تنزيل
0 / 0

حكم الانصراف بعد صلاة الفرض جماعة مباشرة

السؤال: 147965

أتساءل عمن يقوم مسرعا بعد أن يتم صلاة الفرض ، فقد ذكر أحدهم قبل ذلك رواية يقول فيها : أن صحابيا قام بعد صلاته مباشرة ، فجذبه عمر بن الخطاب من ذراعه ، وقال له : ألا تقول : اللهم أنت السلام ومنك السلام .
فهل هذه الرواية صحيحة ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

لا
حرج على المصلي أن يقوم من موضعه بعد صلاته مباشرة ، ويأتي بالأذكار التي تقال بعد
الصلاة وهو في طريقه .

غير
أن الأفضل أن يجلس في مصلاه الذي فيه ، ويطيل ذلك الجلوس إذا استطاع حتى يطول وقت
استغفار ودعاء الملائكة له .

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال : (الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ
فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ ، مَا لَمْ يُحْدِثْ ، تَقُولُ : اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لَهُ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ) رواه البخاري (445) ومسلم (649) .

وقد
بوب عليه الإمام البيهقي رحمه الله بقوله :

“باب الترغيب في مكث المصلي في مصلاه لإطالة ذكر الله تعالى في نفسه” انتهى .

“السنن الكبرى” (2/185) .

ولأن هذا الجلوس يكون عونا له على الإتيان بالأذكار ، ولعله إن قام شغله أحدٌ
بالكلام أو غير ذلك .

فعن
ابن جريج قال : قلت لعطاء : أحب إليك أن لا تقوم حتى تفرغ من تسبيحك ؟

قال
: نعم .

قلت
: لم ؟

قال
: لأنهم يقولون : لا تزال الملائكة تصلي على المرء ما لم يقم من مصلاه الذي صلى فيه
ما لم يحدث .

قال
: وإني لأحب أن يكون ذلك في دبر المكتوبة .

قلت
: أتستحب أن لا تتكلم حتى تفرغ منه ؟

قال
: نعم والله ! ولكن ما يدعوننا .

رواه عبد الرزاق في ” المصنف ” (2/239)

وأيضاً : حتى
تكون هناك فرصة للنساء ـ إن كان في المسجد نساء ـ أن يخرجن من المسجد قبل خروج
الرجال ، حتى لا يحصل
اختلاط بين الرجال والنساء على أبواب المسجد ، وفي الطريق .

فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي
تَسْلِيمَهُ ، وَيَمْكُثُ هُوَ فِي مَقَامِهِ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ . قَالَ
: نَرَى – وَاللَّهُ أَعْلَمُ – أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِكَيْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ
قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الرِّجَالِ) رواه البخاري (875) .

قال
الإمام الشافعي :

“وأستحب أن يذكر الإمامُ الله شيئاً في مجلسه قدر ما يتقدم من انصرف من النساء
قليلا كما قالت أم سلمة ثم يقوم ، وإن قام قبل ذلك أو جلس أطول من ذلك : فلا شيء
عليه ، وللمأموم أن ينصرف إذا قضى الإمامُ السلامَ قبل قيام الإمام ، وأن يؤخر ذلك
حتى ينصرف بعد انصراف الإمام أو معه أحب إلي له” انتهى .

“الأم” (1/127) .

ثانيا :

أما
الأثر الوارد في السؤال فلم نقف عليه ـ بعد البحث ـ ، وإنما وقفنا على ما لعله قريب
منه ، وهو ما يرويه الْأَزْرَقُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ : صَلَّى بِنَا إِمَامٌ لَنَا
يُكْنَى أَبَا رِمْثَةَ ، فَقَالَ :

(صَلَّيْتُ هَذِهِ الصَّلَاةَ أَوْ مِثْلَ هَذِهِ الصَّلَاةِ مَعَ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ
يَقُومَانِ فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ عَنْ يَمِينِهِ ، وَكَانَ رَجُلٌ قَدْ شَهِدَ
التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى مِنْ الصَّلَاةِ ، فَصَلَّى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ ،
حَتَّى رَأَيْنَا بَيَاضَ خَدَّيْهِ ، ثُمَّ انْفَتَلَ كَانْفِتَالِ أَبِي رِمْثَةَ
يَعْنِي نَفْسَهُ ، فَقَامَ الرَّجُلُ الَّذِي أَدْرَكَ مَعَهُ التَّكْبِيرَةَ
الْأُولَى مِنْ الصَّلَاةِ يَشْفَعُ – يعني يصلي النافلة -، فَوَثَبَ إِلَيْهِ
عُمَرُ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِهِ فَهَزَّهُ ثُمَّ قَالَ : اجْلِسْ ، فَإِنَّهُ لَمْ
يُهْلِكْ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ صَلَوَاتِهِمْ
فَصْلٌ ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَرَهُ فَقَالَ
: أَصَابَ اللَّهُ بِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ) رواه أبو داود (1007) ، وكان الشيخ
الألباني قد ضعفه ، ثم تراجع فصححه في “صحيح أبي داود /النسخة الأم المطولة”
(4/161) وفي “السلسلة الصحيحة” (3173) .

ولكن إنكار عمر هنا ليس من أجل القيام عقب الصلاة مباشرة ، بل من أجل وصل صلاة
الفريضة بصلاة النافلة ، فإن فصل بينهما بالأذكار التي تقال بعد الصلاة أو بشيء من
كلام الناس فلا حرج في ذلك .

والله أعلم .

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android