هل يجوز العناية بالمقابر وتزيينها وتحسين منظرها؟
السؤال: 148439
هناك طائفة من الناس يريدون تزيين المقابر ووضع طرقات داخلية بها وتحسين مظهرها لكي يستطيع ذوو الاحتياجات الخاصة ( المعاقين ) دخول المقبرة بسهولة ، وكذلك الأطفال . فما الحكم الشرعي في هذا الأمر ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا
شك أن العناية بالمقابر والمحافظة عليها لحرمة أهلها من الأمور المشروعة ، ولكن
بالقدر الذي يصونها ، وتحصل العناية به ، دون أن يتعدى ذلك إلى مخالفة شرعية من نحو
تعظيمها وتزيينها وإنفاق مال في غير وجهه ، لبناء أو تجصيص أو دهان ونحو ذلك .
والمشروع إبقاء القبور على حالها ؛ لأنه بذلك تحصل التذكرة عند زيارتها ، وتنتفي
أسباب تعظيمها والمغالاة فيها وفي أصحابها .
ولا
بأس بحمايتها بسور يحيط بها ، كما أنه لا بأس بإنارته ، وعمل اللازم لتنظيف المقابر
، وعمل ممرات بينها ، دون أن يدعو ذلك إلى إسراف في الأموال وإنفاق بغير حق ، ودون
مغالاة ، فتُهيأ الممرات بين القبور بلا رصف ، ولا تستخدم الأنوار فيها إلا لحاجة
الدفن وقت اللزوم ، ويُنهى القائمون عليها عن تشجيرها وتزيينها والعناية بها فوق
القدر المطلوب لمصلحة الدفن والحفاظ عليها من العبث والإهمال .
كل
ذلك صونا لجناب التوحيد ، وسدا لذريعة الشرك ، ومراعاة لحرمة موتى المسلمين ،
وحفاظا على هيئة المقابر التي بها تحصل الموعظة ويحصل التذكير الذي شرعت زيارتها من
أجله .
قال
الشوكاني رحمه الله في “الدراري المضية” (2 / 301) :
”
الوقف على القبور إن كان لرفعها أو تزيينها فلا شك في بطلانه ، وأشد من ذلك ما يجلب
الفتنة على زائرها كوضع الستور الفائقة والأحجار النفيسة ونحو ذلك ؛ فإن هذا مما
يوجب أن يعظم صاحب ذلك القبر في صدر زائره من العوام فيعتقد فيه ما لا يجوز ” .
انتهى .
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
”
بناء ما قد تهدم من سور المقبرة من الجهات المؤدية إلى أطرافها ، مع عمل الأبواب
اللازمة لحجرها ، وإقامة حارس للمراقبة ، وإتمام ما يجب نحو تنظيفها ، وعمل ممر بين
المقابر ، فكل ذلك لا باس به .
أما
تشجير المقبرة فهو لا يجوز ، وفيه تشبه بعمل النصارى الذين يجعلون مقابرهم أشبه ما
تكون بالحدائق ، فيجب إزالتها ، وإزالة صنابير الماء التي وضعت لسقيها ، ويبقى من
الصنابير ما يحتاج إليه للشرب وتليين التربة .
وأما إضاءة المقبرة فيخشى أن يجر ذلك إلى إسراج القبور الذي لعن رسول الله صلى الله
عليه وسلم فاعله ، ولا سيما ونفوس الجهال تتعلق كثيراً بالخرافات ، فتزال هذه
الأنوار سداً للذريعة ” انتهى .
“فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم” (3 / 161)
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
“على كل من له قدرة أن يساهم في إزالة هذه الأبنية والقباب والمساجد التي بنيت على
القبور ، وأن تبقى القبور مكشوفة مثل القبور في البقيع في عهد النبي صلى الله عليه
وسلم وفي عهدنا الآن في المدينة ، القبور مكشوفة ليس عليها بناء لا مسجد ولا حجرة
ولا قبة ولا غير ذلك ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن البناء على القبور
واتخاذ مساجد عليها وتجصيصها ؛ لأن هذا وسيلة إلى أن يغلى فيها وإلى أن تعبد مع
الله .
وهكذا لا يهدى إليها نقودا ولا ذبائح ولا ملابس ، ولا يوضع لها سدنة ، ولكن تسور
القبور ، فإذا سورت أطراف المقبرة كلها بسور ، حتى لا تمتهن ، وحتى لا تتخذ طرقا
للدواب : فلا بأس ” انتهى ملخصا من “فتاوى نور على الدرب” (1 / 271-272)
وسئل رحمه الله :
هل
يجوز إضاءة المقابر والطرق التي بين القبور ؟ .
فأجاب : ” إذا كان لمصلحة الناس عند الدفن ، أو كان في السور فلا بأس ، أما وضع
السرج والأنوار على القبور فلا يجوز ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم : لعن
زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج . وإذا كانت الإضاءة في الشارع الذي
يمر بقربها فلا بأس ، وإذا وضع لمبة عند الحاجة تضيء لهم عند الدفن ، أو أتوا بسراج
معهم لهذا الغرض : فلا بأس ” انتهى من “مجموع فتاوى ابن باز” (13 / 244-245)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
”
المقبرة دور الأموات ، ليست دوراً للأحياء حتى تزين وتشيد ويصب عليها الإسمنت ويكتب
عليها الكلمات الرثائية والتأبينية ، وإنما هي دار أموات يجب أن تبقى على ما هي
عليه حتى يتعظ بها من يمر بها ، وقد ثبت في الصحيح من حديث بريدة رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم
الآخرة ) .
وإذا فتحنا الباب للناس ليقوموا بتزيين القبور وتشييدها والكتابة عليها صارت
المقابر محلاً للمباهاة ، ولم تكن موضع اعتبارٍ للأحياء ، ولهذا ثبت عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه نهى أن يجصص القبر وأن يبنى عليه وأن يكتب عليه وأن يجلس عليه ،
فنهى صلى الله عليه وسلم عن الأمور التي يكون فيها المغالاة في القبور من البناء
والكتابة ونحوها ، وعن الأمور التي فيها الإهانة للقبور وأصحابها ، فنهى عن الجلوس
على القبر ” انتهى .
“فتاوى نور على الدرب” (196 / 34)
وينظر إجابة السؤال رقم (126400)
لبيان العناية الجائزة بالقبور والعناية المحرمة .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة