هل يشترط في سترة المصلي أن تكون عريضة بعرضه ؟
السؤال: 147877
قرأنا كثيراً عن سترة المصلي ، لكن عندي سؤال لم أجد إجابة عليه :
1-عرض السترة : هل يجب أن تكون بعرض المصلي ؟ وإذا كانت السترة عامودا أقل من عرض المصلي بكثير ، فالأجزاء التي خرجت منه ألا يقطع بها المار صلاته ؟
2-إذا كانت السترة مثل الكرسي أو الطاولة ، تكون مفتوحة من أسفل ، فلم تلامس الأرض من وسطها ، فقط أركانها ؛ فهل تعد ستره ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
يسن
للمصلى إذا كان إماما أو منفردا أن يجعل بين يديه سترة ، في الحضر والسفر ، في
الفريضة والنافلة ، وفي المسجد وغيره ؛ لعموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيُصَلِّ إِلَى سُتْرَةٍ وَلْيَدْنُ
مِنْهَا ) رواه أبو داود (697) ، وصححه الألباني في “صحيح أبي داود”.
وقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ – من المالكية – : ” مِنْ شَأْنِ الْمُصَلِّي أَنْ لَا
يُصَلِّيَ إِلَّا إِلَى سُتْرَةٍ ، فِي سَفَرٍ كَانَ أَوْ حَضَرٍ ، أَمِنَ أَنْ
يَمُرَّ أَحَدٌ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ لَمْ يَأْمَنْ ” انتهى .
“المنتقى” (1/373) .
”
وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا كَفُّ بَصَرِ الْمُصَلِّي عَمَّا وَرَاءَهَا ، وَجَمْعُ
الْخَاطِرِ بِرَبْطِ خَيَالِهِ كَيْ لاَ يَنْتَشِرَ ، وَمَنْعُ الْمَارِّ كَيْ لاَ
يَرْتَكِبَ الإثْمَ بِالْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ ” .
“الموسوعة الفقهية” (24 / 177)
ثانيا :
السنة أن تكون السترة قائمة بين يدي المصلي قدر ثلثي ذراع فأكثر ، طولا ؛ لما رواه
مسلم (771) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ : ( سُئِلَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سُتْرَةِ الْمُصَلِّي ، فَقَالَ :
مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ ) .
قال
النووي رحمه الله : ” وَفِي الْحَدِيث النَّدْب إِلَى السُّتْرَة بَيْن يَدَيْ
الْمُصَلِّي ، وَبَيَان أَنَّ أَقَلّ السُّتْرَة مُؤْخِرَة الرَّحْل ، وَهِيَ قَدْر
عَظْم الذِّرَاع , هُوَ نَحْو ثُلُثَيْ ذِرَاع , وَيَحْصُل بِأَيِّ شَيْء أَقَامَهُ
بَيْن يَدَيْهِ هَكَذَا ” انتهى .
“شرح مسلم للنووي” (4/216) .
وقال ابن عثيمين رحمه الله :
”
الأفضل أن تكون السترة كمؤخرة الرحل ، يعني أن تكون شيئاً قائماً بنحو ثلثي ذراع ؛
أي نصف متر ” انتهى .
“فتاوى نور على الدرب” (156 / 2) .
ثالثا :
لا
حد للسترة في العرض أو السُّمك ( الغلظ أو الدقة ) ؛ فإذا أقام المصلي بين يديه
شيئا مرتفعا ، ولو كان عصا ، أو عودا منصوبا ، أو غير ذلك ، حصلت السنة ، ولا يشترط
أن يكون ذلك بعرض المصلي ؛ فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو مستتر بعَنَزَة ،
يعني : العصا التي يتوكأ عليها الماشي . رواه البخاري (376) ومسلم (503) .
وصلى إلى الحربة . رواه البخاري (494) ومسلم (501) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( استتروا في صلاتكم ولو بسهم ) .
رواه ابن خزيمة (810) وصححه الألباني في “الصحيحة” (2783) .
قال ابن قدامة رحمه الله :
”
فأما قدرها في الغلظ والدقة : فلا حد له نعلمه , فإنه يجوز أن تكون دقيقة كالسهم
والحربة , وغليظة كالحائط … وقال الأوزاعي : يجزئه السهم والسوط ” انتهى .
“المغني” (2/38) ، وينظر : “مطالب أولي النهى” (1 / 489) ، “حاشيته” على “الروض”
(2 / 117) .
وجاء في “الموسوعة الفقهية” (24 / 178)
”
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَسْتَتِرَ الْمُصَلِّي بِكُل
مَا انْتَصَبَ مِنَ الأشْيَاءِ كَالْجِدَارِ وَالشَّجَرِ وَالأسْطُوَانَةِ
وَالْعَمُودِ ، أَوْ بِمَا غُرِزَ كَالْعَصَا وَالرُّمْحِ وَالسَّهْمِ وَمَا
شَاكَلَهَا ” انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
”
السترة : السنة أن تكون قائمة كمؤخرة الرحل بينة بارزة أو شيئاً قائماً كالعصا
المنصوب المغروز بالأرض ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم توضع بين يديه العنزة ”
انتهى .
“فتاوى نور على الدرب” (156 / 5) .
لكن
السترة العريضة أولى ، وأبعد عن التشويش ، وأجمع لقلب المصلي ، إذا تيسرت له .
قال
الإمام أحمد رحمه الله : ” وما كان أعرض فهو أعجب إلي ” .
قال
ابن قدامة : ” وذلك لأن قوله ” ولو بسهم ” يدل على أن غيره أولى منه ” انتهى .
“المغني” (2/38) .
وبهذا يتبين أنه لا بأس على المصلي إذا كانت سترته بقدر العصا ونحوه ، وأنه إذا مر
أحد من أمامه ، وحاذى أحد جوانبه ، فإن ذلك لا يؤثر في صلاته بشيء ، إذا المرور
الممنوع هو أن يجتاز بين يديه ، يعني أن يكون ممره بين المصلي وسترته ، إن كان له
سترة .
رابعا :
لو
استتر المصلي بكرسي ، أو طاولة ، أو نحو ذلك مما يكون خالي الجوف أجزأه .
روى
البخاري (507) ومسلم (502) عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْرِضُ رَاحِلَتَهُ وَهُوَ يُصَلِّي
إِلَيْهَا .
والراحلة هي الناقة التي تصلح أن يوضع عليها الرحل . ينظر “فتح الباري” (1/691) .
ومعلوم أن الراحلة هي مثل الكرسي ونحوه ، أن له قوائم من جوانبه ، وليس مصمتا من
جميع نواحيه .
قال
ابن باز رحمه الله :
”
السنة أن تكون السترة شيئا قائما مثل مؤخرة الرحل أو أكثر من ذلك كالجدار والعمود
والكرسي ونحو ذلك ” انتهى .
“مجموع فتاوى ابن باز” (11 / 101) . وينظر: “فتاوى الشيخ ابن جبرين” (13 / 32) .
والله تعالى أعلم .
وينظر جواب السؤال رقم : (145200)
.
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة