هل يجوز لبس ما يصنع من جلود الحيات ؟
السؤال: 147632
هل لبس جلد الحية جائز؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
”
الْحَيَوَانَاتُ عَلَى نَوْعَيْنِ : حَيَوَانَاتٌ مَأْكُولَةُ اللَّحْمِ ،
وَحَيَوَانَاتٌ غَيْرُ مَأْكُولَةِ اللَّحْمِ . فَالْحَيَوَانَاتُ مَأْكُولَةُ
اللَّحْمِ إِذَا ذُبِحَتِ الذَّبْحَ الشَّرْعِيَّ كَانَ جِلْدُهَا طَاهِرًا
بِالاِتِّفَاقِ ، وَإِنْ لَمْ يُدْبَغْ .
أَمَّا الْحَيَوَانَاتُ غَيْرُ الْمَأْكُولَةِ اللَّحْمِ فَهِيَ عَلَى نَوْعَيْنِ
أَيْضًا : نَجِسَةٌ فِي حَال الْحَيَاةِ ، وَطَاهِرَةٌ .
أَمَّا نَجِسَةُ الْعَيْنِ ، وَهِيَ الْخِنْزِيرُ بِالاِتِّفَاقِ ، وَالْكَلْبُ
عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ، فَإِنَّ الذَّكَاةَ لاَ تُطَهِّرُ
جِلْدَهَا .
وَأَمَّا غَيْرُ نَجِسَةِ الْعَيْنِ مِمَّا لاَ يُؤْكَل لَحْمُهُ ، فَقَدِ
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَطْهِيرِ إِهَابِهَا بِالذَّكَاةِ ، فَذَهَبَ
الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَطْهُرُ بِالذَّبْحِ ،
وَحُجَّةُ هَؤُلاَءِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى
عَنِ افْتِرَاشِ جُلُودِ السِّبَاعِ ، وَرُكُوبِ النُّمُورِ . وَهُوَ عَامٌّ فِي
الْمُذَكَّى وَغَيْرِهِ ؛ وَلأَِنَّهُ ذَبْحٌ لاَ يُطَهِّرُ اللَّحْمَ فَلَمْ
يُطَهِّرِ الْجِلْدَ .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى طَهَارَةِ الإْهَابِ بِالذَّكَاةِ
الشَّرْعِيَّةِ ، وَاسْتَدَل هَؤُلاَءِ بِقَوْل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( دِبَاغُ الأْدِيمِ ذَكَاتُهُ ) ؛ وَلأِنَّ الذَّكَاةَ
تَعْمَل عَمَل الدِّبَاغِ فِي إِزَالَةِ الرُّطُوبَاتِ النَّجِسَةِ ، أَمَّا
النَّهْيُ عَنِ افْتِرَاشِ جُلُودِ السِّبَاعِ وَرُكُوبِ النُّمُورِ فَلأَِنَّ
ذَلِكَ مَرَاكِبُ أَهْل الْخُيَلاَءِ ، أَوْ لأَِنَّهُمْ كَانُوا
يَسْتَعْمِلُونَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ تُدْبَغَ .
“الموسوعة الفقهية” (7/95-96)
والأظهر أن جلد الحيوان الذي لا يؤكل لحمه غير طاهر ، سواء دبغ أم لم يدبغ ؛ لأن
الجلود النجسة لا تطهر بالدباغ .
قال
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
”
الجلود على ثلاثة أقسام :
القسم الأول : طاهر ، دبغ أم لم يدبغ ، وهو جلود الحيوان المذكى إذا كان يؤكل .
القسم الثاني : جلود لا تطهر لا بعد الدبغ ولا قبل الدبغ فهي نجسة ، وهي جلود ما لا
يؤكل لحمه كالخنزير .
القسم الثالث : جلود تطهر بعد الدبغ ولا تطهر قبله ، وهي جلود ما يؤكل لحمه إذا
ماتت بغير ذكاة ” انتهى مختصرا .
“لقاء الباب المفتوح” (52/39) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
إذا
دبغ جلد الثعلب فهل يطهر ، وهل يحل استعماله بالملابس وغيرها ، وهل يجوز بيعه
وشراؤه والمتاجرة به ؟
فأجاب علماء اللجنة : ” جلد الثعلب كلحمه نجس ؛ لأنه سبع لدخوله في عموم النهي ؛
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كل ذي ناب
من السباع فأكله حرام ) رواه الإمام مسلم رحمه الله تعالى ، وحديث أبي المليح بن
أسامة ، عن أبيه رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن جلود
السباع . رواه الإمام أحمد . وحديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ، أنه قال
لنفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : ” أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم نهى عن جلود النمور أن يركب عليها ؟ ” قالوا : ” اللهم نعم ” رواه الإمام أحمد
وأبو داود . وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا
تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر ) رواه أبو داود ، هذه النصوص تمنع من استعمال جلد
ما لا يؤكل لحمه … لما فيها من الزينة والخيلاء ” انتهى من “فتاوى اللجنة
(24/29-30) .
وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
”
جلود ما لا يؤكل لحمه ، كجلد حمار أو جلد كلب ، فهذا لا يصح بيعه ولا يطهر بالدباغ
-على الصحيح – ” انتهى .
“شرح أخصر المختصرات” (105/3)
وينظر : جواب السؤال رقم (1695)
، ورقم (144270)
.
ثانيا :
ذهب
جماهير أهل العلم إلى أن الحيات والأفاعي يحرم أكلها .
قال
النووي رحمه الله في “المجموع” (9/16-17) :
”
مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي حَشَرَاتِ الْأَرْضِ كَالْحَيَّاتِ
وَالْعَقَارِبِ وَالْجِعْلَانِ وَبَنَاتِ وَرْدَانَ وَالْفَأْرَةِ وَنَحْوِهَا :
مَذْهَبُنَا أَنَّهَا حَرَامٌ , وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَدَاوُد
, وَقَالَ مَالِكٌ : حلاَل ” انتهى .
وجاء في “الموسوعة الفقهية” (11/233) :
”
وَبِتَحْرِيمِ لُحُومِ الْحَيَّاتِ يَقُول الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ
وَالْحَنَابِلَةُ ” انتهى .
راجع :
“تأويل مختلف الحديث” (ص 269) – “الشرح الكبير” (4 / 15) – “الإنصاف” (7 / 241) –
“مطالب أولي النهى” (7 / 310) – “الآداب الشرعية” (4 / 160) “نيل الأوطار” (9 / 85)
وراجع جواب السؤال رقم (138842)
.
وعلى ما تقدم :
فحيث إن الحيات لا يطهر جلدها ، ولو دبغ ؛ لأنها مما لا يؤكل لحمه ، فلا يجوز لبس
ما صنع من جلدها من أحذية أو خفاف أو غير ذلك .
والله تعالى أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة