبغي لكل من الزوجين أن يعاشر صاحبه بالمعروف ، وأن
يتنازل كل واحد منهما للآخر عن بعض حقوقه ؛ لكي تدوم العشرة الحسنة بينهما .
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة