0 / 0
120,36404/05/2010

إخفاء العمل الصالح ، والفرح بثناء الناس على صاحبه ؟

السؤال: 148158

سؤال يسبب لي المتاعب : في بعض الأحيان يغلب على ظني أن الناس سيثنون علي إذا أخبرتهم بعمل من الأعمال الصالحة "من باب شكر الله عز و جل" ؛ فهل أخبرهم به ، وهل علي شيء إذا كنت ممن يفرح بثنائهم علي؟ وكيف نوفق بين الأدلة التي تحث على إخفاء العمل ، وبين التحديث بنعمة الله التي أهمها نعمة العمل الصالح ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

التحدث بنعمة الله تعالى من دواعي شكرها ، ومن إقرار المسلم بفضل الله عليه ، قال الله تعالى : ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) الضحى / 11.

قال السعدي رحمه الله :

" وهذا يشمل النعم الدينية والدنيوية ( فَحَدِّثْ ) أي : أثن على الله بها ، وخصصها بالذكر إن كان هناك مصلحة ، وإلا فحدث بنعم الله على الإطلاق ، فإن التحدث بنعمة الله ، داع لشكرها ، وموجب لتحبيب القلوب إلى من أنعم بها ، فإن القلوب مجبولة على محبة المحسن " انتهى .

"تفسير السعدي" (ص928) .

وقال ابن كثير رحمه الله :

" قوله : ( وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُم ) فيه دلالة على أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها ؛ لأنه أبعد عن الرياء ، إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة ، من اقتداء الناس به ، فيكون أفضل من هذه الحيثية ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة والمُسِر بالقرآن كالمُسِر بالصدقة " 

والأصل أن الإسرار أفضل ، لهذه الآية … " انتهى .

"تفسير ابن كثير" (1/701)

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" الذي يتحدث عن نفسه بفعل الطاعات لا يخلو من حالين :

الحال الأولى : أن يكون الحامل له على ذلك تزكية نفسه وإدلاله بعمله على ربه ، وهذا أمر خطير قد يؤدي إلى بطلان عمله وحبوطه ، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عباده عن تزكية نفوسهم فقال تعالى : (فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) .

الحال الثانية : أن يكون الحامل له على ذلك التحدث بنعمة الله سبحانه وتعالى ، وأن يتخذ من هذا الإخبار عن نفسه سبيلاً إلى أن يقتدي به نظراؤه وأشكاله من بني جنسه ، وهذا قصد محمود ؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول : ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ) "

انتهى من "نور على الدرب" (12/ 30) .  

قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله :

" جَاءَ آثَارٌ بِفَضِيلَةِ الْجَهْرِ بِالْقُرْآنِ ، وَآثَارٌ بِفَضِيلَةِ الْإِسْرَارِ بِهِ وَالْجَمْعُ بِأَنْ يُقَالَ : الْإِسْرَارُ أَفْضَلُ لِمَنْ يَخَافُ الرِّيَاءَ ، وَالْجَهْرُ أَفْضَلُ لِمَنْ لَا يَخَافُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُؤْذِيَ غَيْرَهُ مِنْ مُصَلٍّ أَوْ نَائِمٍ أَوْ غَيْرِهِمَا ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْجَهْرِ يَتَعَدَّى نَفْعُهُ إِلَى غَيْرِهِ أَيْ مِنْ اِسْتِمَاعٍ أَوْ تَعَلُّمٍ أَوْ ذَوْقٍ أَوْ كَوْنِهِ شِعَارًا لِلدِّينِ ، وَلِأَنَّهُ يُوقِظُ قَلْبَ الْقَارِئِ وَيَجْمَعُ هَمَّهُ وَيَطْرُدُ النَّوْمَ عَنْهُ وَيُنَشِّطُ غَيْرَهُ لِلْعِبَادَةِ . فَمَتَى حَضَرَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ النِّيَّاتِ فَالْجَهْرُ أَفْضَلُ " انتهى من "تحفة الأحوذي" (8/191)

وعليه :

فإذا كان التحدث بنعمة الله من باب نسبة الفضل إلى الله تعالى ، والإقرار بمنته على عبده ، وأنه الجواد الكريم ، أو كان ليقتدي بالإنسان غيره في فعل الخير ، حتى يكون له أجره وأجر من اقتدى به : فهذا مستحب مشروع .

وإن كان من باب تزكية النفس ، أو نسبة الفضل إليها ، أو المراءاة وتسميع الناس بالعمل ، وكسب الجاه والمنزلة  بما له من الطاعات ، ونحو ذلك : فهذا أمر مذموم مقبوح .

وينظر: جواب السؤال رقم : (137984) .

ثانيا :

إذا تحدث العبد بنعمة الله عليه على الوجه المشروع ، فأحسن الناس الثناء عليه فأعجبه ذلك ، ولم يخالط ذلك في قلبه طلب الرياء والسمعة ، فهو من عاجل بشرى المؤمن .

وعاجل بشرى المؤمن أن يعمل المؤمن العمل الصالح ، يرجو به وجه الله ، فيطلع الناس عليه من غير تعمد منه لإظهار ذلك ، أو مراءاة الناس به ، فيثنوا عليه خيرا ، فيعجبه ذلك .

روى مسلم (2642) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنْ الْخَيْرِ وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ ؟ قَالَ : ( تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ )

وينظر جواب السؤال رقم : (145731) .

ولمعرفة أنواع دخول الرياء على العبادة ينظر جواب السؤال رقم : (9359) .

وينظر أيضا : يراجع جواب السؤال رقم : (6356) ، (135634)  

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android