0 / 0
15,83702/06/2010

مقطع فيديو لمحتضر مصوَّر بالأشعة هل يجوز نشره ؟

السؤال: 148207

يوجد مقطع فيديو يظهر فيه لحظة نزع روح إنسان ، حيث تم التصوير باستخدام الأشعة ، والأشعة تبين أماكن الحرارة والبرودة ، إذ أن جسم الإنسان يبرد بعد نزع الروح .
فاللهم إنّا نسألك حسن الخاتمة .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:

لا نستطيع الجزم بصحة المقطع من حيث الواقع ، فلا نعلم عن مصدره شيئاً ، ومرجع معرفة ذلك والجزم به إلى أهل الاختصاص من أهل الطب ، لكننا نجزم أن ما صوِّر ليس هو الروح كما يسوِّقه بعض ناشري ذلك المقطع ؛ لأن الروح لا تُعرف كنهها ولا حقيقتها ، فمِن أين لهذا القائل أن يجزم بأن هذا تصوير لروح ذلك الشخص ؟! نعم يمكن الجزم بأن هذا هو حال البدن حين الوفاة ، لكن لا تُنسب تلك الصور أنها للروح .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :

والروح لا نستطيع أن نعرف كنهها وحقيقتها ومادتها ، أما الجسد : فأصله من التراب ، ثم في أرحام النساء من النطفة ، لكن الروح لا نعرف من أي جوهر هي ؟ ولا من أي مادة ( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ) الإسراء/ 85 .

” لقاءات الباب المفتوح ” ( مقدمة اللقاء 82 ) .

ثانياً:

الوعظ بالموت ونهاية الحياة والقبر من أساليب الدعوة الشرعية ، فقد جاء في الكتاب والسنَّة ما يدل على هذا الأسلوب في الوعظ عموماً ، وفيما ذكرناه خصوصاً ، ومن الأدلة في ذلك :

1. قوله تعالى ( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) النحل/ 125 .

2. وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : وَعَظَنَا رَسُولُ الَّلهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم مَوعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَت مِنهَا العُيونُ وَوَجِلَت مِنهَا القُلوبُ ) .

رواه الترمذي (2676) وقال : حسن صحيح ، وأبو داود ( 4607 ) ، وابن ماجه ( 42 ) ، وصححه الألباني في ” صحيح الترمذي ” .

ومن حكَم تشريع زيارة القبور ” التذكير بالآخرة ” ، وقد وعظ النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على قبر.

قال القرطبي – رحمه الله – :

قال العلماء : ينبغي لمن أراد علاج قلبه وانقياده بسلاسل القهر إلى طاعة ربه : أن يُكثر من ذكر هاذم اللذات ، ومفرِّق الجماعات ، وموتم البنين والبنات ، ويواظب على مشاهدة المحتضَرين ، وزيارة قبور أموات المسلمين ، فهذه ثلاثة أمور ، ينبغي لمن قسا قلبه ، ولزمه ذنبه ، أن يستعين بها على دواء دائه ، ويستصرخ بها على فتن الشيطان وأعوانه ؛ فإن انتفع بالإكثار من ذكر الموت ، وانجلت به قساوة قلبه : فذاك ، وإن عظم عليه ران قلبه ، واستحكمت فيه دواعي الذنب : فإن مشاهدة المحتضرين ، وزيارة قبور أموات المسلمين ، تبلغ في دفع ذلك ما لا يبلغه الأول ؛ لأن ذكر الموت إخبار للقلب بما إليه المصير ، وقائم له مقام التخويف والتحذير ، وفي مشاهدة من احتُضر ، وزيارة قبر من مات من المسلمين : معاينة ومشاهدة ؛ فلذلك كان أبلغ من الأول ؛ قال صلى الله عليه وسلم : ( ليس الخبر كالمعاينة” – رواه أحمد ( 3 / 341 ) بسند جيِّد – رواه ابن عباس ، فأما الاعتبار بحال المحتضرين فغير ممكن في كل الأوقات ، وقد لا يتفق لمن أراد علاج قلبه في ساعة من الساعات ، وأما زيارة القبور : فوجودها أسرع ، والانتفاع بها أليق وأجدر … .

فليتأمل الزائر حال من مضى من إخوانه ، ودرج من أقرانه الذين بلغوا الآمال ، وجمعوا الأموال كيف انقطعت آمالهم ، ولم تغنِ عنهم أموالهم ، ومحا التراب محاسن وجوههم ، وافترقت في القبور أجزاؤهم ، وترمل من بعدهم نساؤهم ، وشمل ذل اليتم أولادهم ، واقتسم غيرهم طريفهم وتلادهم ، وليتذكر ترددهم في المآرب ، وحرصهم على نيل المطالب ، وانخداعهم لمواتاة الأسباب ، وركونهم إلى الصحة والشباب ، وليعلم أن ميله إلى اللهو واللعب كميلهم ، وغفلته عما بين يديه من الموت الفظيع ، والهلاك السريع ، كغفلتهم ، وأنه لا بد صائر إلى مصيرهم ، وليحضر بقلبه ذكر من كان مترددا في أغراضه ، وكيف تهدمت رجلاه ، وكان يتلذذ بالنظر إلى ما خوله وقد سالت عيناه ، ويصول ببلاغة نطقه وقد أكل الدود لسانه ، ويضحك لمواتاة دهره وقد أبلى التراب أسنانه ، وليتحقق أن حاله كحاله ، ومآله كمآله .

وعند هذا التذكر والاعتبار تزول عنه جميع الأغيار الدنيوية ، ويقبل على الأعمال الأخروية ، فيزهد في دنياه ، ويقبل على طاعة مولاه ، ويلين قلبه ، وتخشع جوارحه .

” تفسير القرطبي ” ( 20 / 171 ، 172 ) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android