هل تصح صلاتها بالحفاظة وفيها النجاسة ؟
السؤال: 147025
امرأة كبيرة وكفيفة وتتحرك بصعوبة كبيرة ، ودورة المياه تقع خارج البيت وهي بعيدة نسبيا ، ولأنها يشق عليها الذهاب إليها في الليل ، فإن زوجة ابنها تضع لها حفاظات من الليل لا تنزعها إلا الصباح لأنها لا تقدر على لبسها أو نزعها وحدها . فهي تسأل عن الصلوات التي يكون وقتها حين تكون لابسة لحفاظة قد أحدثت فيها نجاسة . هل تصح صلاتها بالحفاظة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
يشترط لصحة الصلاة : طهارة الثوب والبدن والمكان الذي يصلي فيه ، ولا يجوز للمصلي
أن يصلي وهو يلبس ثياباً نجسة .
قال
الله تعالى : (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) المدثر/4 .
وروى أبو داود (650) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : بَيْنَمَا رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إِذْ خَلَعَ
نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ
أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَالَ : (مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ؟ قَالُوا
: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا . فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا . وَقَالَ :
إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ فَإِنْ رَأَى فِي
نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا) وصححه
الألباني في “صحيح أبي داود” .
قال
في زاد المستقنع : “فمن حمل نجاسة لا يعفى عنها ، أو لاقاها بثوبه أو بدنه : لم تصح
صلاته” .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه : ” فمن حَمَل نجاسةً لا يُعفى عَنها ،
أفادنا بقوله : لا يُعفى عنها أنَّ من النَّجاسات ما يُعفى عنه ، وهو كذلك ، وقد
سَبَقَ أنه يُعفى عن يسير الدَّم إذا كان من حيوان طاهر كدم الآدمي مثلاً، ودم
الشَّاة والبعير وما أشبهها، وسَبَقَ أيضاً: أنَّ شيخ الإسلام يرى العفوَ عن يسير
جميع النَّجَاسات ، ولا سيَّما إذا شَقَّ التَّحرُّزُ منها مثل أصحاب الحمير الذين
يلابسونها كثيراً، فلا يَسلمُ من رشاش بول الحمار أحياناً بل غالباً ، فشيخُ
الإسلام يرى أنَّ العِلَّة المشقَّة ، فكلَّما شَقَّ اجتناب النَّجَاسة فإنَّه
يُعفى عن يسيرها ، وكذا يقال في مثل أصحاب البويات إنَّه يُعفى عن يسيرها إذا
أصابت أبدانهم مما يحول بينها وبين الماء ؛ لأنَّ الدِّين يُسر، ومثل هذه المسائل
تحصُل غالباً للإنسان ، وهو لا يشعر بها أحياناً أو يشعر بها ، ولكن يشقُّ عليه
التَّحرُّز منها.
مثال حمل النَّجَاسة : إذا تلطَّخ ثوبُه بنجاسةٍ ، فهذا حامل لها في الواقع ؛
لأنَّه يَحمِلُ ثوباً نجساً ، وإذا جعل النَّجَاسة في قارورة في جيبه ، فقد حَمَل
نجاسة لا يُعفى عنها ، وهذا يقع أحياناً في عصرنا فيما إذا أراد الإنسان أن يحلِّلَ
البِرَاز أو البول ؛ فحَمَله في قارورة وهو يُصلِّي ، فهذا صلاته لا تصحُّ ؛ لأنَّه
حَمَل نجاسة لا يُعفى عنها” انتهى من “الشرح الممتع” (2/ 22) .
فمن
صلى بحفاظة بها نجاسة ، وهو عالم بوجود النجاسة ، ذاكر لها ، لم تصح صلاته ، إلا أن
يكون صاحب سلس ، وينظر في شأنه جواب السؤال رقم (106751)ورقم(126293).
ثانيا :
يلزم الإنسان أن يتطهر من النجاسة كما سبق ، فإن لم يستطع وكان له مال لزمه استئجار
من يطهره ؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، فإن لم يقدر على الاستئجار لقلة
ماله أو لعدم من يقوم بذلك صلى على حسب حاله، ولا يكلف الله نفسا إلا سعها .
قال في “كشاف القناع” (1/102) : “وإذا وجد الأقطع ونحوه كالأشل والمريض الذي لا
يقدر أن يوضئ نفسه من يوضئه أو يغسله بأجرة المثل وقدر عليها من غير إضرار بنفسه أو
من تلزمه نفقته لزمه ذلك ; لأنه في معنى الصحيح . وإن وجد من ييممه ولم يجد من
يوضئه لزمه ذلك كالصحيح يقدر على التيمم دون الوضوء ، فإن لم يجد من يوضئه ولا من
ييممه , بأن عجز عن الأجرة أو لم يقدر على من يستأجره صلى على حسب حاله . قال في
المغني : لا أعلم فيه خلافا ، وكذا إن لم يجده إلا بزيادة عن أجرة مثله إلا أن تكون
يسيرة على ما يأتي في التيمم ولا إعادة عليه كفاقد الطهورين ، واستنجاءٌ مثله أي :
مثل الوضوء , فكما تقدم . وإن تبرع أحد بتطهيره لزمه ذلك . قال في الفروع : ويتوجه
: لا ، [ أي : لا يلزمه ذلك ] ويتيمم” انتهى .
ثالثا :
يلزم المسئول عنها أحد أمرين :
الأول : الاستغناء عن الحفاظة ، بأن تجعل بقربها إناء ونحوه تقضي فيه حاجتها ،
وتستنجي أو تستجمر ولو بمنديل ونحوه .
الثاني : إزالة الحفاظة والتطهر من النجاسة قبل الصلاة .
فإن
لم يمكن شيء من ذلك ولو باستئجار من يقوم على إفراغ الإناء ، أو تبديل الحفاظة ،
ولم يتبرع به أحد ، صلت بالنجاسة ، وهي معذورة .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة