إذا حصل الإيجاب والقبول في الخطبة فهل ينعقد النكاح؟
السؤال: 147796
أفتوني فيما يقول بعض الناس إن مجرد الخطبة والاتفاق بين الطرفين على أن يكون صداق الرجل للمرأة التي يريد الزواج منها مائة ألف ريال مثلا : تحل المرأة أن يتمتعها الرجل حتى الفرج لأن عقد النكاح سنة فقط . والواجب هنا هو الإيجاب والقبول وهو الاتفاق بين الطرفين من قبول الرجل أن ينكحه الولي إحدى بناته وليس عقد الزواج كما يقولون .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
هناك فرق بين الخِطبة والعقد ، فالخطبة : إبداء
الرغبة في نكاح المرأة ، والغالب أن لا يحصل فيها إيجاب من الولي ، لأنه يتمهل ،
وينتظر معرفة رأي المخطوبة ، وقد يحصل فيها وعد من الولي بالتزويج .
وأما العقد فإن له أركانا وشروطا ، فمن أركانه :
الإيجاب والقبول ، والإيجاب يكون من الولي أو وكيله ، والقبول يكون من الزوج أو
وكيله .
فإذا كان الأب هو الولي ، فإنه يقول : زوجتك بنتي
فلانة . ويقول الزوج : قبلت الزواج من فلانة .
قال في “كشاف القناع” (5/ 37) : “ولا ينعقد النكاح
إلا بالإيجاب والقبول ، والإيجاب هو اللفظ الصادر من قِبَل الولي أو من يقوم مقامه
كوكيل.. ” انتهى بتصرف .
وبعض الفقهاء – كالحنابلة – يشترطون أن يتقدم
الإيجاب على القبول . وينظر : “المغني” (7/61).
كما يشترط لصحة العقد وجود شاهدين مسلمين .
ثانيا :
بعض الأنكحة تتم بلا خطبة ، فيحصل الإيجاب والقبول
، مع رضا المرأة ووجود الشاهدين ، فينعقد النكاح ، وقد كان هذا موجودا في القديم ،
بل لا يزال إلى وقتنا هذا .
ولا يقال : إن العقد سنة ، وإن الواجب هو الإيجاب
والقبول ، بل الإيجاب والقبول هو العقد ، ويحصل بالكلام ، ولا يشترط كتابته وتسجيله
، وإنما التسجيل لتوثيق الحقوق ، كما لا يشترط أن يتم النكاح على يد مأذون الأنكحة
، بل يكفي حصول الإيجاب والقبول من الولي والزوج .
ثالثا :
إن حصل الإيجاب والقبول في الخطبة ، وتواعدا على
العقد فيما بعد ، فلا ينعقد النكاح إلا عند العقد ؛ لأن هذا كالتصريح بأن ما تم في
الخطبة ليس عقدا .
وإن حصل الإيجاب والقبول في الخطبة ، ولم يتواعدا
على العقد فيما بعد ولم يذكراه ، فهنا يرجع إلى العادة عندهم : فإن جرت العادة بأن
هذا وعد وتوطئة للعقد وليست عقدا ، فإن النكاح لا ينعقد بذلك .
وإن جرت العادة بأن هذا عقد ، فهو عقد .
سئل الشيخ عليش المالكي رحمه الله : ما قولكم فيمن
بعث رجلا لآخر خاطبا لبنته للأول , أو لولده فأجابه وتواعدا على العقد ليلة البناء
, وأرسل لها كسوة ثم أرسل لأهلها طالبا الدخول بها فجهزوها وزفوها إليه ودخل بها
بلا عقد ولا إشهاد ظانا حصولهما من الأبوين …
فأجاب : “التفريق بين هذا الرجل , وهذه المرأة واجب
ولا يقال له : فسخ ؛ لعدم العقد ، ووجب عليها الاستبراء …….
قال العلامة التاودي في شرح التحفة : سئل أبو سالم
إبراهيم الجلالي عما جرت به العادة من توجيه الرجل من يخطب امرأة لنفسه , أو لولده
فيجيبه أهلها بالقبول ويتواعدون العقد ليلة البناء ثم يبعث لها حناء وحوائج في
المواسم ويولون النساء عند الخطبة ويسمع الناس والجيران أن فلانا تزوج فلانة … ثم
يطرأ موت , أو نزاع .
فأجاب بما حاصله : إن كانت العادة جارية بأن الخطبة
وإجابتها بالقبول إنما هما توطئة للعقد الشرعي ليلة البناء , وأنه لا إلزام بما يقع
بينهم , وإنما هي أمارات على ميل كل لصاحبه فلا إشكال في عدم انعقاد النكاح بذلك
وعدم ترتب أحكامه عليه .
وإن كانت العادة أنهما جاريان مجرى العقد فيما
يترتب عليه … فلا إشكال أن النكاح انعقد بهما وترتبت عليهما أحكامه .
وإن جُهل الحال بحيث لو سئلوا : هل أرادوا الوعد أو
الإبرام لا يجيبون بشيء منهما ، فالذي أفتى به المزدغي : انعقاد النكاح وترتب
أحكامه بهما ، والذي أفتى به البقِّيني عدم ذلك كله . ثم قال التاودي : والحاصل :
إن كانت العادة أن الخطبة والإجابة بالقبول عقد , ولو ممن ناب عن الزوج والولي وعلم
الزوج والزوجة ورضيا به فالظاهر انعقاد النكاح بذلك وترتب أحكامه عليه , وإن كانت
العادة أن ذلك مجرد قبول وسكوت أو وعد فلا والله أعلم .
على أن النظر للعادة إنما هو عند السكوت أما عند
التصريح بالمواعدة على أن العقد الشرعي إنما يكون ليلة البناء فلا ؛ إذْ هو ناسخ
لها [أي للعادة] على فرض ثبوتها بأن ذلك عقد ” انتهى من “فتاوى الشيخ عليش” (1/
420). وينظر : شرح التاودي (1/ 17) , وشرح ميارة على تحفة الحكام (1/ 155).
والغالب الآن أن الناس يفرقون بين الخطبة والعقد .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟