0 / 0
61,10101/03/2010

كيف يكون الاحتفال بالعيد؟

السؤال: 148039

أرجو أن تسدوني النصح حول كيفية احتفال الأسرة بالعيد (ومع خالص احترامي فأرجو ألا تذكروا " لا تفعلوا أيّاً من المحرمات كالذهاب إلى الأماكن المختلطة والسينمات …إلخ " فهذه الأمور لن يتم فعلها ) هل بوسعكم تقديم أمثلة على النحو الذي يجب أن يكون عليه العيد عند المؤمنين ؟ وما هي الأنشطة التي يجب أن يشاركوا فيها ؟ وهل يجوز للزوج والزوجة الخروج معاً وتناول وجبة لذيذة في أحد الأماكن ؟ وكيف يحتفل علماء الدين بيوم العيد ؟ .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أيام العيدين أيام فرح وسرور ، وقد اختصت هذه الأيام ببعض العبادات ، والآداب ، والعادات ، فمن ذلك :

1. الاغتسال :

وقد صح ذلك عن بعض الصحابة .

فسأل رجلٌ عليّاً رضي الله عنه عن الغسل قال : اغتسل كل يوم إن شئت ، فقال : "لا ، الغسل الذي هو الغسل" ، قال : "يوم الجمعة ، ويوم عرفة ، ويوم النحر ، ويوم الفطر" .

رواه الشافعي في " مسنده " (ص 385) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1/176) .

2. لبس ثياب جديدة يتجمل بها .

فعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : أَخَذَ عُمَرُ رضي الله عنه جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ) رواه البخاري (906) ومسلم (2068) .

الخلاق : الحظ والنصيب .

وبوب عليه البخاري بقوله : " باب في العيدين والتجمل فيهما " .

وقال ابن قدامة رحمه الله :

وهذا يدل على أن التجمل عندهم في هذه المواضع كان مشهوراً .

" المغني " ( 2 / 370 ) .

وقال ابن رجب الحنبلي رحمه الله :

وقد دل هذا الحديث على التجمل للعيد ، وأنه كان معتادا بينهم  .

" فتح الباري " لابن رجب ( 6 / 67 ) .

وقال الشوكاني رحمه الله :

ووجه الاستدلال بهذا الحديث على مشروعية التجمل للعيد : تقريره صلى الله عليه وسلم لعمر على أصل التجمل للعيد ، وقصر الإنكار على من لبس مثل تلك الحلة لكونها كانت حريراً .

" نيل الأوطار " ( 3 / 284 ) .

وعلى هذا جرى عمل الناس ، من لدن الصحابة رضي الله عنهم إلى عصرنا هذا .

قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله :

وخرج البيهقي بإسناد صحيح عن نافع أن ابن عمر كان يلبس في العيدين أحسن ثيابه  .

وقال أيضاً :

وهذا التزين في العيد يستوي فيه الخارج إلى الصلاة، والجالس في بيته ، حتى النساء ، والأطفال.

" فتح الباري " لابن رجب (6/68 ، 72) .

وقال بعض أهل العلم : إن من كان معتكفاً يخرج للعيد بثياب اعتكافه ، وهو قول مرجوح .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

السنَّة في العيد أن يتجمل سواء كان معتكفاً أم غير معتكف .

" أسئلة وأجوبة في صلاة العيدين " ( ص 10 ) .

3. التطيب بأحسن الطيب .

وقد صح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه " كان يتطيب يوم الفطر " ، كما في " أحكام العيدين " للفريابي ( ص 83 ) .

وقال ابن رجب الحنبلي رحمه الله :

وقال مالك : سمعت أهل العلم يستحبون الزينة والطيب في كل عيد  .

واستحبه الشافعي  .

" فتح الباري " لابن رجب ( 6 / 68 ) .

وهذا التزين والتطيب إنما يكون من النساء في بيوتهن ، أمام أزوزاجهن ونساتئهن ومحارمهن .

جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 31 / 116 ) :

ويستوي في استحباب تحسين الثياب والتنظيف والتطيب وإزالة الشعر والرائحة الكريهة : الخارج إلى الصلاة ، والقاعد في بيته ؛ لأنه يوم الزينة فاستووا فيه ، وهذا في حق غير النساء  .

وأما النساء إذا خرجن : فإنهن لا يتزين ، بل يخرجن في ثياب البذلة ، ولا يلبسن الحسن من الثياب ، ولا يتطيبن ؛ لخوف الافتتان بهن ، وكذلك المرأة العجوز ، وغير ذوات الهيئة ، يجري ذلك في حكمها ، ولا يخالطن الرجال بل يكن في ناحية منهم . انتهى.

4. التكبير .

يسنُّ التكبير في عيد الفطر : من رؤية الهلال ؛ لقوله تعالى : (وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) ، وإكمال العدة يكون بإتمام الصيام ، وانتهاؤه : إذا خرج الإمام للخطبة .

وفي الأضحى : يبتدئ التكبير من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق ، وهو الثالث عشر من ذي الحجة .

5. الزيارات .

ولا حرج في العيد من زيارة الأقارب والجيران والأصدقاء ، قد اعتاد الناس ذلك في الأعياد .

وقيل إن ذلك من حكَم تغيير الطريق في الرجوع من مصلى العيد .

فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى استحباب الذهاب إلى صلاة العيد في طريق، والرجوع في طريق آخر ، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق) . رواه البخاري ( 943 ) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الحكَم من ذلك :

وقيل : ليزور أقاربه الأحياء والأموات ، وقيل : ليصل رحمه .

" فتح الباري " ( 2 / 473 ) .

6. التهنئة :

وتكون بأي لفظ مباح ، وأفضلها : " تقبل الله منا ومنكم " ، لأن هذا هو الوارد عن الصحابة رضي الله عنهم .

فعن جبير بن نفير قال : كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنك . وحسَّن الحافظ إسناده في " فتح الباري " ( 2 / 517 ) .

وسئل مالك رحمه الله : أيُكره للرجل أن يقول لأخيه إذا انصرف من العيد : تقبل الله منا ومنك ، وغفر الله لنا ولك ، ويرد عليه أخوه مثل ذلك ؟ قال : لا يكره .

" المنتقى شرح الموطأ " ( 1 / 322 ) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

التهنئة يوم العيد يقول بعضهم لبعض إذا لقيه بعد صلاة العيد : " تقبل الله منا ومنكم " ، و " أحاله الله عليك " ، ونحو ذلك ، فهذا قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه ، ورخص فيه الأئمة كأحمد وغيره ، لكن قال أحمد : أنا لا أبتدئ أحداً ، فإن ابتدرني أحدٌ أجبته ؛ وذلك لأن جواب التحية واجب .

وأما الابتداء بالتهنئة : فليس سنَّة مأموراً بها ، ولا هو أيضاً مما نُهي عنه ، فمن فعله فله قدوة ، ومن تركه فله قدوة .

" مجموع الفتاوى " ( 24 / 253 ) .

7. التوسعة في الطعام والشراب .

لا حرج من التوسعة في الطعام والشراب وأكل الطيب من الطعام ، سواء كان ذلك في البيت أو في مطعم خارج البيت ، غير أنه لا يجوز أن يكون ذلك في مطعم تدار فيه كؤوس الخمور ، ولا مطعم تصدح الموسيقى في أرجائه ، أو يرى فيه الرجال الأجانب النساء .

وقد يكون من الأفضل في بعض البلاد : الخروج إلى رحلة برية أو بحرية حتى يبتعدوا عن الأماكن التي يختلط فيها النساء بالرجال اختلاطاً مستهتراً ، أو تعج بالمخالفات الشرعية .

وعَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ ) رواه مسلم ( 1141 ) .

8. اللهو المباح .

لا مانع من أخذ الأسرة في رحلة برية أو بحرية ، أو زيارة أماكن جميلة ، أو الذهاب إلى مكان فيه ألعاب مباحة ، كما لا مانع من الاستماع للأناشيد الخالية من المعازف .

فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ ، وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ : "مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ؟" فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ : (دَعْهُمَا) فَلَمَّا غَفَلَ ، غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا ، وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ ، فَإِمَّا سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَإِمَّا قَالَ : (تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ) فَقُلْتُ : نَعَمْ ، فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ خَدِّي عَلَى خَدِّهِ ، وَهُوَ يَقُولُ : (دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ) حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ قَالَ : (حَسْبُكِ ؟) قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : (فَاذْهَبِي) . رواه البخاري (907) ومسلم (829) .

وفي رواية : عن عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ : (لَتَعْلَمُ يَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً ، إِنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ) . "مسند أحمد" (50/366) وحسَّنه المحققون وجوَّد الألباني إسناده في "السلسلة الصحيحة" (4/443) .

وبوَّب عليه النووي رحمه الله بقوله : "بَاب الرُّخْصَةِ فِي اللَّعِبِ الَّذِي لَا مَعْصِيَةَ فِيهِ فِي أَيَّامِ الْعِيدِ".

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

وفي هذا الحديث من الفوائد : مشروعية التوسعة على العيال في أيام الأعياد بأنواع ما يحصل لهم بسط النفس ، وترويح البدن من كلف العبادة ، وأن الإعراض عن ذلك أولى .

وفيه : أن إظهار السرور في الأعياد من شعائر الدين .

" فتح الباري " ( 2 / 514 ) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

ويفعل في هذا العيد أيضاً أن الناس يتبادلون الهدايا يعني يصنعون الطعام ويدعو بعضهم بعضاً ، ويجتمعون ويفرحون ، وهذه عادة لا بأس بها ؛ لأنها أيام عيد ، حتى إن أبا بكر رضي الله عنه لما دخل على بيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وذكر الحديث – .

وفي هذا دليل على أن الشرع – ولله الحمد – من تيسيره وتسهيله على العباد : أن فتح لهم شيئاً من الفرح والسرور في أيام العيد .

" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 16 / 276 ) .

وفي " الموسوعة الفقهية " ( 14 / 166 ) :

تتأكد مشروعية التوسعة على العيال في أيام الأعياد بأنواع ما يحصل به لهم بسط النفس ، وترويح البدن من كلف العبادة ، كما أن إظهار السرور في الأعياد شعار هذا الدين ، واللعب والزفن في أيام العيدين مباح ، في المسجد وغيره ، إذا كان على النحو الوارد في حديث عائشة رضي الله عنها في لعب الحبشة بالسلاح . انتهى .

وفي جواب السؤال رقم (36856) ذكرنا بعض الأخطاء التي تقع في العيد ، فلينظر .

ونسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح أعمالنا ، وأن يهدينا وإياكم لما فيه الخير لديننا ودنيانا.

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android